الصين الحديثة تتقدم بين الشيوعية و الرأسمالية.فها هوباركلايس يعلن أن بنك الصين للتنمية، أحد الأذرعة المالية لبكين دخل في رأسماله.وبذلك، أصبح الحزب الشيوعي الصيني مستثمرا في الزهرة المالية الدولية. إن الرمز مؤثروكاشف للدور الجديد الذي تريد الصين أن تلعبه على الصعيد الاقتصادي.قبل بضعة أيام،تم تعميم على أجهزة الإعلام أن النمو الصيني بلغ أكثر من 11%، وبهذه الوضعية تجاوزت الصين فرنسا وبريطانيا ، وأزاحت ألمانيا، لكي تصبح القوة الاقتصادية العالمية الثالثة، خلف الولاياتالمتحدة الأميركية واليابان. وقدتجاوز الناتج المحلي الإجمالي للصين هذه السنة 3100 مليار دولار( 2246 مليار يورو) مقابل أقل من 3000مليار دولار لألمانيا . الخطر الرئيس الذي يواجه الاقتصادالصيني اليوم ، يكمن في النموالمفرط . وإذا تمعننا في أرقام النموالمنشورة في 19 يوليو ، للنصف الأول من سنة 2007 ، فإن بكين ستضغط بقوة على دواسة الفرملة. الماكينة الاقتصادية مستمرة في الدوران وفق نظام العمل بالكامل :فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي بنحو 11,5% للنصف الأول من هذه السنة، وفضلا عن ذلك ، ارتفع معدل النمو إلى 11،9%، خلال الثلاثة أشهر الثانية من السنة ، و هو الأهم منذ إثنتي عشر سنة.وارتفعت الإستثمارات من الرأسمال الثابت بنحو 25،9% طيلة الفترة عينها، بينما ظل التضخم منسجما أكثر مما كنا نتخوف منه بمعدل 3،2% في النصف الأول من السنة، وحتى 4،4% في يونيو. والحكومة الصينية الموزعة بين الضرورة الاجتماعية و السياسية و بين تجنب مخاطر الإفراط في النمو ، اتخذت عدة إجراءات هذه السنة ،تهدف من خلالهاتلطيف أجواء النشاط الاقتصادي : زياداتان متتاليتان لمعدلات الفائدة، خمس زيادات لمعدلات الاحتياطات الإلزامية للبنوك لتحديدالقروض، والقيام بإصلاحات ضريبية لفرملة الصادرات. منذ عدة سنوات و الحكومة الصينية تتحدث عن ضرورة إعادة التوازن للنمو، و لكن من دون نتيجة تذكر.بيد أن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر إلى ما لانهاية.ويعتقد الخبراء أن هامش المناورة للحكومة الصينية لا يتجاوز السنتان . و حتى ذلك التاريخ ، إذا لم يحصل أي تتحرك، فإن الصين معرضة للصدمة الظرفية و تشكل فقاعة تضاربية خطيرة. كل المؤشرات تؤكد أن الصين لا تزال بعيدة عن ضرورة "إعادة التوازن للنمو" المعلن من قبل السلطات الصينية، وذلك بسبب الدخول الهائل و المستمرلرؤوس الأموال ، والفوائض التجارية التي ستبلغ 250 مليار دولار لسنة 2007، ووجود اقتصاديستمد قوته من الاستثمارات و الصادرات. على الصعيد الاقتصادي، تغيرت المعطيات راديكاليا في الصين خلال الأشهر الأخيرة. هذا البلد –القارة، المقتنع بالرأسمالية ، قرر أخيرا الاستفادة القصوى من مزاياها.لقد خرجت الصين من دورها الذي عرفت عنه كمصنع للعالم ، تمتلك يدا عاملة رخيصة، لكي تصبح بلدا مستثمرا على صعيد عالمي.إ نها تمتلك الوسائل لشراء الشركات الغربية. اففي نهاية شهر مايو الماضي،استأثرت شركة تابعة لقطاع الدولة في الصين بنحو 10% من بلاكستون، أكبر بنك أميركي مهم للإستثمار . كما أن احتياطات الصين من العملة الصعبة،- 1330 مليار دولارفي نهاية يونيو2007-التي كانت تستخدم لتمويل العجوزات الأميركية، عن طريق إلتزامات الخزانة الأميركية،هي مستثمرة من الآن فصاعدا في الشركات المتعددة الجنسيات.فهي تمثل الرسملة البورصية للثلاث شركات الأميركية الأوائل: إيكسون،جنرال إلكتريك،ومايكروسوفت.وبالنسبة لمايكروسوفت وحدها، الفائض المنتظر من الاحتياطات في 2007وفي 2008، سوف يمكن الصين من شراء البنكين الأميركيين العملاقين :سيتي غروب، وبنك أو أميركا. في الوقت الحاضر،لن تغامر بكين بمهاجمةرمو زالنجاح الأميركي، فضلا عن أنه لحد الآن، الشركات الأجنبية ليس لديها إلا دخول محدود مع منافساتها الصينيات.وقددفعت الصين ثمن الوطنية الاقتصادية لواشنطن:ففي بونيو 2005، لم يسمح للشركة الوطنية الصينيةأوفشور والكورب، شراء شركةأونوكال للسبب ذاته.و بحكم نزعتها البراغماتية، استوعبت الصين الدرس.ومن خلال اختيارها الدخول في رأسمال بلاكستون، فإنها لا تواجه مباشرةشركة أميركية. وكذلك الأمر في أوروبا، فإنها تركزعلى باركلايس. على نقيض باريس، أوبرلين ، تتفاخر لندن من أنها تطبق الوطنية الاقتصادية، ومع ذلك، فهي تجلب الإستثمارات الأجنبية من كل حدٍوصوبٍ.و لا تبدو بريطانيا قلقة من عدم شفافية الشركات الصينية،لا سيما البنوك التي كانت في قلب قضايا الفساد.وكانت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركيل قد نددت برؤوس الأموال المسروقة لعدة دول أجنبية. لقد قال المفوض الأوروبي للتجارة بيتر مانديلسون، أنه مؤيد لعمل مفوضية بروكسيل "الذي سيضمن المراقبة الأوروبية للقطاعات الحيوية".وعلى البلدان الغربية مطالبة بكين العمل بالمثل في مجال شفافية الحسابات أو انفتاح رأسمال شركاتها الخاصة .