تثير الزيادات الجديدة في الرسوم الجمركية على الواردات، التي أقرتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مخاوف متجددة بشأن ارتفاع حاد في الأسعار قد يطال المستهلكين الأمريكيين، وفق ما كشفت عنه تحقيقات إعلامية، من بينها تحقيق ل"بي بي سي". و تستهدف هذه الإجراءات التجارية ستة قطاعات رئيسية تشكل العمود الفقري للاستهلاك اليومي في الولاياتالمتحدة: الملابس، المواد الغذائية، البناء، الطاقة، قطاع السيارات، والمشروبات الكحولية. و تندرج السياسة الجديدة تحت ما يُعرف ب"الحمائية الهجومية"، في محاولة لإعادة توطين الصناعات وتعزيز مداخيل الدولة، حسبما تروج له الإدارة الأمريكية. إلا أن المؤشرات الأولية تُظهر أن كلفة هذه السياسة بدأت فعليًا في الانعكاس على ميزانية الأسر الأمريكية. الملابس والأحذية: زيادات قد تصل إلى 37% تعتمد السوق الأمريكية بشكل شبه كلي على الملابس المستوردة من دول مثل الصين، فيتنام وبنغلادش. وبالرغم من تخفيف بعض الرسوم الأولية، إلا أن المعدلات ما زالت مرتفعة: * 30% على المنتجات الصينية * 19% على المنتجات الفيتنامية والإندونيسية (بدءًا من 1 أوت) * 35% متوقعة على بنغلادش شركات كبرى مثل "نايكي" و"ليفايس" أعلنت بالفعل عن زيادات مرتقبة في الأسعار. وتشير دراسة لجامعة "يال" إلى أن أسعار الملابس قد ترتفع بنسبة تصل إلى 37% على المدى القريب، وهي زيادة غير مسبوقة منذ عقود. الغذاء: القهوة والزيت والمنتجات الطازجة في مرمى الضرائب تعتمد الولاياتالمتحدة بشكل شبه حصري على القهوة المستوردة، والرسوم الجديدة جاءت ثقيلة: * 50% على القهوة البرازيلية * 20% على قهوة فيتنام * 15% على زيت الزيتون الأوروبي و بحسب "يال"، فإن المنتجات الطازجة ستكون الأكثر تضررًا، مع توقع تضخم غذائي عام يصل إلى 3.4%. السيارات: زيادات غير مباشرة لكنها حتمية منذ مارس الماضي، بلغت الرسوم الجمركية : * 25% على السيارات و قطع الغيار المستوردة * 15% فقط على واردات الاتحاد الأوروبي واليابان * 10% على المملكة المتحدة غير أن العديد من السيارات "الأمريكية" تعتمد على مكونات تُجمع في دول مثل المكسيك و كندا. و تؤكد شركة "كوكس أوتوموتيف" أن المصنّعين لن يتمكنوا من امتصاص هذه الكلفة طويلاً، ما يعني زيادات محتملة في الأسعار قريبًا. البناء : الخشب و الفولاذ و النحاس يتحولون إلى مواد فاخرة القطاع العقاري من أكثر المتضررين، مع زيادات معلنة: * 50% ضريبة على النحاس اعتبارًا من 1 أوت * زيادات على الحديد والألومنيوم وربما الخشب و تحذر الجمعية الوطنية للبنائين (NAHB) من أن هذه الضرائب : * ترفع كلفة البناء * تبطئ تنفيذ المشاريع العقارية * تزيد أسعار السكن للمواطنين و يُشار إلى أن الولاياتالمتحدة تستورد : * 69% من حاجتها من الخشب * 25% من الحديد * 18% من النحاس، خصوصًا من كندا التي فُرضت عليها ضريبة بنسبة 35%. الكحول : آثار غير مؤكدة لكنها مقلقة تُصدّر أوروبا قرابة 9 مليارات يورو من المشروبات الكحولية سنويًا إلى أمريكا، من بينها: * ثلث إنتاج الويسكي الإيرلندي * 18% من الشمبانيا و رغم أن بعض المنتجات قد تحصل على إعفاءات، إلا أن البيرة المكسيكية مثل "كورونا" و"موديلو" ستتأثر بسبب الرسوم على الألومنيوم، الذي يُستخدم في 64% من العلب المستهلكة في السوق الأمريكية. الطاقة : كندا تحت المجهر رغم أن النفط والغاز لم يشملهما التصعيد الضريبي، إلا أن ضريبة بنسبة 10% فرضت على واردات الطاقة الكندية. و تُعد كندا المورد الرئيسي للنفط الخام للولايات المتحدة، بنسبة 61%. و تُحذّر جمعية مصافي الوقود الأمريكية من أن أي خفض كندي في الإمدادات، كردّ على هذه الإجراءات، قد يؤدي إلى ارتفاع سريع في أسعار البنزين، نظرًا لاعتماد المصافي الأمريكية على معالجة النفط الثقيل الكندي و المكسيكي. تضخم لم يبلغ ذروته بعد بحسب جامعة "يال"، فإن التأثيرات الكاملة لهذه السياسات لم تصل بعد إلى المستهلك النهائي. لكن استمرار التوترات التجارية مع كندا وآسيا وأوروبا قد يسرّع من وتيرة ارتفاع الأسعار خلال النصف الثاني من سنة 2025. و رغم وعود البيت الأبيض بعائدات مالية إيجابية، قد يصطدم الأمريكيون قريبًا بواقع أكثر مرارة على رفوف المتاجر و في فواتيرهم و مشاريعهم العقارية. تعليقات