تمثل الصناعات التقليدية ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد بجهة الوطن القبلي لعلاقتها بالسياحة وقدرتها على استقطاب اليد العاملة مثل تقطير الزهر وصنع الحصير والجبة والفخار.. هذا القطاع تأثر كثيرا بتراجع النشاط السياحي وغياب دعم الدولة مما أثر على القطاع في جميع مكوناته ونفر الفئات الشابة منه وهو ما يتهدد مستقبله. مرشد خليل حرفي في صنع الحصير تحدث ل»الصباح» عن الصعوبات قائلا:»ورثت الحرفة عن والي رحمه الله الذي قضى فيها حوالي نصف قرن وقد مارست حرفة تقطير الزهر لكني مهتم أكثر بصناعة الحصير الذي يعتبر خصوصية نابلية لا مثيل لها في العالم. القطاع يمر بصعوبات تتمثل في قلة المادة الأولية المتمثلة في الصمار، فكانت في السابق تعاضدية فلاحية توفر هذه المادة بأسعار مدعمة للحرفيين لكنها توقف الآن عن التزويد فإنعكس ذلك على الحرفيين في صنع الحصير. هذه المصاعب وغيرها نفرت الشباب عن تعاطي هذه الحرفة، فمثلا ابني له17 سنة من العمر هجر هذه الحرفة إلى حرفة الميكانيك ولم أجبره على ذلك لأني لم أتمكن من إقناعه للبقاء معي. زد على ذلك أنا مجبر على العمل لتوفير قوتي لأني غير منتفع بالتغطية الاجتماعية». ورغم كل هذه المصاعب فإن محدثنا لم يخف تفاؤله تابع قائلا:»حرفة صناعة الحصير لن تندثر لأن العائلات النوابلية الأصيلة متشبثة بجذورها ولن تترك الزمن يمحي أصولها وستبقى الصناعات التقليدية عنوان أصالتنا». وما صناعة الحصير إلا عينة من المصاعب التي تعيشها الصناعات التقليدية بجهة الوطن القبلي، فالجبة الحمامية وبسبب ارتفاع تكاليف المواد الأولية وعزوف الفتاة الحمامية عن هذه الصناعة تأثرت كثيرا وحتى العروس الحمامية لم تعد تضم الجبة إلى جهازها. وكذلك عدد النسوة اللاتي يرتدين الجبة في الأعراس تقلص وأصبحن يفضلن تسويغها للباسها خصيصا لتلك المناسبة. صناعة الفخار تأثرت كثيرا بسبب ركود القطاع السياحي في السنوات الأخيرة وغياب الترويج للأسواق الخارجية.. وضعية الصناعات التقليدية بجميع اختصاصاتها في حاجة لخطة وطنية حقيقية للنهوض بها من خلال توفير حوافز وتشجيعات حقيقية وناجعة والقطع مع المساعدات الشكلية برصد مبالغ زهيدة لا بمكن أن تحمي القطاع ولا تحفز حرفييه على المواصلة فيه.