تونس الصباح: على امتداد اكثر من عشريتين ظل الوجه الثقافي والاعلامي البارز السيد مختار الرصاع مديرا لمهرجان المدينة الرمضاني على اعتبار انه المؤسّس الفعلي وصاحب المبادرة في بعث هذا المهرجان الثقافي ذي الخصوصية.. ثم ولما تقرر تكوين جمعية تتولى الاشراف على هذه التظاهرة ظل الاستاذ مختار الرصاع والى غاية الدورة الاخيرة (رمضان 2007) محتفظا بمنصبه كرئيس لهذه الجمعية فيما آلت «خطة» مدير المهرجان الى الاستاذ الهادي الموحلي وهو بدوره أحد الذين واكبوا تأسيس مهرجان المدينة ونشطوا بانتظام في صلبه. بوادر انشقاق وعلى الرغم من النجاح الذي عرفه مهرجان المدينة على امتداد مسيرته والذي جعله يتحول من مجرد فكرة بسيطة تطمح الى اعادة بعث الروح والحياة والنشاط الثقافي داخل النسيج العمراني لمدينة تونس العتيقة وتحويل دُورِها وقصورها الاثرية المهجورة الى فضاءات عروض وانشطة ابداعية في مختلف مجالات الفنون والفرجة على امتداد ليالي شهر رمضان الى «ظاهرة» مهرجانية رمضانية بأتم معنى الكلمة سعت اطراف عديدة الى «نسخها» والنسج على منوالها فاصبح هناك «مهرجانات للمدينة» في ولايات مختلفة (صفاقس وبنزرت..) فان بوادر «انشقاق» بدأت تلوح خاصة خلال الدورة الاخيرة لمهرجان المدينة (رمضان 2007) وذلك لما بدا للمتابعين وكأنّ «صراعا» خفيا وتناقضا بدأ يشق صفوف اعضاء الهيئة القائمة على تنظيم المهرجان.. ففيما كان السيد الهادي الموحلي مدير الدورة الماضية (دورة رمضان 2007) يعلن حينها لوسائل الاعلام عن أن الاستعدادات قائمة على قدم وساق وفي ظروف عادية لتنظيم تلك الدورة (المنقضية) كان الاستاذ مختار الرصاع (رئيس المهرجان) يعبر بالمقابل عن خشيته من ان تضطر جمعية مهرجان مدينةتونس الى الغاء تنظيم الدورة ذاتها نتيجة غياب التمويل المادي اللازم. انتظم المهرجان وانفرط العقد! وعلى الرغم من ان دورة رمضان 2007 من مهرجان المدينة انعقدت في آجالها المحددة واستوفت تقريبا عروضها المبرمجة وحققت بعض اهدافها فان البيان الصادر بتاريخ 13 ماي الجاري عن جمعية مهرجان المدينة جاء ليعلن عن شبه انفراط في عقد الهيئة المديرة للمهرجان وذلك بالنظر الى التحويرات العميقة التي أقل ما يمكن ان يقال عنها انها «لافتة» والتي طالت تركيبة هذه الهيئة وتوزيع المسؤوليات في صلبها والتي تحوّل بمقتضاها الاستاذ مختار الرصاع الوجه التاريخي والكاريزمي لمهرجان مدينة تونس من رئيس الجمعية الى عضو في هيئتها المديرة دون أي مسؤولية! «انقلاب» أم «صراع عائلي»؟! والواقع أن الناظر في هذا البيان وفي قائمة توزيع المسؤوليات داخل جمعية مهرجان مدينة تونس سيستوقفه امران اساسيان: * الأول هو صعود السيد زبير الاصرم الى منصب رئيس. * والثاني هو «تعيين الاستاذ مختار الرصاع «عضوا». وبعيدا عن اية قراءة «تآمرية» او «تأويلية» يمكن القول ربما بان بيان جمعية مهرجان المدينة الصادر بتاريخ 13 ماي الجاري والذي أعاد توزيع المسؤوليات في صلب الجمعية قد يكون يعكس من بين ما يعكس لا فقط محاولة لتحجيم دور الاستاذ مختار الرصاع في ادارة وتوجيه «اختيارات» مهرجان المدينة الرمضاني وربما «الانقلاب» عليه وعلى مكانته ودوره التاريخي في هذا المهرجان ولكن ايضا حسم شكل من اشكال «الصراع» العائلي على ادارة مهرجان المدينة لفائدة شخصية ووجه من عائلة الأصرم التونسية «البَلْدية» (بفتح الباء وسكون اللاّم) على حساب اخرى تنتمي الى عائلة الرصاع «البَلْدية» والعريقة بدورها. الطريف في المسألة ان بيان جمعية مهرجان المدينة المذكور والصادر بتاريخ 13 ماي الجاري يشير الى ان الجلسة العامة التي صدر عنها قرار اعادة توزيع المسؤوليات في صلب الهيئة المديرة الجديدة لمهرجان المدينة قد انعقد بمقر دار الاصرم بالعاصمة.. فهل كان ليتغير شكل اعادة توزيع المسؤوليات لو أن نفس الاجتماع انعقد مثلا بمقر دار بئر الاحجار المملوكة اصلا لعائلة دار الرصاع؟! ومع ذلك فان السؤال الأهم يبقى ذاك الذي مفاده: من سحب البساط من تحت رجْليْ السيد مختار الرصاع؟ ولماذا؟!