رفض قيادي بجماعة الإخوان المسلمين دعوة الدكتور محمد سليم العوا الأمين العام لاتحاد علماء المسلمين للجماعة بترك العمل السياسي، والتفرغ للتربية والعمل الاجتماعي، مبررًا ذلك بأن ممارسة السياسة لا غنى عنها لمكافحة الظلم والفساد ولتحقيق الإصلاح المنشود في المجتمع، وأن عملية التربية تحمل بُعْدًا سياسيًّا ولا تعني انكفاء على الذات. وقال الدكتور عصام العريان في تصريح ل"إسلام أون لاين.نت" اليوم الأحد 10-6-2007: "إن ممارسة العمل السياسي لا غنى عنها لمكافحة الفساد والظلم ولتحقيق الإصلاح المنشود في المجتمع"، وتابع: "إذا كانت دعوة العوا تعني التوقف عن الترشيح والتصويت في العمليات الانتخابية فقط، فأنا أقول إن مقاومة الاستبداد يمكن أن تتم بصورة أفضل وأقوى من خلال المجالس النيابية". وردًّا على دعوته الجماعة للتخلي عن السلطة قال العريان: "كذلك أقول إن السلطة ليست هدفًا للإخوان، ولكن الهدف الأسمى الآن هو إصلاح الحياة بكافة مجالاتها، وإصلاح المجال السياسي بصورة أخص؛ لأنه المجال الذي تتخذ فيه القرارات التي تمس حياة المواطنين". وعن تفسيره لأسباب دعوة العوا قال العريان: "أنا أتصور أن د. العوا يؤلمه ما يحدث لشباب وقيادات الإخوان من محاكمات عسكرية، واعتقالات ومصادرة للأموال.. ولكني أقول إنه لا مقاومة للظلم والفساد، ولا تربية بدون تضحية.. ولا بد من دفع الثمن، وتلك سُنة قديمة". وتتعرض جماعة الإخوان لحملة تضييق أمني منذ إعلانها خوض انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية بالبرلمان) المقررة الإثنين 11-6-2007، حيث أسفرت عن اعتقال أكثر من 800 شخص من أفراد الجماعة؛ لرغبة السلطات في منع الجماعة من الحصول على المزيد من المكاسب الانتخابية، بحسب مراقبين. كما يمثل أمام محكمة عسكرية النائب الثاني لمرشد الجماعة، المهندس خيرت الشاطر و32 من قيادات وأعضاء الجماعة، بينهم عضو مكتب الإرشاد محمد علي بشر، ورجال أعمال بارزون. وكان العوا قد وجه دعوة لجماعة الإخوان المسلمين في حوار خاص مع "إسلام أون لاين.نت" لكي تتوقف "عن مباشرة الحقوق السياسية ترشيحًا وانتخابًا وتصويتًا، والتحول تمامًا عن العمل السياسي فيما يتعلق بممارسة السلطة أو الحصول على جزء من السلطة؛ إلى ممارسة العمل التوعوي والترشيدي، عن طريق إحياء روح النهضة في الجماهير، وإحياء روح مقاومة الظلم والاستبداد". وفي مطلع تعليقه على قول العوا إن التعديلات الدستورية الأخيرة لا تستهدف الإخوان بشكل خاص، قال العريان: "إن كلام العوا يحمل تناقضًا.. فإذا كان الإخوان ليسوا هدف التعديلات الدستورية.. فيجب أن يوجه د. العوا دعوته إلى كل الشعب المصري، وإلى كافة الأحزاب السياسية". وتطرق العريان إلى ما اعتبره إنجازات سياسية للجماعة بقوله: "أدعو كل من يسأل سؤال ماذا قدم الإخوان في مجلس الشعب (الغرفة الأولى بالبرلمان) إلى متابعة نشاطاتهم داخل المجلس وخارجه، ويمكن الاطلاع على قدر من ذلك في الموقع الإلكتروني الخاص بالكتلة البرلمانية". وفازت الجماعة في الانتخابات التشريعية عام 2005 ب88 مقعدًا في مجلس الشعب من بين إجمالي عدد مقاعد المجلس البالغ عددها 454 مقعدًا؛ وهو ما يجعلها أكبر كتلة برلمانية معارضة. وأقرَّ البرلمان المصري في مارس الماضي عددًا من التعديلات الدستورية من بينها الحظر على استعمال الرموز أو الشعارات الدينية في الدعاية الانتخابية، كما حظرت تلك التعديلات قيام أي حزب سياسي على أساس ديني، وخففت من قيود الترشح لانتخابات الرئاسة بالنسبة للأحزاب فقط دون المستقلين. ورأى المحللون أن هذه التعديلات استهدفت بالأساس منع جماعة الإخوان المسلمين -باعتبارها أكبر وأبرز قوى معارضة- من المشاركة السياسية وتقليص وجودها. بُعْد سياسي وفي ردّه على دعوة العوا الإخوان للتوجه لتربية النشء قال العريان: "إن دعوة التربية كما يفهمها د. العوا وكما يفهمها الإخوان أيضًا ليست دروشة ولا انكفاءً على الذات ولا تقوقعًا، وإنما تحمل بالضرورة بُعدًا سياسيًّا، خاصة إذا كان هدفها مقاومة الظلم والفساد والاستبداد". وأشار العريان إلى أن "النشاط السياسي للإخوان لا يمثل إلا قمة جبل الثلج وهي قمة قد لا تصل إلى 10% من مجمل نشاط الإخوان التربوي والخيري والاجتماعي والثقافي"، في إشارة إلى أن للإخوان قاعدة من العمل التربوي والاجتماعي. وتواجه أنشطة جماعة الإخوان المسلمين تحفظًا من بعض الجماعات والحركات الإسلامية، على أساس أنها تركز على العمل السياسي والحركي على حساب العملية التربوية لأفرادها، وهو التحفظ الذي ترفضه الجماعة. وتتبنى جماعة الإخوان التي تتمتع بأرضية شعبية كبيرة في المجتمع المصري منهجًا سلميًّا في عملها السياسي، لكنها تواجه تضييقًا من السلطات المصرية التي تصفها بجماعة "محظورة"، وتلقي القبض على أعداد من أعضائها وتوجه لهم تهم الانتماء لجماعة غير مشروعة، وحيازة منشورات تدعو لفكر الجماعة وعقد اجتماعات تنظيمية. ولذا يترشح أعضاء الجماعة ضمن فئة المستقلين في الانتخابات البرلمانية.