الرجاء منكم نشر النص الحرفي لقرار اللجنة الوطنية للاستئناف بتاريخ 22 أفريل 2008 ملف استئناف عدد 31 مع تعليقنا على هذا القرار آملين أن يفتح باب النقاش القانوني. قرار للجنة الوطنية للاستئناف بتاريخ 22 أفريل 2008 ملف استئناف عدد 31. المستأنف: الترجي الرياضي القرار المطعون فيه: قرار الرابطة بتاريخ 17 أفريل 2008 نص القرار المطعون فيه: تسليط عقوبة ضد الترجي الرياضي بمباراتين بدون جمهور مع خطية ب(2000د). تاريخ الإعلام بالقرار المطعون 17 أفريل 2008 عن طريق الفاكس تاريخ الاستئناف: 18 أفريل 2008 عن طريق رسالة البريد السريع عدد EE108906359 1) من حيث الشكل حيث جاء مطلب الاستئناف في الأجل القانوني ومصحوبا بمعلوم الاستئناف واستوفى مكوناته الشكلية التي اقتضاها الفصل 205 من القوانين العامة وهو بذلك حري بالقبول. 2) من حيث الأصل حيث استند القرار المطعون فيه على أحكام الجدول E من الفصل 33 من المجلة التأديبية معتمدا في ذلك ورقة المباراة وتقرير مراقب المباراة اللذين تضمنا رمي المقذوفات من جانب جمهور الترجي أثناء مقابلته مع مستقبل المرسى بملعب المرسى يوم 16/04/2008 معتبرا وأنه بالنظر إلى العقوبات التي سبق أن تعرض لها الفريق خلال هذا الموسم يعتبر عائدا مسلطا عليه تبعا لذلك العقوبة المستوجبة عند العود. وحيث تعيب المستأنفة على القرار المطعون فيه سوء تطبيقه لأحكام الفصل 35 من المجلة التأديبية معتبرة وأن أحكام العود لا تطبق عليها طبق أحكام الفقرة 2 من الفصل 35 طالبة نقض القرار المطعون فيه تطبيق العقوبة المستوجبة لمخالفة رمي المقذوفات أي مقابلة واحدة دون حضور الجمهور مع تأجيل التنفيذ وخطية بألف دينار. وحيث بعد الاطلاع على ورقة المباراة وتقرير المراقب ومحضر جلسة مكتب الرابطة عدد 32 بتاريخ 17/04/2008 وكذلك مستندات الاستئناف. حيث تبين من الاطلاع على السوابق التأديبية للمستأنفة خلال نفس هذا الموسم وأنها تعرضت لعقوبتين: 1 - الأولى: اثر مباراتها ضد النادي البنزرتي بتاريخ 02/12/2007 2 - الثانية: إثر مباراتها ضد النجم الساحلي بتاريخ 09/03/2008 وذلك من أجل نفس المخالفة أي رمي المقذوفات. وحيث بالرجوع الى الجدول E من الفصل 33 نلاحظ أن العقوبة التي تستوجبها المخالفة هي مقابلة واحدة (01) دون حضور الجمهور مع تأجيل التنفيذ وخطية بألف دينار. وحيث أن الاشكال يتمثل في أنه هل يعتبر الترجي عائدا أولا؟ وهل تنطبق عليه العقوبة الاضافية المتعلقة بالعود أم لا؟ وحيث بالرجوع إلى الفصل 35 نجده يتضمن ثلاث فقرات: - الأولى تضمنت تعريفا لمفهوم العود. - الثانية نصت على أنه لا وجود للعود بالنسبة للمخالفات التي تستوجب عقوبة بمباراة واحدة. - الثالثة نصت على العقوبة المستوجبة في حالة توفر العود مستثنية المخالفات المستوجبة لعقوبة بمباراة واحدة. وحيث أن المخالفة المرتكبة وهي رمي المقذوفات تستوجب عقابا بمباراة واحدة مع الاسعاف بتأجيل التنفيذ والخطية وبالتالي فلا مجال لتطبيق قواعد العود في صورة تكرار نفس المخالفة خلال نفس الموسم طبقا لأحكام الفقرة 2 من الفصل 35. وحيث أنه كانت عبارة القانون مطلقة جرت على إطلاقها طبقا للقاعدة القانونية التي اقتضاها الفصل 533 من مجلة الالتزامات والعقود. وحيث حتى لو اعتبرنا جدلا وجود غموض في قراءة أحكام المجلة التأديبية واحتجنا لتأويلها فإن القاعدة القانونية التي جاء بها الفصل 541 تقتضي وأنه إذا احوجت الضرورة لتأويل القانون حاز التيسير في شدته ولا يكون التأويل داعيا لزيادة التضييق أبدا. وحيث بخصوص تأجيل تنفيذ العقوبة فإنه أمام سكوت المشرع بخصوص تطبيقها عند ارتكاب نفس المخالفة خلال نفس الموسم وبالرجوع إلى القواعد العامة للقانون الجزائي فإن اللجنة ترى وأن الاسعاف بتأجيل التنفيذ لا يمكن أن ينتفع به المخالف الا في مناسبة واحدة خلال نفس الموسم ولا يمكن تمتيع المخالف بتأجيل التنفيذ مرة أخرى. وحيث تبين أن جماهير المستأنفة ارتكبت مخالفة رمي المقذوفات خلال هذا الموسم ثلاث مرات الأولى ضد النادي البنزرتي بتاريخ 02/12/2007 والثانية ضد النجم الساحلي بتاريخ 09/03/2008 والثالثة موضوع هذا الاستئناف وقد عوقبت إثر ارتكابها لنفس المخالفة للمرة الثانية باللعب دون حضور الجمهور لمباراة واحدة نافذة دون أن تنتفع بتأجيل التنفيذ. وحيث أن اللجنة ومسايرة منها للذوق والمنطق السليم والقواعد العامة للقانون الجزائي ترى وأنه لا يمكن إسعاف المستأنفة مرة ثانية بتأجيل التنفيذ عند ثبوت تكرار ارتكاب نفس المخالفة خلال نفس الموسم. لكل هذه الأسباب قررت اللجنة قبول الاستئناف شكلا وفي الأصل إقرار القرار المطعون فيه مع تعديل نصه وذلك بالحط من العقوبة من مباراتين إلى مباراة واحدة ومن خطية من 2000 إلى 1000 دينار وإرجاع معلوم الاستئناف إلى المستأنفة. صدر هذا القرار عن اللجنة المتركبة من رئيسها السيد الحبيب بن عيسى وأعضاؤها السادة الطاهر اليفرني، حسين، فيالة، كمال الباجي ومحمد الرياحي. تعليق على قرار اللجنة الوطنية للاستئناف لقد اعتبرت اللجنة أن الاشكال المطروح أمامها عند النظر في استئناف الترجي يتمثل في هل يجوز اعتبار الترجي عائدا أم لا وهل تطبق عليه العقوبة الاضافية المتعلقة بالعود؟؟ لمحاولة الإجابة ومناقشة القرار لا بد من طرح الاسئلة التالية: ما هو السند القانوني المعتمد في إصدار القرار المشار إليه؟ هل يجوز القياس بنص جزائي على نص تأديبي؟ بصورة أخرى هل أن الضرورة الزمت اللجنة الوطنية للاستئناف للاستنجاد بالقواعد العامة للقانون الجزائي لإصدار عقوبة مقابلة مع خطية بألف دينار؟ هل أن الاسعاف بتأجيل التنفيذ هو حق مكتسب بموجب القانون أو «حق» تمنحه اللجنة؟ بمعنى آخر هل أن المجلة التأديبية تمنح سلطة للجنة الاستئناف أو غيرها بإسعاف الترجي أو غيره من الجمعيات بتأجيل التنفيذ؟ وهل يوجد مجال للاجتهاد في باب العقوبات في ظل وجود جدول محدد ومضبوط؟ وهل يمكن الاجتهاد في إطار العقوبات مثل الاجتهاد في باب تكييف الوقائع؟ وهل يجوز أن تعتبر الترجي ليس بعائد "Non Récidive" في حين تطبق عليه العقوبة الاضافية المتعلقة بالعود؟ وبصورة أخرى هل يمكن أن نبرئ الترجي في الجانب الأصلي المرتبط بمفهوم العود ونقاضيه في العقوبة التكميلية في ظل سكوت المجلة التأديبية؟ وهل يجوز أن تستغل اللجنة سكوت المشرع وتصدر عقوبات لا أثر لها بالمجلة التأديبية؟ I) قرار اللجنة الوطنية للاستئناف لم يؤسس على نص قانوني سابق الوضع: لئن كان لقرار الرابطة سند وأساس قانوني غير سليم الفصل 33 فإن اللجنة الوطنية للاستئناف أصدرت عقوبة ضد الترجي بمقابلة بدون جمهور مع خطية بألف دينار نافذة من دون الاستناد على نص قانوني سابق الوضع إذ أن الفصل 33 أو غيره من النصوص لم يذكر هذه العقوبة وهو يدعونا إلى التساؤل هل يجوز إصدار هذه العقوبة؟ وما هي الأسباب والمبررات التي جعلت اللجنة تصدر هذا القرار؟ إن إطار إصدار مثل هذه القرارات هو المجلة التأديبية أي أننا نكون في إطار عقابي شبيه بالمجال الجزائي وهو ما يجعلنا أمام مبدأ دستوري هام ألا وهو مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عليه بالفصل 13 من الدستور «العقوبة شخصية ولا تكون الا بمقتضى نص قانوني سابق الوضع». إن هذا المبدأ ليس فيه أي استثناء الا إذا كانت العقوبة أرفق للمتهم بصريح الفصل الأول من المجلة الجنائية الذي ينص على أنه «لا يعاقب أحد الا بمقتضى نص من قانون سابق الوضع لكن اذا وضع قانون بعد وقوع الفعل وقبل الحكم البات وكان نصه أرفق بالمتهم فالحكم يقع بمقتضاه دون غيره». إن الإجابة جلية ومدعمة بمبدأ منصوص عليه بالدستور في حين أن اللجنة أصدرت قرارها من دون الاستناد إلى نص قانوني رغما عن لجوئها إلى القواعد العامة للقانون الجزائي فلماذا تجاهلت هذا المبدأ الدستوري الذي لا يقبل الاستثناء؟ ولماذا شددت في العقوبة؟ وما هي مبرراتها القانونية والواقعية؟. للأسف لا يوجد أي مبرر قانوني لإصدار مثل هذا القرار بل على العكس فإن اللجنة سقطت في فخ التناقض الصارخ بين الاستنجاد بمبادئ القانون الجزائي لفرض العقوبة غير الموجودة متجاهلة أهم مبدأ في القانون الجزائي وهو مبدأ شرعية الجريمة والعقوبة ولعل إجراء الترجي لمقابلة مع الاتحاد المنستيري هو المبرر الواقعي الوحيد لإيجاد مثل هذا المخرج والحل بما أن القرار صدر يوم 22/04/2008 في حين أن المقابلة أجريت دون جمهور يوم 20/04/2008 بمعنى أن العقوبة قضيت ولا فائدة تنتظر من القرار من الناحية العملية. إذن إزاء غياب السند القانوني للعقوبة المتخذة هل يجوز الرجوع إلى قواعد القانون الجزائي العامة للحسم في مسألة الاسعاف بتأجيل التنفيذ؟ II) إسعاف تأجيل التنفيذ في إطار المجلة التأديبية حق مضمون بموجب القانون ولا يندرج في إطار السلطة التقديرية للجنة الوطنية للاستئناف. لقد اعتبرت اللجنة الوطنية للاستئناف أن «مسألة تأجيل تنفيذ العقوبة سكت عنها المشرع في التطبيق عند ارتكاب نفس المخالفة خلال نفس الموسم» الأمر الذي يقتضي «الرجوع الى القواعد العامة للقانون الجزائي» وبالتالي فإن الاسعاف لا ينتفع به الا مرة واحدة خلال نفس الموسم. إن تأويل اللجنة وقياسها أو اعتمادها على القواعد العامة للقانون الجزائي لا يستقيم قانونا للأسباب والمعطيات الآتية: أوّلا: إن الرجوع إلى القواعد العامة للقانون الجزائي لا يكون مبررا لخرق المبدأ الدستوري المتمثل في لا جريمة دون نص بمعنى أن هذا الرجوع لا يخول للجنة استصدار قرار قاضي بالعقوبة من دون الاستناد إلى نص قانوني. ثانيا: إن المجال الرياضي وخاصة المجلة التأديبية تختلف اختلافا كليا وجوهريا عن المجال الجزائي من ذلك أن القاضي الجزائي له سلطة تقديرية وله مجال اجتهاد كبير وكبير جدا في إصدار العقوبة في حين ان المجلة التأديبية مجلة معلوماتية بمعنى أن السلم الموضوع فيها لا يمنحك أي مجال للاجتهاد لاعتبار أن العقوبة وردت مضبوطة في إطار جدول لا يسمح بالاجتهاد فعلى سبيل المثال ان العقوبات المنصوص عليها في المادة الجزائية تكون في الغالب من الى في حين أن المجلة التأديبية العقوبة كذا فقط ولعل مجال الاجتهاد الوحيد في تكييف الأفعال مثل حركة لا أخلاقية أو لا رياضية... ثالثا: ان الاسعاف بتأجيل التنفيذ في المادة الجزائية أمر يعود إلى اجتهاد القاضي وله سلطة تقديرية في ذلك اذ لا وجود لنص جزائي ينص على الاسعاف بتأجيل التنفيذ (لقد ورد في الباب الثاني من المجلة الجنائية في إطار العقوبات وتنفيذها سرد كامل لأنواع العقوبات ولا أثر لمسألة تأجيل التنفيذ عند سردها) بمعنى أن تأجيل التنفيذ في المادة الجزائية يعود بالضرورة إلى اجتهاد القاضي وسلطته التقديرية للجرم المقترف وحالة المتهم وظروفه أما في المجلة التأديبية فإن الاسعاف بتأجيل التنفيذ منصوص عليه بالقانون وهو حق مشروع ولا يدخل في اطار اجتهاد اللجنة الوطنية للاستئناف التي ليس لها هي أو غيرها أهلية تمتيع المخالف بتأجيل التنفيذ طالما أن المشروع أعدم كل صلاحية في تقدير العقوبة لأن العقوبة الرياضية محسومة ومحددة بطبيعة الأفعال ولعل وروده في شكل جدول اكبر دليل على ذلك. III) الترجي الرياضي لا يطبق عليه مفهوم العود فلماذا تطبق عليه العقوبات الاضافية المتعلقة بالعود؟ لقد اعتبرت اللجنة أن الترجي ليس بعائد طبق أحكام الفقرة الثانية من الفصل 35 وحسنا فعلت لأنها القراءة السليمة لذلك الفصل. وحيث أسست اللجنة قرارها على أحكام الفصل 541 م.ا.ع «وحيث لو اعتبرنا جدلا وجود غموض في قراءة أحكام المجلة التأديبية واحتجنا لتأويلها فإن القاعدة القانونية التي جاء بها الفصل 541 من مجلة الالتزامات والعقود تقتضي وأنه اذا أحوجت الضرورة لتأويل القانون جاز التيسير في شدته ولا يكون التأويل داعيا لزيادة التطبيق أبدا». وحيث ولو جارينا اللجنة في هذا التمشي السليم لتأويل النص القانوني لماذا ناقضت نفسها عند الخوض في مسألة تأجيل التنفيذ وعوض أن تيسر التأويل ضيقته؟ ثم لماذا طبقت العقوبات الاضافية المتعلقة بالعود والحال أنها حسمت الأمر بخصوص مسألة العود ألم يكن قرار العقوبة بمقابلة بدون جمهور مع خطية اعتبارا ضمنيا بأن الترجي يعتبر عائدا بعدما برأته من هذه التهمة؟ إن اللجنة ناقضت نفسها فمن جهة تعتمد القانون المدني في التأويل ومن جهة تعود إلى القانون الجزائي في إصدار العقوبة وهما لا يتكاملان بالضرورة كما أنها ابتعدت عن المجلة التأديبية في ظل سكوت المشرع حول مسألة الاسعاف بتأجيل التنفيذ! إن اللجنة بقرارها القاضي بمعاقبة الترجي تكون تحولت الى مشرع يخلق العقوبات لوضعيات لم يقع التعرض اليها وهو أمر لا يدخل في مشمولاتها والحال أن المسألة واضحة ومحسومة بالنصوص الواردة بالمجلة التأديبية بما أن المشرع عرف العود ومجال التطبيق فلماذا بحثت اللجنة عن عقوبة غير موجودة بالمجلة؟! إن هذه التساؤلات تكشف الاجابة المفروضة على رجال القانون لأن الرابطة لها عذرها بما أن تركيبتها خليط بين رجال القانون ورجال الرياضة أما اللجنة الوطنية للاستئناف لا عذر لها لكي تخترق النصوص القانونية، وقد كان على الترجي الطعن بالتعقيب في القرار وأن المسألة أهم من مداخيل مقابلة الأجوار مع النادي الإفريقي التي خلقت نفس الإشكال القانوني الذي سيكون محل نظر هذه اللجنة مرة أخرى.