لقد أدت خلال الأسبوعين الماضيين تحركات الأغلبية البرلمانية الموالية للسلطة الساعية إلى أنشاء حزب سياسي جديد مخاوف شتى القوى السياسية في البلد والتي تخشى أن تؤدي هذه الخطوة إلى عودة البلاد إلا الحقب الماضية المتسمة بنظام الحزب الواحد. ففي يوم الثلاثاء 24 أكتوبر عقد وزير الداخلية دورة ثانية من المشاورات السياسية لترخيص إنشاء الحزب الجديد. في الماضي القريب وأثناء الاستحقاقات التشريعية في 4 من ديسمبر والرئاسية في 11 من مارس 2006، كانت هذه الأغلبية تسمى "بكتلة المستقلين" حيث قررت الممارسة السياسية خارج خارطة التحزب. قامت الكتلة بالتعاون لإيصال مرشحهم سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إلى سدة الحكم ثم عملوا بعد ذلك على إنشاء أغلبية داخل غرفتي البرلمان. وهذه الأغلبية ترى الآن أنه من حقها إنشاء حزب سياسي يوحّد جهودها ككل الأحزاب الأخرى. "لقد تبين لقوى الأغلبية الرئاسية بعد نجاح الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أن معظمها غير منتظم في إطار حزبي فقررت إنشاء هذ الحزب بالتنسيق مع بعض القوى الأخرى التي رأت أن الأطر التي تنتمي إليها لم تعد ملائمة لعملها السياسي في هذه المرحلة" يقول رئيس كتلة مجموعة الأغلبية في مجلس الشيوخ السيد يحي ولد عبد القهار. إذا نحجت مساعي تأسيس الحزب يُتوقع أن يدعم برنامج الرئس عبد الله. "الأغلبية عازمة على إنشاء حزبها السياسي بغض النظر عن مخاوف وهواجس المعارضة" يقول الأمين العام للرئاسة يحي ولد الواقف والذي تم تكليفه بتأسيس الحزب الجديد. المعارضة من جانبها نددت بحزب الأغلبية الجديد واعتبرته مواليا لحزب الأغلبية الموالي للحكومة حيث طالب رئيس حزب الاتحاد والتغيير، صالح ولد حنين، السلطة بإعطاء ضمانات من أجل فصل الحزب عن الدولة. "لقد كان حريا بالسلطات الحاكمة أن تتجه أولا إلى تغيير بعض الأوضاع البائسة لهذا الشعب بدل أن تفكر في إعادة إنتاج حزب السلطة الذي كان قائما قبل الثالث من غشت. والحقيقة أن إعادة هذا الحزب بآلياته وبفلسفته وبأشخاصه وبرموز المرحلة الماضية هو نوع من إعادة ذالك الماضي الذي أوصلنا إلا ما أوصلنا إليه. ونعتبرهذا خطرا حقيقيا على الديمقراطية" يضيف صالح ولد حنين. في هذه الأثناء انتقد رئيس التحالف الشعبي التقدمي ورئيس الجمعية الوطنية السيد مسعود ولد بالخير الجهود المبذولة لإنشاء الحزب قائلا "أنا مع التعددية الحزبية من حيث المبدأ. لكن تأسيس حزب سيخلف الحزب الجمهوري سابقا يعد بالنسبة لي أمرا خطيرا على مستقبل الديمقراطية في البلد بل إنه سيشكل نهاية الحلم الديمقراطي الذي طالما حلم به المواطن البسيط". هذا وتجدر الإشارة إلى أن قادة الأحزاب السياسية يتم استدعاؤهم الأسبوع الماضي من طرف وزارة الداخلية، التي تعتمد أو ترفض إنشاء الأحزاب، من أجل التشاور في إطار الترخيص للحزب الجديد وتناول الحوار الضمانات المقترحة من طرف المعارضة التي طالبت بالفصل التام بين رئيس الجمهورية ووالحزب الجديد ومؤسسات الدولية والمؤسسات المالية وتوخي الحياد طبقا لما ينص عليه الدستور الموريتاني. وإن بدا أن الطرفين قد اتفقا حسب تقارير إعلامية على الصيغة الصحيحة لإنشاء الحزب فإنهما اختلفا حول إمكانيات ضمان حياد السلطات. وزير الداخلية يال زكريا قال إن إنشاء الحزب الجديد والضمانات التي تُطالب بها المعارضة ستتم إحالتها إلى سلطات عليا للنظر فيها.