عرفت بلادنا نقاشا هاما في الأسابيع الفارطة حول قانون المالية لسنة 2018 وقد سبق هذا النقاش موافقه مجلس الوزراء على هذا القانون وإيداعه لدى مجلس نواب الشعب لمناقشته والموافقة عليه وكانت جل هذه النقاشات والجدل الذي صاحبها استندت على عديد التسريبات وليس على نص القانون أو مقترحاته باعتبار أن الحكومة رفضت الإدلاء بالتوجهات الكبرى لهذا القانون وبقي العمل في طي الكتمان. وخلنا أن هذا النقاش سيتواصل وسيزداد اشتعالا وحدة بعد موافقة مجلس الوزراء عليه وإيداعه لدى مجلس نواب الشعب وقد شهدت الساعات الأولى والأيام بعد الإعلان عن هذا القانون بعض النقاشات والحديث عن هذا القانون إلا أن هذه النقاشات سرعان ما خفتت وتلاشت. وفي رأيي ستعود هذه النقاشات إلى صدارة الأحداث عندما تبدأ لجنة المالية في مجلس نواب الشعب في الحديث عن هذا القانون ودراسته إلا أن هذا التراجع في النقاش العام حول هذا المشروع يعود في رأيي إلى طبيعة الوثيقة التي أصدرتها الحكومة والتي اقتصرت على الأحكام. وفي رأينا وعلى أهمية الأحكام الجبائية وأهمية النقاش حولها فإنه لا يمكنها أن تختزل مشروعا ووثيقة تأسيسية للسياسة الاقتصادية للحكومة في أهمية قانون المالية وهذا النقاش البناء حول هذه الاختيارات يتطلب وجود وثائق ومعطيات أهم لتمكن الفاعلين الاقتصاديين والناشطين السياسيين والخبراء من التعاطي مع هذه القانون والقيام بقراءة جدية لتصورات ومقترحات الحكومة من المجال الاقتصادي ومن جملة هذه المعطيات يمكن أن نشير إلى تحليل وقراءة الحكومة للوضع الاقتصادي وأهم أهدافها الاقتصادية ثم التوازنات المالية الكبرى والفرضيات التي يمكن اتباعها لبناء هذا القانون. إن النقاش العام والمفتوح حول الاختبارات الاقتصادية الكبرى في بلادنا هو هام وأساسي لكونه يساهم في بناء آليات للنقاش والحوار الديمقراطي في بلادنا بل كذلك لأنه يفسح المجال للحكومة لتثقيف الناس حول الوضع الاقتصادي وخطورته ولكي نساهم في بناء هذا النقاش الجدي والبناء لابد من توفير المعطيات والتحاليل الضرورية لمساهمة الفاعلين الاقتصاديين والناشطين السياسيين والخبراء في هذا الحوار.