لو لم تلغي إدارة" إدريس" المسابقات والجوائز في الدورة الأخيرة لأيام قرطاج المسرحية ، لما اختلف عاقلان أن جائزة أسوأ عمل مسرحي تستحقها بامتياز مسرحية اعتقال الزميل سليم بوخذير بتهمة التعدي على أخلاقهم الحميدة وهضم أو عسر هضم جانب موظفهم العمومى وعدم الاستظهار ببطاقة هويته التي حرم مرارا من تجديدها. فرغم الحس المكائدي العالي ، وشعلة الحقد الدفين الذي تكنه الأجهزة التي أشرفت على الإخراج البليد لهذا العمل ، فقد كانت الحبكة مهزلية إلى أبعد الحدود تثير الاشمئزاز من سذاجة هذه الأجهزة ،التي أثبت مرة أخرى عجزها على إقناع الخارج الإعلامي والحقوقي بأن التهم التي يحاكم من أجلها حملة الفكر الحر من إعلاميين وسياسيين، هي تهم جنائية لا علاقة لها بالرأي . فمن يصدق اليوم بأن الزميل سليم بوخذير قد وقع اعتقاله بعد رحلة التضييقات والمكائد التي تعرض لها منذ أن زج به في حرب على الفساد والمفسدين لم يختر توقيتها ولا مكانها ، جعلت منه قلم حر يسير على خط النار هازئ بجميع الخطوط الحمراء و المحظورات التي جعلت من الواقع الإعلامي التونسي مشلولا تكبله النمطية القاتلة والأحادية المدمرة. من يصدق أن بوخذير الشجاع حد الجنون، الذي لطالما أرق أصحاب سجلات الفساد السوداء، التي تعربد في عرض البلاد وطولها بلا حسيب ولا رقيب .من يصدق أن بوخذير الذي سدت في وجهه جميع أبواب الارتزاق وجوع وأفراد عائلته وطورد وعنف ،وسلطت عليه أجهزة" تخريب أمن الدولة" فتوات الإجرام وبائعات الهوى..من يصدق بعد كل هذا أن الزميل بوخذير حوكم لأنه مجرد مواطن رفض الاستظهار ببطاقة هويتهم لدورية عادية للحرس الوطني ثم اعتدى على الموظف وعلى الأخلاق الحميدة ، ولذالك يجب أن يسجن ليتعلم أخلاق الأقنان الذين يستكينون للذل وينبطحون للعاصفة .. بالفعل هذه هي الأخلاق الحميدة التي كانت تعوز سليم بوخذير ، والتي اعتدى عليها" صدفة "ّيوم تنقله من العاصمة إلى ولاية صفاقس، في رحلة تسلم جواز سفر خاض من أجله قبل أيام إضراب جوع كاد أن يودي بحياته ، لتكون المكيدة التي حبكت بكثير من السماجة والبلاهة ،تثير الشفقة على أجهزة أفلست أساليبها ومناوراتها البالية في اختلاق أزمات مجانية وصنع أعداء جدد للنظام لم يفكروا يوما في معاداته. سليم بوخذير الذي لم يسرق يختا في حياته ولم يسطو على أملاك غيره ..ولم..ولم..ولم.. يقضي سنة من عمره في السجن وتقضي زوجته وأبنائه أيام عصيبة بلا عائل ولا معين . هم فقط يريدون من بوخذير أن يتعلم الأخلاق الحميدة ،وأن يقتدي في هذا المجال بمن يغتصب السجناء في الزنازين وفي الأقبية المظلمة، أو بأخلاق هؤلاء المكلفين بملاحقة النشطاء وتعنيفهم ورميهم بأقذع السباب والنعوت. وربما يريدون من بوخذير التشبه بأخلاق العصابات التي داهمت مقاهي العاصمة يوم 17 نوفمبر2007 واقتادت بعض المعطلين عن العمل والطلبة إلى غابةّّّ" البلفدير" حيث تم التحرش بهم جنسيا من طرف فصيل من الأجهزة التي دبرت مكيدة الايقاع به... فعلا هؤلاء من سيعلمون سليم بوخذير الأخلاق الحميدة ، فلكم أتمنى أن أبقى عديم أخلاقهم..