أريانة: حملة مشتركة للتصدي للانتصاب الفوضوي    بودربالة والسفير الإيطالي: ضرورة تكثيف جهود مواجهة الهجرة غير النظامية    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    شركة النقل تتفاعل مع "الشروق": نحرص على عودة النسخة الشعبية ل "إيبيزا" في أقرب الأوقات    سيدي بوزيد: انطلاق ورشة تكوينيّة لفائدة المكلّفين بالطاقة بالإدارات والمنشّآت العمومية    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    المالية العمومية تتعافى: تقديرات بانحسار عجز الميزانية الى 6.6٪ من الناتج المحلي    نابل: الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    تقلص العجز التجاري الشهري    سوسة/ القبض على منحرف خطير مفتش عنه..    هام/ ترسيم هؤولاء الأعوان الوقتيين بهذه الولايات..    سوسة: الاطاحة بمنحرف خطير من أجل ترويج المخدرات    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    بن عروس: انتفاع 57 شخصا ببرنامج التمكين الاقتصادي للأسر محدودة الدخل    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    هلاك كهل في حادث مرور مروع بسوسة..    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    تكوين 1780 إطارا تربويا في الطفولة في مجال الإسعافات الأولية منذ بداية العام الجاري    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يواجه صن داونز .. من أجل تحقيق التأهل إلى المونديال    حريق بشركة لتخزين وتعليب التمور بقبلي..وهذه التفاصيل..    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    البطولة الايطالية : روما يعزز آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الأوروبية    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة دول قزوين أمام لعبة المواجهات الإقليمية و الدولية
نشر في الوسط التونسية يوم 09 - 10 - 2009

استضافت في 16 تشرين الأول / أكتوبر الماضي قمة جمعت قادة لدول الخمس المطلة على بحر قزوين الزاخر بالنفط و الغاز، وهي الى جانب و و وتركمانستان، وكانت محصلة القمة مكسباً ل.
وينطوي البيان الختامي لقمة دول قزوين على أهمية كبيرة بالنسبة ل، التي تخوض مواجهة مع الغرب حول برنامجها النووي، فيما تعلن الولايات المتحدة وبريطانيا انهما لا تستبعدان الخيار العسكري في هذه المسألة، إذ قدم الإعلان الختامي أيضاً دعماً ل في ملفها النووي، حيث أكد حق اي دولة موقعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية في اجراء الابحاث وانتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية من دون تمييز في اطار هذه المعاهدة وآليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما تعهد القادة الخمسة في البيان الختامي بعدم السماح باستخدام أراضي بلدانهم لشن هجوم على اي من دولهم الخمس،. وإضافة الى ذلك، عارض الارئيس بوتين والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد بقوة التدخلات الخارجية في شؤون منطقة بحر قزوين.
ويجمع المحللون الاسنراتيجيون في العالم أن "اللعبة الكبيرة الجديدة" على أشدّها؛ في بحر قزوين وآسيا الوسطى ومعها هذه المرّة في صلب الرهانات النفط والغاز. وهى : وأذريبجان و ، هى دول حبيسة مما يجعلها تعتمد على الدول المجاورة لها كوسيط للوصول إلى الأسواق الغربية . وينبغى القول أن جوهر هذه اللعبة الجويبولتيكية الجديدة فى آسيا الوسطى مزدوج. الأول ، هو السيطرة على انتاج النفط والغاز ، والثانى السيطرة على خطوط الأنابيب التى ستقوم بنقل البترول إلى الأسواق الغربية.
لكن الطلب على المحروقات لا يفسّر وحده المعركة التي تخوضها القوى العظمى لوضع اليد على الآبار النفطية في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، من آسيا الوسطى إلى بحر قزوين. فالذهب الأبيض والذهب الرمادي هما أيضاً وسيلتان في صراع النفوذ للسيطرة على وسط القارة الأورو-آسيوية، التي تشهد صراعا بين "كبريات" شركات النفط، التي تمد أنابيب النفط مثل حبال طويلة تسمح للولايات المتحدة الأميركية أن تضع يدها على نفط المنطقة و بين الدول الوطنية التي تحاول أن تسيطر على مواردها لخدمة أهداف التنمية. و هناك حقيقة أن الثلاث دول التى تتقاسم أغلبية موارد الطاقة فى الإقليم ،.و يقع في قلب هذا الصراع بحر قزوين.
1-الأهمية الاستراتيجية لبحر قزوين
يعتبر بحر قزوين أكبر حوض مائي داخلي في العالم حيث تبلغ مساحته 376 ألف كياومتر مربع ، ويقع سطحه عندى مستوى 9،27 متر تحت مستوى سطح المحيط.و بحر قزوين مسطح مائي مغلق، أثار الكثير من الاهتمام بسبب موقعه المتميز غرب آسيا محاطا بكل من و و و و ، ومجاورا بذلك الصين و الهند وباكستان و أفغانستان في منطقة شديدة الأهمية.
و تتضارب الأرقام والنسب المتعلقة بحجم الاحتياطي الموجود من النفط و الغاز في بحر قزوين بالنظر إلى اختلاف المصادر. وبالنسبة لتقدير حجم الاحتياطات النفطية فقد اختلف الخبراء فى تقديرها وأن اتفقوا على أن المنطقة تأتى على الصعيد العالمى بعد منطقة الشرق الأوسط وقبل بحر الشمال من حيث الاحتياطات وأنه - أى بحر قزوين - يحتوى على ما يتجاوز 68 مليار برميل، وترى تقديرات أخرى أنه يأتى فى المرتبة الثالثة بعد الخليج العربى وسيبيريا وأن الاحتياطات تقدر بحوالى 12 و بليون برميل من النفط. وفى حين تؤيد العديد من مراكز الدراسات المتخصصة فى الولايات المتحدة وإيطاليا الرقم الأدنى الذى يعنى أن بحر قزوين يشكل % من الاحتياطى العالمى للنفط و7% لمن الغاز إلا انه مما يزيد التنافس فى المنطقة التوقعات حول ارتفاع هذه التقديرات فيما بعد مع المزيد من الاكتشافات حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية أن يرتفع إنتاج النفط فى دول بحر قزوين وكذلك أوزبكستان إلى 39 ملايين برميل بحلول عام 21 .
وفي تسعينيات القرن الماضي، ضخّمت الولايات المتحدة، لتبرير دخولها حوض بحر قزوين، من تقديراتها للاحتياطي النفطي في هذه القارة، فتحدّثت عن وجود مليار برميل من النفط، أي أقلّ بقليل من السعودية! وبالعودة إلى المنطق، تقدَّر هذه الاحتياطيات اليوم ب5 مليار برميل من النفط و9,1 تريليون متر مكعب من الغاز، أي ما يساوي 4 إلى 5 في المئة من الاحتياطي العالمي. ويؤكّد ستيف ليفين، الصحافي الأميركي الذي يتابع هذه المسائل منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، أنه إذا كانت الولايات المتحدة قد تجرّأت على هذا الخداع الكبير، فذلك لأنها "أرادت بأي ثمن بناء خط الأنابيب "بي.تي.سي." (خط أنابيب النفط باكو-تفليس(=تبليسي)-جيهان)؛ وقد بذلت كلّ ما هو ممكن في هذا السبيل... إذ كان الأمر يتعلّق باستباق توسّع النفوذ الروسي، وجعله أكثر صعوبة. ولا أدري إلى أي درجة كانت تدرك أنها تبالغ" (1).
لقد بلغت صادرات منطقة بحر قزوين خلال عام 21 حوالي ألف برميل من جملة مليون برميل منتج، كما تشهد المنطقة مجموعة من مشاريع النفط التي تهدف إلى رفع الإنتاج في السنوات القادمة ويمكن أن تزيد صادرات المنطقة الصافية في هذه الحالة لتصل إلى أكثر من 3 ملايين برميل في 21، كما يمكن أن تزيد بحوالي 2 مليون برميل أخرى بحلول عام 22. إلى جانب أن بحر قزوين يمثل مأوى أساسياً لأسماك الحفش الذي تنتج منه أغلى وأجود أنواع الكافيار في العالم(2).

.1
3
.6
8
8.6
9
26
1
17.4
ومن جانب آخر فإن وضع بحر قزوين ارتبط وتداخل بحكم الطبيعة الحبيسة لدول آسيا الوسطى مع قضية أخرى هامة وهي تلك المتعلقة بخطوط أنابيب نقل النفط والغاز من قزوين إلى الخارج. حيث مثلت هذه المسألة أهمية اقتصادية تحركها اعتبارات سياسية وهو الأمر الذي ارتبط بأهمية منطقة آسيا الوسطى عموماً وقزوين خصوصاً كمنطقة جاذبة للاهتمام الإقليمي والدولي وساحة للتنافس على النفوذ بين دول النفوذ التقليدي ممثلة في و، ودول تسعى للسيطرة على النفوذ خاصة الولايات المتحدة مع سعيها إلى تقليص أو الإطاحة بنفوذ القوى الأخرى خاصة ذات النفوذ التقليدي.
أ-أهمية موارد الطاقة فى منطقة قزوين:
تعد التنمية الكاملة لاحتياطات بحر قزوين فى مرحلتها الابتدائية فقط، وأغلبية احتياطات النفط والغاز فى المنطقة لم يتم تنميتها بعد. ومع ذلك، فإنه فى ظل الاحتياطات الثابتة والمتوقعة فإن المنطقة ليست شرق أوسط جديداً كما تمنى البعض ولكنها يمكن أن تكون بحر شمال جديداً.وضمن سواحل بحر قزوين فإن أقل الدول اهتماماً بسرعة تنمية المعروض النفطى من قزوين بسبب احتياطاتها النفطية فى الأماكن الأخرى وعدم قدرتها على استغلال الممكن من هذه الاحتياطات بسبب الحظر الأمريكى. اتجاه مشابه ل حيث أنها لا تشعر بالرغبة فى تنمية احتياطات بحر قزوين لأن لديها بالفعل احتياطات ضخمة ثابتة من النفط والغاز والقدرات الإنتاجية فى أماكن أخرى من . الأكثر من هذا، أن الجزء الروسى من قزوين وبالنظر إلى أنه مقسم بالفعل إلى أقسام قومية لا يعتبر واعداً باحتياطات نفطية، ورغم أن هذه المناطق لم يتم تنميتها بشكل كامل بعد فإن المزيد من الاستغلال قد يظل لا يعطى رواسب غنية. الأكثر من هذا، أن مثل تعد واحدة من أكثر الدول الهامة المصدرة للنفط وبالتالى لن تكون سعيدة أن ترى منافسين جدداً فى التصدير خاصة بما يتجاوز سيطرتها.
مثل ليست مهتمة برؤية تنمية شديدة لاحتياطات نفط قزوين. فشاطئها على قزوين هو الأقل اكتشافا فى جميع الشواطئ وبه قدر ضخم من احتياطات الغاز الطبيعى أكثر من أى مكان آخر فى . وبالتالى فإن وبالنظر إلى هدفها متوسط الأمد والمتمثل فى تنمية بنية أساسية مستقلة لتصدير الغاز لا تحتاج لأن تمر عبر . و على الجانب الآخر أكثر اهتماماً من الآخرين بسرعة التنمية والتصدير من نفط قزوين. ويرجع هذا الجانب إلى أن معظم موارد النفط المؤكدة فى المنطقة تتركز بالقرب من سواحلهم، كما أنهم فى حاجة شديدة إلى التمويل بالعملات الصعبة التى ستأتى من تصدير النفط الذى يمكن أن يوسع استقلالهم الاقتصادى والسياسى عن .
مع هذا فإن أيا من دول بحر قزوين ليس لديها رأس المال الضرورى لاستغلال واكتشاف موارد الهيدروكربون الإقليمية وستحتاج إلى استثمارات أجنبية للمستقبل المنظور. الأكثر من هذا فإن التعقيدات التكنولوجية لاستخراج الرواسب النفطية من تحت البحر تعقد من استغلال بحر قزوين بشكل أوسع. كذلك فإن تنمية أسواق النفط العالمية يمكن أن يؤثر بشكل ليس فى صالح برامج تنمية نفط وغاز قزوين خاصة إذا انخفضت أسعار النفط العالمية أو زاد العرض من النفط العالمى بزيادة استخراج النفط من الحقول التى تم تطويرها حديثاً أو من الموردين التقليديين.كما أن نوعية بترول بحر قزوين تتميز بصعوبات بالغة نتيجة لوجود نسبة عالية من الكبريت مما يتطلب تمويلا إضافيا لاستخدام أنابيب ذات نوعية تتحمل التآكل بدرجة كبيرة لنقله(3).
ب-مشكلة تحديد الوضع القانوني لبحر قزوين
توجد العديد من القضايا التى ترتبط ببحر قزوين سواء من حيث تقدير حجم النفط أو التوصيف القانونى وطرق نقل الغاز والنفط من دول آسيا الوسطى إلى الخارج. ويرجع تاريخ العلاقات الية القيصرية ثم السوفيتية بشأن بحر قزوين إلى بدايات القرن التاسع عشر حيث تم التوصل إلى معاهدة جوليستان فى عام 1813 التى جاءت فى أعقاب هزيمة فى الحرب الروسية الية والتى تم بموجبها منع من نشر قواتها البحرية فى بحر قزوين. وأسفرت الحرب الثانية بين الدولتين والتى هزمت فيها أيضا عن التوصل إلى معاهدة تركمنشاى فى عام 1828 التى لم تلغ القيد الذى وضع على فى المعاهدة الأولى(4)، وبعد الثورة البلشفية توصلت الدولتان إلى معاهدة الصداقة عام 11 اعترفت بحدود الدولتين فى بحر قزوين إلا أنها لم تعدل حقوق الملاحة لطهران. وبشكل عام وبمقتضى المعاهدات والاتفاقات الثنائية بين الدولتين تم الاعتراف بحقوق السيادة لمسافة عشرة أميال تبدأ من الساحل فى اتجاه البحر مع إخضاع كامل المساحة المتبقية كمجال للسيطرة المشتركة للدولتين وإن كانت السيطرة الفعلية على البحر ت حسب ل إبان الحكم القيصرى وللاتحاد السوفيتى بعد ذلك.
أما المشكلة الأساسية فترتبط بتحديد الوضع القانونى لبحر قزوين. فخلال مرحلة ما قبل تفكك الاتحاد السوفيتى تمتع الوضع بالاستقرار كنتيجة لنظام القطبية الثنائية، واضطرار طهران إلى الصمت مقابل استغلال الاتحاد السوفيتى لبترول حقل يوكا فى لعدة عقود حيث ان أى احتجاج ى لم يكن ليحظى بأى اهتمام فاستمرت معاهدة 11 كمحدد للوضع القانونى لبحر قزوين.
وقد برز الخلاف حول طبيعة الوضع القانونى لقزوين بشكل مستمر منذ تفكك الاتحاد السوفيتى وإن شهد تصعيدا فى بعض الفترات لعل أهمها التصعيد الذى حدث فى يوليو 21 عندما اعترضت السفن الحربية الية زورقين مؤجرين لشركة النفط البريطانية بريتش بتروليوم يعملان فى مجال استكشاف النفط لصالح وأجبرتهما على العودة للعاصمة باكو، بدعوى أنهما دخلا المياه الإقليمية التابعة لها. ونتيجة للخلافات المستمرة بين و اضطرت الشركة التى كانت قد تعاقدت مع الحكومة الأذرية للتنقيب على النفط والغاز فى منطقة الخلاف إلى إيقاف أعمالها فى المنطقة، وتلى ذلك تحذير وزارة النفط الية لشركات النفط الأجنبية من العمل مع دول أخرى فى منطقة بحر قزوين، واستدعت طهران القائم بالأعمال الى للاحتجاج على خطط باكو للتنقيب عن النفط. بل وحذر محسن رضائى أمين سر مجمع تشخيص مصلحة النظام من احتمال مطالبة بضم جمهورية المجاورة التى كانت فى وقت سابق أحد أقاليم الدولة الفارسية قبل أن تنضم إلى قبل أكثر من عاما. وتلى ذلك إصدار تركمانستان لسلسلة من التحذيرات شديدة اللهجة إلى وتهديدها باللجوء إلى التحكيم الدولى إذا ما استمرت باكو بنشاطاتها فى المناطق النفطية المتنازع عليها فى البحر، وهو الأمر الذى أيدته على أساس أنه يتماشى مع أفكارها التى ترفض تدخل أى طرف خارجى فى نطاق قزوين، وأى تصرف أحادى الجانب فى الحقول النفطية فى المنطقة.
وقد أدت هذه الخلافات إلى عقد المؤتمر الأول لرؤساء الدول الخمس الواقعة على بحر قزوين يومى 23 و24 أبريل 22 فى العاصمة التركمانية، ولم تصل هذه القمة إلا إلى نتائج محدودة. وقد عبرت بعض الدول عن قناعتها ببقاء الوضع الراهن كما هو دون ترسيم حدود الدول الواقعة على هذا البحر، وبشكل خاص كان من الممكن أن تحقق فوائد أكثر فيما لو جرى ترسيم الحدود. وقد اصدرت وتركمانستان بيانا مشتركا فى مؤتمر القمة تضمن تهديدا مباشرا ل، كما حذر الرئيس الى محمد خاتمى الشركات الأجنبية والتى تقوم بالتنقيب عن النفط فى بحر قزوين، وأكد على أن يمكن أن تتخذ إجراءات ضد استمرار سرقة هذه الشركات لنفط بحر قزوين. وقدمت تركمانستان اقتراحات بخصوص إعادة رسم خرائط حدود قزوين، وهو الأمر الذى عارضته . أما الموقف الروسى خلال هذه القمة فقد اتضح من خلال دعم الرئيس فيلاديمير بوتين لعقد اتفاقيات ثنائية فى ظل عدم اتفاق جميع الدول وتأكيده على امكانية استخدام نفوذ بلاده الواسع للوصول إلى صفقة متوازنة ترضى .و بشكل عام ظل هذا الملف مفتوحاًو لم يتم التوصل إلى اتفاق.وتتبنى كل من و و و حاليا صيغة تنص على تقسيم ثروة النفط و الغاز في البحر بنسب تحدد بناء على طول سواحل كل دولة ، ووفق هذا التقسيم فلن تحصل سوى على 13% فقط من هذه الثروات مقابل 2% إذا تم إقرارها طلبها بتقسيم هذه الثروات بالتساوي بين الدول الخمس(5).
إلا ان فشل القمة والتشدد الي- الروسى- التركمانى دفع البعض إلى الحديث عن دور ى - روسى لإفشال توصل القمة الى اتفاق على أساس الرغبة المشتركة فى إضعاف الدور الأمريكى فى المنطقة ومساندة تركمانستان لهم فى هذا الموقف. وبشكل عام ظل هذا الملف مفتوحا ولم يتم التوصل إلى اتفاق رغم زيارة حيدر علييف رئيس ل فى مايو 22، ولذلك أعلن عن قمة جديدة لرؤساء الدول المطلة على قزوين. وخلال هذه الفترة حدث العديد من التطورات التى دعمت من احتمالات حصار الدور الى فى آسيا الوسطى حيث بدأت التحركات تتخذ بشكل واضح مسار التقارب مع الولايات المتحدة. وجاء تحرك كل دولة بشكل لا يتفق مع رؤية للمخاطر والفرص فى المنطقة فالولايات المتحدة لا تثير لدول آسيا الوسطى مخاوف من الهيمنة أو النفوذ بقدر ما تشكل فرص لتحقيق النمو، أما فإن توجهاتها بعد أحداث سبتمبر والوجود الأمريكى شهدت تغيرا واضحا وقبولا بمواقف لم تكن تقبلها من قبل وبعيدة عن الموقف الى ومثال ذلك المناورات العسكرية التى أجرتها لأول مرة فى بحر قزوين فى أغسطس 22 رغم تأكيدات المستمرة على رفضها عسكرة بحر قزوين، وهو الأمر الذى فسر فى باعتباره ممارسة ضغوط عليها لمراجعة موقفها من مسألة تقسيم ثروات بحر قزوين.
إن التطورات التى شهدتها المنطقة بعد أحداث سبتمبر لعبت دور ا كبير ا فى توجيه علاقات واشنطن بموسكو وطهران، وتزايد القلق الى من وجود القوات الأمريكية أو الوجود الأمريكى الغربى المباشر لأول مرة بعد ان كان وجودها غير مباشر، وهو ما يعنى التأثير فى موازين الأوضاع الخاصة ببحر قزوين والمنطقة والتى تدرك أنها ليست فى مصلحتها استنادا للسعى الأمريكى المستمر لتهديد مصالحها فى المنطقة ودعمها لأطراف ومواقف قد لا تتلاءم مع مصالح طهران. لذا فإن قضايا من قبيل الوضع القانونى لقزوين، والعلاقات المباشرة لدول المنطقة مع الولايات المتحدة وتدخلها المباشر فى شئون المنطقة بكثافة.. كلها أمور من شأنها أن تؤثر على الدور والسلوك الى فى المدى القريب مضافا اليها السعى الأمريكى للوجود على الحدود الية فى الخليج من خلال حربها ضد العراق بما يعنى أن الدور الى لن يصبح محاصرا بقدر ما أن نفسها ستصبح محاصرة فى مناطق نفوذها التقليدية فى آسيا الوسطى والخليج.
2-الدور الي في آسيا الوسطى
من الناحية التاريخية تعتبر قضية بحر قزوين محورية للدور الى فى آسيا الوسطى الآن ومستقبلا على أساس اختلاف توجهات ومصالح عن العديد من دول المنطقة، إلى جانب العامل الخارجى المتمثل فى دعم قوى دولية لأطراف إقليمية لحماية مصالحها أو السعى لتقليص الدور الى فى المنطقة.
ويجمع المؤرخون أن أجزاء من آسيا الوسطى كانت واقعة تحت السيطرة الية فى منتصف القرن الثامن عشر وتحديدا فى عهد السلطان نادر شاه، إلا أن الحكومة الروسية بسطت سيطرتها على الإقليم خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. هذا وتمتلك مجموعة من الفرص النسبية لدورها فى آسيا الوسطى فهى من الناحية الجغرافية تشترك بحدود طويلة مع دولتين هما وتركمانستان، كما تشترك مع وقازاقستان فى الوقوع على بحر قزوين. أما من حيث الأبعاد الثقافية والتاريخية فنجد أن ولما يقرب من ألفى سنة كان لها الدور الرئيسى فى آسيا الوسطى والقوقاز، وامتد نفوذها فى فترات متقطعة إلى دول المنطقة، وخلال القرنين الثامن والتاسع الميلاديين كانت هذه الجمهوريات تتحدث اللغة الفارسية.
هذا كما تشترك ديموغرافيا مع إحدى القوميات حيث يوجد يون يون لا يمكن تمييزهم عن القومية السائدة فى جمهورية ذات الأغلبية الشيعية. وينتمى أغلبية سكان آسيا الوسطى إلى الإسلام وإن كان الإسلام السنى - باستثناء فهى شيعية- وينقسمون إلى ثلاث مجموعات عرقية أهمها مجموعة الشعوب التركستانية (58% من المسلمين) وتضم أوزبكستان وقازاقستان وتركمانستان وقرقيزيا وهم يتحدثون لغة قريبة من التركية وأقرب حضاريا وثقافيا إلى تركيا، ومجموعة الشعوب الية (8.4% من المسلمين) ويتمركزون أساسا فى طاجيكستان وهم اقرب حضاريا وثقافيا الى حيث تغلب عليهم اللغة والثقافة الفارسية ولكنهم سنة.
تمثل دول آسيا الوسطى مجالا حيويا للدور الى، وقد جاء استقلالها بمثابة فرصة ل للخروج عن، وكسر، طوق الحصار المفروض عليها، كما سعت من جانبها للاستفادة من العوامل التاريخية والثقافية التى تربطها بدول آسيا الوسطى. وقد تمثلت أهم الفوائد ل فى:
1- كسر طوق الحصار المفروض على الدور الى فى ظل السياسة الأمريكية الساعية لعزلة ، والسعى الى لتعويض دورها فى الخليج العربى بدور فى آسيا الوسطى فى ظل الضغوط الأمريكية عليها فى الخليج.
2- تفعيل الروابط التاريخية والثقافية بينها وبين دول آسيا الوسطى للحصول على أولوية فى علاقتها مع دول المنطقة خاصة فى ظل التنافس الدولى على هذه المنطقة للاستفادة من إمكاناتها ومواردها.
3- تقديم لدورها كمعبر أو وسيط لتجارة وموارد هذه الدول باعتبارها دول حبيسة. وهذا الأمر بدوره يمثل وسيلة ذات تأثير مزدوج حيث يؤدى من جانب، إلى جعل معبرا للتجارة بما يحققه من فوائد اقتصادية، كما أنه يؤدى إلى تجاوز نطاق العزلة المفروض على .
ومن جانب آخر، فإن استقلال هذه الدول أثار مخاطر أخرى للدور والأمن الى فى المنطقة خاصة وأنه كان بمثابة تدشين لبداية الحديث عن المباراة الكبرى الجديدة فى آسيا الوسطى والتى شارك فيها العديد من الأطراف وشملت كل من الولايات المتحدة و و وتركيا والهند وباكستان والصين وإسرائيل، كما قامت الدول الكبرى بدعم أدوار فاعلين آخرين، فقامت الولايات المتحدة بدعم تركيا لإضعاف الدور الى وهو الأمر الذى برز بشكل أساسى من خلال الدعم الأمريكى لخطوط النقل عبر تركيا، والسعى المستمر لاستبعاد ، مقابل تشكك ى فى قدرة الدور الروسى على تقديم دعم فعلى لها فى ظل المشكلات الاقتصادية التى تواجهها والتى أدت إلى تراجع عن دعم . كما وجدت نفسها مع استقلال دول آسيا الوسطى مثقلة بمشكلات ومخاوف تسعى لتفاديها وإلا صارت مجالا لتهديد أمنى لها من خلال الدور الأمريكى وهو الأمر الذى تزايد فى ظل الحرب الأمريكية فى أفغانستان، والى جانب هذه المخاوف نجد مجموعة أخرى من النقاط:
1-تخوف من ظهور نزعة للوحدة الية التى تحمل إمكانية تفجر مطالب إقليمية لجمهورية فى المدينة الية المتاخمة لها والتى تحمل نفس الاسم. وهذا الأمر هو الذى يفسر فى جزء منه دعم لأرمينيا ضد فى الصراع بين ين حول إقليم ناجورنو قره باغ وذلك رغبة فى استخدام الورقة الأرمينية للضغط على وخوفا من مطالبتها بضم الجزء الى الذى يضم عددا من الأذريين يبلغ ضعف عدد سكان الدولة. لذا قللت من انتقال الأفراد عبر حدود الدولتين وأصدرت تشريعا حر م على الأذريين فى الزواج من مواطنى . وبالتالى فقد مثلت هذه القضية مخاوف أمنية مرتبطة بوحدة الأراضى الية.
2- المخاطر الأمنية الخاصة بتحول المنطقة الى ساحة للتنافس الدولى وخاصة فى ظل الوجود الأمريكى- الصهيوني والذى ترى فيه تهديدا لأمنها خاصة وأن الولايات المتحدة بدأت فى التعامل مع المنطقة على أساس المفهوم الجديد للشرق الأوسط والذى يجعل هذه الجمهوريات امتدادا للشرق الأوسط القديم مع دور إسرائيلى واضح لحماية مصالح الغرب. وهو الأمر الذى أدى الى تنديد المستمر بالتقارب بين إسرائيل ودول آسيا الوسطى باعتباره تهديدا مباشرا لأمنها، كما ترفض أى وجود عسكرى غربى لأنه ينقل التهديد الى حدودها مباشرة وهو الأمر الذى تزايد بعد أحداث سبتمبر.
3- مخاطر عامة تتعلق بتأثير دول آسيا الوسطى على الدول النفطية خاصة سياسة التسعير وتحديد حصص الإنتاج بالنظر الى صغر حجم سكان هذه الدول، ومحدودية قاعدة الإنتاج الصناعى بها أى قلة احتياج هذه الدول الى كميات كبيرة من النفط المنتج فيها بما يعنيه ذلك من أن معظم إنتاجها سيوجه الى الأسواق العالمية، كما أن هذه الدول ليست أعضاء فى منظمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك) أى أنها لا تلتزم بحصص إنتاج محددة أو مستوى أسعار معين. لذلك أثار استقلال دول آسيا الوسطى مع التنافس الذى قامت به شركات النفط المخاوف بشكل عام بالانتقال من سوق يخضع لسيطرة المنتجين الى سوق يخضع لسيطرة المستهلكين.
3-زيارة بوتين ل و استعادة موسكو قوّتها على الأطراف
، بعد أن كانت لفترة مرتبكة بالوجود العسكري الأمريكي وبسلسلة الثورات "الملوّنة"، فها هي فلاديمير بوتين تقطع شوطا مهما على صعيد استعادة جزء معتبر من عافيتها السياسية، متجاوزة بذلك جملة كبيرة من العقبات، ساعدتها على إقامة شبكة جيدة من العلاقات مع دول آسيوية وشرق أوسطية وغربية، جمعت بين متناقضات من الصعوبة الجمع بينها. لذلك أصبح ينظر لكل التحركات الروسية المتراكمة باعتبارها لبنة في تشييد دور عالمي جديد، يستفيد من الإمكانات والفرص المتاحة لتحقيق طموحات استراتيجية آجلة. من هنا تعامل كثير من المراقبين مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران على أنها زيارة غير عادية، حيث عكس مضمونها الطابع الاستراتيجي للشراكة بين ين، وانطوت على رسائل دقيقة في اتجاهات إقليمية ودولية متباينة، لأنها جاءت في توقيت بالغ الحساسية بشأن بعض القضايا الحيوية المطروحة على الساحة الدولية، وفي خضم مرحلة مثيرة من دغدغة العواطف بين موسكو وعدد من العواصم الأوروبية.
وتعتبر زيارة بوتين الى ايران تعتبر تاريخية بحد ذاتها، كما انها تنطوي على أهمية كبرى بالنسبة للقيادة الايرانية، لأن ومعها الصين لا تزالان تعارضان مساعي الولايات المتحدة لاستصدار قرار ثالث من مجلس الأمن يشدد العقوبات الدولية على ايران.
وقد أكد بوتين لدى توجهه من ألمانيا الى ايران معارضته لتشديد العقوبات على ايران، وقال بلهجة تحذير إن «تخويف القادة الايرانيين او الشعب الايراني لا أفق له. فهم لا يخافون».
و تناولت محادثات بوتين مع القادة الايرانيين العلاقات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، و كذلك الخلاف المالي بين ين حول استكمال بناء محطة بوشهر النووية التي يبنيها الروس في ايران.
و رأى الرئيس الروسي أن « قوة كبيرة على الصعيدين افقليمي و العالمي..ز وتؤدي دورا هاماً للغاية في الشرق الأوسط». وشدد على متانة العلاقات التي تربط طهران و موسكو، مشيرا إلى أن حجم التبادل التجاري بين ين قاربا حاليا الملياري دولار أميركي. و أضاف في هذا الإطار أن هناك «مجالات جديدة للتعاون المشترم و من بينها التعاون في إنتاج الطائرات و كذلك المشاريع الكبيرة المرتبطة بالبنى التحتية و المجال النووي». و أبدى بوتين معارضته ل«النزعة الأحادية ». ورأى أن الولايات المتحدة الأميركية «لن تنجح في تطبيق فكرة العالم الأحادي القطب لأنه ليس بمقدور أي قوة في العالم معالجة مشكلات العالم يبمفردها»، معتبرا أن الوضع الذي يمر به كل من العراقلا و أفغانستان حاليا« ناتج عن هذه النزعة الأحادية».
يعنى الرئيس فلاديمير بوتين في السياسة الخارجية الروسية بملفين مهمين: أولهما الإرتداد على التنازلات العسكرية المجانية التي حفل بها النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي ومعظم تسعينياته مدخل الرد على مشاريع التوسع الأطلسية، وآخرها الدرع الصاروخية المزمع إقامتها في بولندا و تشيكيا. و الملف الثاني: هو الشرق الأوسط و السياسة النفطية في آسيا الوسطى
«"الحرب على الإرهاب» التي خيضت في أفغانستان، إثر اعتداءات أيلول/سبتمبر، أمّن العسكريون الأميركيون موطئ قدم لهم في أراضي الاتحاد السوفيتي السابق، وذلك بمباركة من المستضعفة آنذاك. وقد أقامت واشنطن قواعد لها في قرغيزستان وفي أوزبكستان واعدة بمغادرتها، بمجرّد استئصال الآفة الإسلامية.وقد استغل الرئيس بوش ّ« هذا الالتزام العسكري المكثّف في آسيا الوسطى بغية إنجاز النصر في الحرب الباردة على ، واحتواء نفوذ الصين والإبقاء على الطوق حول »(6).
وكانت واشنطن لعبت دوراً حاسماً في الثورات الملوّنة في كلّ من جورجيا (23) وأوكرانيا (24) وقرغيزستان (25)، موجهة صفعات قوية إلى موسكو (7).وهذا ما جعل بعض الحكام الاستبداديين في المنطقة، وقد جنّ جنونهم لتغييرات الأنظمة المتتالية هذه، يديرون الظهر لأميركا ويتقرّبون من أو من الصين. وفي الواقع، فإن اللعبة تعقّدت في السنوات الأخيرة بقدر ما نجحت بكين في الدخول على خطّ هذه القضايا في آسيا الوسطى، وبقدر ما كانت أوروبا، إثر حرب الغاز بين وأوكرانيا في كانون الثاني/يناير عام 26، تسرّع مشاريعها للفوز بشيءٍ من الذهب الرمادي القزويني. إذاً، بين النفط والأمن وصراع النفوذ والمعارك الإيديولوجية، يجب لعب جميع الأوراق معاً للفوز بشطارة في "اللعبة الكبرى".
في البداية كانت متفوّقة في لعبة شدّ الحبال هذه. ففي العام 1991، كانت تسيطر على مجمل أنابيب النفط التي تسمح للدول الجديدة المستقلّة بنقل محروقاتها. غير أن مسؤولي الجهاز الحاكم السابقين، بعد أن أصبحوا رؤساء، بذلوا جهدهم لكيلا يلعبوا جميع أوراقهم مع الروس. فمنذ سقوط الاتحاد السوفيتي، جرى تمديد نحو ستة خطوط أنابيب لا تمرّ في أراضي الشقيق الكبير، وهكذا خسرت موسكو من نفوذها السياسي والاقتصادي.
ونموذج تركمانستان له دلالته في ما يخصّ علاقات بساحة نفوذها السابق، فقد باعت تركمانستان ل 4 مليار من 5 مليار متر مكعب من الغاز الذي أنتجته في العام 26. ولم يكن لها الخيار. فباستثناء خط أنابيب يربطها ب، دشّن في العام 1997، فهي لا تملك سوى خط "كاك-4" CAC-4))، الذي يصبّ في . إنه لقيدٌ فعلي. ففي نيسان/أبريل عام 23، تمكّن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من إرغام نظيره التركماني، سابارمراد نيازوف (توفّي في أواخر العام 26) على توقيع عقد لمدّة 25 عاماً لبيع 8 مليار متر مكعب سنوياً بسعرٍ زهيدٍ بلغ 44 دولار للألف متر مكعب. وسرعان ما حاولت عشق أباد التراجع عن هذه الشروط، وأوقفت، لأجل ذلك، عمليات التسليم. وفي شتاء عام 25، رضخت موسكو وقبلت بدفع دولار للألف متر مكعب، بسبب حاجتها إلى الغاز التركماني، وخصوصاً لبيعه بسعر مخفّض للشعب الروسي. وفي أيلول/سبتمبر عام 26، ذهبت شركة غازبروم الروسية إلى حدّ أبعد، فوقعت عقداً مع عشق أباد تتعهد فيه بأن تدفع، خلال العامين 27-29، 1 دولار عن الألف متر مكعب. ذلك أنّه في نيسان/أبريل، أي قبل خمسة أشهر، كان الديكتاتور التركماني الراحل قد وقّع مع الرئيس الصيني هو جنتاو اتفاقاً تسلَّم الصين بموجبه، وعلى مدى ثلاثين عاماً، 3 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنوياً، وذلك ابتداءً من العام 29، وتنشئ خطّ أنابيب غاز بطول 2 كيلومتر . وعلى الأرجح، فهذا ما حمل شركة غازبروم على رفع تعرفتها.
أخيرا: لقد وجهت قمة دول قزوين تحذيراً الى الولايات المتحدة التي تسعى لمد خطوط انابيب تنقل البترول والغاز من منطقتي آسيا الوسطى وبحر قزوين الى الغرب من دون المرور عبر الأراضي الروسية.وحذر بوتين من ان المشروعات لبناء خطوط أنابيب طاقة تمر عبر بحر قزوين لا يمكن تنفيذها من دون موافقة جميع الدول الخمس المطلة على هذا البحر.
ويأتي هذا التحذير في خضم المخاوف الكبرى من وقوع حرب في الخليج تشنها إدارة بوش ضد ، ووسط الاضطرابات التي ضربت مناطق إنتاج النفط في نيجيريا، والاتجاهات الراديكالية المتنامية في سياسة فنزويلا الإقليمية. ويشهد سعر برميل النفط ارتفاعا مطردأً وصل إلى قرابة 94 دولاراً للبرميل الواحد، إذ يعتقد بعض المراقبين أن تستمر الأسعار في الارتفاع حتى تتحقق نبوءة شافيز، الرئيس الفنزويلي الذي توقع أن يصل سعر البرميل، خلال المستقبل المنظور إلى 1 دولار للبرميل الواحد. هذه التوقعات تستمد شيئاً من مصداقيتها مما حدث ويحدث على ضفاف بحر قزوين.
--------------------------------------------------------
(1) ينشر في تشرين الأول/أكتوبر المقبل كتاب بعنوان:The Oil and the Glory: The Pursuit of Empire and Fortune on the Caspian Sea, Random House, New York, 27
(2) - عبير ياسين ،«سياسة خطوط الأنابيب" و الاستقرار في بحر قزوين» ، مجلة السياسة الدولية العدد 1، كانون الثاني/ يناير 23، (ص18-181)
(3) –د. فوزي درويش، بحر قزوين و مؤتمر قمة عشق أباد، الأهرام، أيار/ مايو 22
(4) - عبير ياسين ،«سياسة خطوط الأنابيب" و الاستقرار في بحر قزوين» ، مصدر سابق.
(5) - عبير ياسين ،«سياسة خطوط الأنابيب" و الاستقرار في بحر قزوين» ، مصدر سابق.
(6) -Oil and the New “Great Game” ”, The Nation, New York, 16 février 24.
(7) -اقرأ: فيكن شتريان: "الثورات المضادة في الشرق"، لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية، تشرين الأوّل/أكتوبر 25، http://www.mondiploar.com/article284.html
المصدر: مراسلة خاصة بالوسط التونسية من الكاتب التونسي توفيق المديني- عن مجلة الوحدة-شهرية اسلامية تصدر عن تجمع العلماء المسلمين في لبنان
السنة السادسة - العدد الثاني والسبعون ( شوال ذو القعدة - 28ه) ديسمبر 27 م


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.