يُلاحظ المُتابع للأحداث في بلادنا هذه الفترة، تواتر أخبار الاعتداءات ومحاولات الاعتداءات على الأمنيين بشكل مُلفت للانتباه .. سلسلة الاعتداءات انطلقت بشكل مكثّف خاصّة إثر إقدام تكفيري على طعن عون المرور رياض بروطة يوم غرة نوفمبر الجاري، ممّا تسبّب في قتله بعد يوم واحد، وإصابة زميله بجروح خفيفة على مستوى الجبين. على غير العادة وبشكل غير قانوني تمّ تسريب مقطع فيديو لعملية استنطاق التكفيري الموقوف الذي عبّر عن عدم خوفه واقتناعه بما فعل ضدّ من أسماهم ب”الطاغوت” .. ليتمّ بعد ذلك فتح تحقيق في التسريب .. النقابات الأمنية طالبت على إثر هذه الحادثة بضرورة المصادقة على قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين ووصل بهم الأمر إلى حدّ التخلّي عن واجبهم في تأمين وحماية نوّاب مجلس الشعب في محاولة للضغط عليهم لتمرير القانون. يوم 7 نوفمبر 2017 أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية خليفة الشيباني أنّ بعض الأساتذة الناجحين في “الكاباس” المحتجّين بالقصبة قاموا بالاعتداء على أعوان الأمن بصواعق كهربائية وغاز مشلّ للحركة … يوم 8 نوفمبر 2017 أكدت وزارة الداخلية في بلاغ لها أنّ إمرأة تقود سيارة خاصّة حاولت دهس دورية أمنية بمحيط ساحة القصبة ونتج عن الحادث تعرّض ثلاثة أعوان أمن إلى رضوض طفيفة نتيجة سقوط حواجز حديدية عليهم بفعل إصطدام السيارة بتلك الحواجز. هذا وأكدت مصادر أمنية أنّ شخصا يقود سيارة بسرعة جنونية، حاول فجر اليوم 09 نوفمبر 2017، دهس أعوان دورية مشتركة تابعة لإقليم الحرس الوطني بالقصرين على مستوى مفترق بوزقام بعد أن رفض عدم الإمتثال للتعليمات بالوقوف … تتواصل الأخبار بنسق جدّ متواتر حيث أكّد مصدر أمني أنه تمّ منذ قليل العثور على عون حرس يبلغ من العمر 32 سنة مطعونا من الخلف بسكين قرب منزله الواقع في مدينة الماتلين من ولاية بنزرت، و حسب المصدر ذاته فقد تعرّض العون المذكور للطّعن ليلة البارحة في حدود السّاعة الثّامنة مساءًََ. قد تحمل الساعات القادمة معها أخبارا أخرى من قبيل ما أسلفنا ذكره، لكن الأكيد أنّ هذا الأمر أصبح ملفتا للانتباه ومثيرا للشكوك لاسيّما مع تعالي أصوات الأمنيين المطالبة بضرورة المصادقة على قانون زجر الاعتداءات على الأمنيين .. وفي المقابل يجد هذا القانون معارضة كبيرة من طرف عديد السياسيين و مكونات المجتمع المدني التي رأت فيه بابًا لعودة سطوة البوليس وقمعه للحريات الفردية ورجوعا إلى مربّع الإضطهاد ودائرة الديكتاتوريّة. كما اعتبرت مكونات المجتمع المدني أنّ مشروع القانون المتعلّق بزجر الاعتداء على قوات الأمن الداخلي والقوّات المسلّحة العسكرية يتعارض في جوهره مع روح دستور الجمهورية الثانية باعتباره “يجهز على الحقوق والحريات المدنية للمواطنين التونسيين” . وتجدر الإشارة إلى أنّ عددا من منظمات المجتمع المدني قد استهجنت مشروع القانون المتعلق بزجر الاعتداء على قوات الأمن الداخلي والقوات المسلحة العسكرية، معتبرة ان مجرد عرضه على النقاش بمجلس نواب الشعب يعد “عملا عدائيا واستهدافا لحرية التعبير” . نقابة الصحفيين التونسيين بدورها أعربت عن رفضها القاطع لقانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح وضرورة سحبه لما يتضمّنه من عقوبات سالبة للحرية في مجال الصحافة والنشر على غرار المعاقبة بالسجن لكل من يتعمد إفشاء أسرار الأمن الوطني دون تحديد ماهية تلك الأسرار، وتجريم تحقير القوات المسلحة بالسجن لمدة سنتين.. ويذكر أنّ مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات الحاملة للسلاح اقترحته حكومة الحبيب الصيد في أفريل 2015.