لقد تلقيت ببالغ السرور خبر انعقاد مؤتمركم الثامن , وانه لمن دواعي الفخر والاعتزاز أن يتمكن العشرات من الأطر السياسية المهجرة من الالتقاء من أجل البحث في قضايا وطنية كان من المفترض بحثها داخل التراب الوطني , غير أن انعدام أجواء الحرية وغياب الفضاء السياسي الديمقراطي وتقلص دولة القانون والمؤسسات الى مرتبة الشعاراتية جعل حزبكم لايتوانى عن التعاطي مع الشأن الوطني في الحد الأدنى المتاح ,برغم ماأصابه من ملاحقات ومطاردات كانت سببا في رهن جيل بأكمله الى ثقافة السجن والتعذيب والملاحقات والمنافي . أهنئكم وأهنئ شعب تونس بانعقاد أشغال هذه المحطة الوطنية في ظل الاصرار على طي صفحة الماضي والتنادي الى طلب المصالحة الوطنية العادلة والمتدرجة من أجل وضع بلدنا وشعبنا على طريق سالكة من الاصلاحات تتيح للتونسيين والتونسيات أجواء جديدة من التعايش والتسامح والصفح والبناء بعيدا عن منطق الصراع والاشتباك ولي الذراع الذي ساهم في احباط تجارب حركية وشعبية كثيرة في منطقتنا العربية والاسلامية . هذا ويشرفنا من موقعنا كرجال اعلام ومناضلين سياسيين تأذوا من خيارات سياسية فرضت على التونسيين والتونسيات منذ بداية التسعينات , أن نمد اليكم يد الخير والتعاون من أجل مستقبل أفضل لبلدنا وشعبنا وأمتنا ومنطقتنا , طاوين بذلك مرحلة من الخلاف اتسمت ببعض سوء الفهم نتيجة مماحكات واحتكاكات فرضتها صعوبة التواصل بين المناضلين التونسيين في مهاجرهم الشتى ... انها فرصة لضرب موعد جديد مع التاريخ من أجل اخراج بلدنا من حالة الاستقطاب الثنائي ووضع نخبنا وفعالياتنا مع حالة تصالحية غير مسبوقة , تعيد للحرية معناها وللسجين كرامته وللمنفيين شيئا من اعتبارهم الوطني و للتونسيين جميعا الأمل في دولة شامخة تعيش مناخا من الوئام بعيدا عن منطق تصفية الحسابات والانتقام للذات والاصرار على تجريم هذا الطرف أو ذاك ... مرة أخرى انها دعوة للتجاوز العادل والهادف الى تتويج فضائنا السياسي بحالة سياسية أرقى تنشد العفو التشريعي العام , والانفتاح على المجتمع وهياكل الدولة وكل قوى الاصلاح من أجل عزل أسباب الانهيار والتردي الحقوقي والسياسي الذي عرفته تونس منذ مالايقل عن عقد ونصف , كما أنها دعوة كريمة لهذا الجسم الوطني من أجل تجذير قيم الوسطية الاسلامية والتسامح والاعتدال من أجل تجنيب بلدنا نار التنطع والارهاب مهما كانت منطلقاته أو أسبابه الاجتماعية أوالسياسية... أحييكم مرة أخرى وأحيي معكم ومن ورائكم كل سجناء الرأي وسائر المنفيين على خلفية ارائهم السياسية , وأهنئ شعبنا الكريم ووطننا بهذا الانجاز السياسي الذي نتمنى له أن يكون منعرجا في الحياة الوطنية وهياكلها السياسية الرسمية والمعارضة . وفقكم الله تعالى الى كل خير وجعل الله تونس وشعبها والمنطقة والأمة على طريق الصلاح والاصلاح .