قدم رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة التونسية طارق الشريف لنواب لجنة المالية مساء امس خلال الجلسة المنعقدة بقصر باردو رؤية منظمته لمشروع قانون المالية وبين أنه لا بد من التحكم في المصاريف وتنويع موارد الميزانية لان الميزانية الى حد الان تقوم بالأساس على الموارد المتأتية من الأجراء والمؤسسات الدافعة للضرائب وهذا لا يكفي في بلد يعيش مشكلة فقر وبطالة ويطمح إلى خلق الثروة وحسن توزيعها. ولاحظ الشريف أن كتلة الأجور ورغم كل الإجراءات التي تم اتخاذها أو التي ترغب الحكومة في اتخاذها مازالت تسجل ارتفاعا مطردا من سنة إلى أخرى رغم عدم تسجيل انتدابات كبيرة خلال السنوات الماضية. وشدد الشريف على ضرورة التحكم في كتلة الاجور في اقرب وقت، كما دعا الى معالجة مشكلة المؤسسات العمومية التي تعاني من صعوبات وبين انه لا يفهم لماذا مازالت الدولة محتفظة بها فقد تبين بالتجربة أن الدولة عندما فوتت سابقا في مؤسسات عمومية عند عقد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوربي، حققت منها ارباحا كبيرة، قطاع الاسمنت على سبيل الذكر وهو قطاع تنافسي عندما باعت الدولة أربع شركات، فإنها حققت ربحا وفيرا وساهمت هذه الشراكات في التشغيل والتصدير والجباية. لكن في المقابل نجد شركات ام الكليل وبنزرت وقرطاج للإسمنت التي لم يقع بيعها في وضعية صعبة. كما ان الدولة وعندما باعت بنك الجنوب حققت أرباحا كبيرة. وأشار الشريف إلى أنه من الضروري دعم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقال إن الشراكة بين القطاعين لا تعني كما يرى البعض رغبة في بيع البلاد.. وذكر أنه بإمكان النواب الاطلاع على التجارب الاخرى فالعربية السعودية مثلا رصدت 42 فاصل 9 مليار دولار والكويت 33 فاصل خمسة مليار دولا والمغرب اكثر من 29 مليار دولار وبين ان الشراكة تساعد على تشييد المستشفيات والطرقات وذكر ان الخواص في حوزتهم الكثير من الأموال وبإمكانهم ان ينفعوا البلاد والدولة لن تخسر شيئا . وبين ان الاقتصاد في تونس يقوم على الاستثمار والتصدير والبلاد اليوم في حاجة الى تعبئة مواردها من الاستثمار وبلوغ نسبة نمو قدرها ثلاثة ونصف بالمائة يتطلب الكثير من العمل. وقدم بقية ممثلي الكنفدرالية مقترحات لتعديل العديد من الفصول واتصلت ملاحظاتهم بالفصل السادس والعشرين المتعلق بإرساء نظام خاص بالمؤسسات الصغيرة الفردي وقالوا انه اجراء صحيح لكن الترفيع في الاسقف الى مائة وخمسين الف دينار بالنسبة الى الخدمات و200 الف دينار بالنسبة الى الانشطة الاخرى بعد ان كان مائة الف دينار غير منطقي في ظل وجود توجه نحو التقليص قدر الامكان من النظام التقديري للضريبة على الدخل وذلك في اطار التصدي للتهرب الجبائي وتحسين مساهمة مختلف اصناف المطالبين بالأداء في المداخيل الجبائية. اما الملاحظة الموالية فتهم الفصل 28 المتعلق بمواصلة توسيع ميدان تطبيق الاداء على القيمة المضافة من خلال اخضاع للنسبة العامة للأداء على القمية المضافة للعقارات المبنية المعدة للسكن وتوابعها واعتبروها نسبة مرتفعة جدا.. وسيترتب عنها بالضرورة ترفيعا كبيرا في الاسعار في ظل صعوبات يمر بها قطاع البعث العقاري.. وبينوا ان قانون المالية السابق ورد فيه اجراء المسكن الاول وكان الهدف منه تشجيع الناس على اقتناء مسكن لكن بالإجراء الجديد سيقع تنفيرهم. كما سيترتب عن الترفيع في الاداء الترفيع في معاليم التسجيل. اما الاجراء الثالث موضوع اعتراض الكنفيدرالية فورد في الفصل 29 ويتعلق بالترفيع في خطايا التاخير للتصريح التلقائي فالمشروع رفع العقوبة المسلطة على دافع الاداء ثلاث مرات وبينوا انه من الافضل التخفيض في العقوبة بما يشجع على اداء الواجبات الجبائية. ويتمثل الاجراء الموالي في اقرار خطية جبائية جزائية تساوي الف دينار تطبق على كل شخص اخل بإعلام المصلحة الجبائية المختصة بانتفاء شروط انتفاعه بالامتياز وعدم ارجاع الشهادة والقسائم المؤشر عليها غير المستعملة وتمت الاشارة الى ان هذا الاجراء يجعلهم يتعقدون ان الادارة لا تريد القيام بدورها كما ان العقوبة مشطة ومن غير المنطقي وضع خطية يومية تساوي الف دينار بعنوان كل يوم تأخير مع حد اقصى يصل الى ثلاثين الف دينار. وبخصوص الفصل 34 المتعلق بتوضيح النظام الجبائي في مادة معاليم التسجيل والطابع الجبائي للعقود المماثلة للصفقات ذكر ممثل الكنفدرالية ان وزارة المالية تريد حصر التهرب في الفنانين والرياضيين لكن الاجراء يدخل اشخاص اخرين وهم الخبراء والفنيون واقترح استثناء الخبراء والفنيون من الاجراء. وبخصوص الاجراء الوارد في الفصل 38 المتعلق باحكام الانتفاع بالامتيازات الجبائية بعنوان الاكتتاب في راس مال المؤسسات، تساءلوا عن سبب اضافة هذا الشرط، وقالوا انه عبارة عن استثناء الاستثمارات المقامة على الاراضي وهذا اجراء يحد من الاستثمار ولا يشع عليه. واعترض ممثل الكنفيدرالية بشدة على الفصل 40 المتعلق بدعم آليات التصدي للتهرب الجبائي والذي نص على عقوبات جزائية سجنية تصل الى ثلاث سنوات على جريمة قال انها غير محددة بطريقة واضحة اذ تم التنصيص على تسليط هذه العقوبة عند استعمال انظمة معلوماتية غير موثوق بها لمسك حساباتهم او لتسجيل معاملاتهم، واقترح الغاء العقوبة السجنية والاكتفاء بالعقوبات المالية. وتعلقت ملاحظات الكنفدرالية بالإجراءات التعريفية للتحكم في عجز الميزان التجاري واعتبرته ضد التوجه العام الذي تم اقراره في ميزانية السنة الماضية بما يؤدي الى التقليص في التوجه نحو السوق الموازية فالترفيع في المعاليم الديوانية ومعاليم الاستهلاك بهذه الكيفية يتعارض مع مبدا الاستقرار الجبائي كما ان الاجراء المتعلق بالمشروبات الكحولية سيؤثر على القطاع السياحي وسينعش السوق السوداء واوضح ممثل الكنفدرالية ان اجراء الترفيع ينطبق على كل الخمور بما فيها الجعة، وبين طارق الشريف انه ليس ضد الترفيع في الاسعار بل كان يجب منح مهلة للمهنيين لكي يستعدوا لتنفيذ الاجراء. وبخصوص الترفيع في نسبة التسبقة المستوجبة على واردات مواد الاستهلاك بصفة ظرفية من 10 الى خمسة عشر بالمائة فهذا يعني وفق ممثل الكنفدرالية ان من يقتني بضاعة بمائة دينار عليه ان يبيعها بمائة وثمانين دينارا وهذا غير معقول. وبخصوص اجراء مواصلة التمشي الرامي الى التقريب بين النظام الجبائي لمداخيل رأس المال ومداخيل العمل الوارد في الفصل 47 فهو يكشف عدم استقرار التشريع الجبائي كما انه اجراء لا يكرس العدالة الجبائية، خلافا لما قالته الحكومة في شرح اسباب المشروع بل له انعكاسات خطيرة جدا على البورصة. وفي ما يتعلق بإحداث معلوم الاقامة لفائدة ميزانية الدولة يوظف على كل مقيم بالمؤسسات السياحية بمبلغ ثلاثة دنانير فترى الكنفدرالية ان خلق هذا المعلوم سيكون له تاثير على المؤسسات السياحية كما انه من غير المنطقي ان يتم اعتماد نفس المبلغ في النزل ذي ثلاث نجوم او نزل ذي خمس نجوم. واقترحت الغاؤه والترفيع في معلوم الطيران المدني والنقل البحري. وانتقدت الكنفدرالية الفصل الثاني والخمسين المتعلق بتجميد فائض الاداء على القيمة المضافة في 31 ديسمبر 2017 وقالت انه يتعارض مع حيادية الادارة وانه اعتداء صارخ على حق مكتسب للمؤسسة. وتعليقا على احداث المساهمة الاجتماعية التضامنية بنسبة واحد بالمائة لسد عجز الصناديق الاجتماعية وتساءل ممثل الكنفدرالية لماذا القطاع الخاص هو الذي يمول الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية. ولاحظ انه تم في السنة الماضية تغيير جدول احتساب الضريبة ومن غير المعقول اعادة النظر فيه هذا العام كما تم التاكيد سابقا على ان المساهمات الظرفية لن تتكرر وتبين ان الحكومة كررت نفس الامر وهذا يضرب الثقة في الدولة وفي التشريع الجبائي ويعكر مناخ الاستثمار.