أنهت عملية قرعة التجديد الثلثي لتركيبة الهيئة المستقلة للانتخابات التي انتظمت امس بالهيئة الفرعية تونس1 بشارع باب بنات بالعاصمة، رمزيا، مرحلة من التجاذبات والخلافات الداخلية التي كان صراع البقاء محركها الأساسي.. ورغم حالة الرفض والقطيعة التي طبعت العلاقة بين جل اعضاء المجلس ورئيس الهيئة الجديد المنتخب حديثا محمد المنصري، التي توجت مؤخرا بعقد مجلس الهيئة بحضور ثلثي اعضائه اجتماعا دون حضور الرئيس زادتها التصريحات الإعلامية من الطرفين صخبا وضجيجا وجدلا قانونيا عن صحة الإجراءات من دعمها.. إلا أنه عمليا ينتظر من مجلس الهيئة في الفترة القادمة تجاوز خلافاته الداخلية والانكباب جديا في مواصلة اعداد المسارات الانتخابية العاجلة على رأسها إنجاح الانتخابات الجزئية بألمانيا، واستكمال الاستعداد لانتخابات المحلية في موعدها المقرر من الهيئة ليوم 25 مارس 2018. يذكر أن عملية قرعة تجديد الثلث الثاني من أعضاء مجلس الهيئة أفضت إلى مغادرة ثلاثة أسماء هم كل من رياض بوحوش وأنور بن حسن (وهم بين الثلاثة القدم) ونجلاء براهم (واحدة من بين ثلاثة منتخبين جدد). ومن المقرر أن يواصلوا مهامهم بمجلس الهيئة إلى حين اتمام عملية تعويضهم في نفس الاختصاص.. وبالتالي فإن كلا من نبيل بفون (عضو منذ 2014) وفاروق بوعسكر وأنيس الجربوعي (منتخبان خلال 2017) سيواصلون مهامهم لثلاث سنوات اخرى ويغادرون آليا الهيئة سنة 2020.. علما أن رئيس الهيئة معني بالمغادرة سنة 2020 باعتباره انتخب لاستكمال المدة النيابية الفعلية للرئيس السابق المتخلي شفيق صرصار ومدتها 6 سنوات.. نهاية جدل.. اتمام عملية القرعة ( رغم تأخرها) وإنهاء جدل تواصل لأسابيع بخصوص من يحق لهم البقاء بالهيئة ومن يغادر خاصة بعد «الرضوخ» لاستشارة المحكمة الإدارية التي اكدت على ان القرعة يجب ان تشمل 6 أسماء وأن لا تتجاوز 8 أكتوبر 2017، لا تعني بالضرورة بداية الصحوة الفعلية، لكنها كانت ضرورية لتجاوز الخلافات عبر تطبيق القانون وإسكات مطامع البعض في التشبث دون مبرر في البقاء بعضوية الهيئة وهو يعلم أنه معني بالمغادرة.. علما أن محاولات يائسة مورست قبل يومين للتخلي عن القرعة.. ورغم مناخ عدم الثقة السائد، وحالة التوجس والترقب القلق سواء من خارج الهيئة (أحزاب، سياسيين، نواب، كتل برلمانية، مجتمع مدني..) او من داخلها ( بين الرئيس الجديد، وأعضاء المجلس) إلا أن مؤشرات ايجابية يمكن رصدها تؤكد فعلا أن جل اعضاء المجلس بما فيهم من وردت أسماءهم في القرعة للمغادرة نهائيا، والرئيس الجديد الذي ما يزال يبحث عن توازنه داخل الهيئة، مستعدون لطي الصفحة والمضي قدما نحو استكمال الاستعداد للمسار الانتخابي المهم وهو الانتخابات البلدية.. لكن التقارب بين الطرفين يتطلب تنازلات من هذا وذاك.. رسائل ايجابية.. وجدد في هذا السياق، عادل البرينصي نائب رئيس الهيئة في تصريح ل«الصباح» ان المهم الاختلاف في الرأي بين الأعضاء هي أمر عادي بل هو محمود ولا يمكن أن يكون حائلا امام نجاح الهيئة في مهامها المستقبلية والعاجلة منها والمرتقبة مثل الانتخابات البلدية، ثم الانتخابات التشريعية والرئاسية سنة 2019. وقال إن المفروض حاليا طي صفحة الماضي والتطلع إلى المستقبل خاصة ان مسالة القرعة انتهت ولن يتم اجراء أي قرعة الا بعد ست سنوات (وفقا لمنطوق الفصلين 9 و 32 من القانون الأساسي للهيئة) وبالتالي فإن الهيئة ستعرف في المدة المقبلة حالة من الاستقرار يسمح لها بالقيام بمهامها على أكمل وجه. وشدد البرنيصي على أن من أبرز أولويات الهيئة حاليا هو عقد جلسة عاجلة للنظر في المسار الانتخابي للانتخابات الجزئية بألمانيا، وحث السلطات التنفيذية على نشر رزنامة الانتخابات البلدية التي تمت المصادقة عليها في اجتماع المجلس الأخير ودعوة عاجلة للأحزاب والسلطات المعنية من اجل تثبيت موعد الانتخابات البلدية وسيكون مبدئيا يوم 25 مارس 2018 في انتظار موافقة رسمية من السلطات وتوافق الأحزاب السياسية.. على أن نائب رئيس الهيئة أكد ايضا أن من المهم أيضا لطمأنة الراي العام الوطني، إصدار رئيس الجمهورية لأمر دعوة الناخبين للانتخابات البلدية في مرحلة باكرة لقطع الطريق أمام الشكوك نهائيا في إمكانية إجراء الانتخابات من عدمها.. جدير بالذكر في هذا السياق نفسه، أن محمد المنصري رئيس الهيئة قلل في تصريح اعلامي مباشرة بعد صدور نتائج القرعة ردا على عدم حضور جل اعضاء المجلس، من أهمية المسألة نافيا وجود خلافات بين الأعضاء مشددا على عملية تجديد الثلث انتهت وسيتم اليوم الجمعة عقد اجتماع مجلس الهيئة للتطرق إلى عدة نقاط من بينها الاستعداد للانتخابات البلدية والمسار الانتخابي والانتخابات التشريعية الجزئية في دائرة ألمانيا.. مجددا التأكيد على جاهزية الهيئة لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها المقرر ليوم 25 مارس 2018. في المقابل، وصف عضو الهيئة المستقلة للانتخابات نبيل بفون أمس في تصريح لراديو «شمس اف ام»، علاقته بالرئيس الجديد المنتخب محمد التليلي المنصري ب›الصافي يا لبن› مطالبا إياه ب›التواضع للزملاء›، تعقيبا منه على الخلافات داخل الهيئة.. وقال: ‹نطلب من رئيس الهيئة التواضع للزملاء لان الرئيس يجب ان يكون لديه نوع من الحلم حتى لو كان غير راض على المجلس الذي عقد دون حضوره..» وشدد على أن الخلافات لن تكون لها تأثيرات على الانتخابات في ألمانيا ولا على مسار الانتخابات البلدية. وكان مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، قد عقد اجتماعا بتاريخ 21 نوفمبر الجاري بحضور 8 أعضاء وتغيب الرئيس محمد المنصري، وقرر المجلس روزنامة الانتخابات البلدية التي ستنشر بالرائد الرسمي، وتثبيت تاريخ 25 مارس 2018، كموعد نهائي لإجراء هذه الانتخابات، وانتخاب عادل البرينصي نائبا للرئيس. وعقد الاجتماع وفقا لما ينص عليه الفصل 18 من القانون الأساسي للهيئة الذي ينص على ان «تعقد اجتماعات مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بطلب من رئيسها أو من نصف أعضاء مجلسها ولا تنعقد إلا بحضور ثلثي الأعضاء... ويتخذ مجلس الهيئة قراراته بالأغلبية المطلقة لأعضائه ويتولى رئيس مجلس الهيئة إمضاؤها.» الكرة في ملعب السياسيين مهما يكن من أمر، فإن الانتهاء من عملية انتخاب رئيس الهيئة ورغم الظروف السلبية التي شابتها وحالة عدم الاجماع او التوافق الكلي من نواب المجلس وأيضا من اعضاء مجلس الهيئة نفسه على شخصه، ومن شأن تنظيم عملية القرعة والإعلان عن نتائجها وقبول الأعضاء المعنيين بالمغادرة بقانون اللعبة،.. والرسائل الايجابية الأخيرة التي رصدت في تصريحات الرئيس الجديد وبعض أعضاء المجلس.. كل ذلك من شأنه امتصاص جزء كبير من التوتر الذي ساد الهيئة والمناخ العام طيلة أسابيع وربما لأشهر ( بعد استقالة شفيق صرصار وعضوين آخرين في ماي 2017) ويؤسس لمرحلة جديدة يمكن عبرها اعادة ترميم ما فقد من رصيد الثقة في الهيئة وفي قدرتها على تنظيم انتخابات شفافة ونزيهة. والكرة الآن في ملعب الأحزاب وأصحاب القرار السياسي والسلطات المعنية للدفع لتثبيت موعد 25 مارس 2018 للانتخابات البلدية خاصة ان جل الشروط القانونية والإدارية اللوجيستية باتت متوفرة ولا يوجد فعليا ما يدعو إلى تأجيلها أو إلغائها او مقاطعتها..