صادق مجلس نواب الشعب أمس خلال جلسته العامة المنعقدة بقصر باردو على مشروع ميزانية وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان بموافقة 99 واحتفاظ ستة واعتراض 8. وتقدر مجموع الاعتمادات الممنوحة لهذه الوزارة بسبعة مليارات وتسعمائة وثلاثة وستين ألف دينار، منها 7 مليارات و783 ألف دينار لميزانية التصرف و180 ألف دينار لميزانية التنمية، مسجلة نسبة تطور بستة عشرة بالمائة مقارنة بسنة 2017 وذلك دون احتساب ميزانيات ثلاث هيئات كانت تتبع ميزانية رئاسة الجمهورية وتم الحاقها بمقتضى مشروع ميزانية 2018 بميزانية الوزارة وهي الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري والهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين. وخلال النقاش العام عبر العديد من النواب عن تمسكهم بإرساء الهيئات الدستورية لأنها دعامة أساسية للديمقراطية الناشئة، وطالبوا بتوفير الموارد اللازمة لمختلف الهيئات الموجودة حتى تؤدي الأدوار المناطة بعهدتها، واستفسروا عن الجمعيات وتمويلها وعن مدى التقدم في اعداد مشروع قانون الأحزاب، وقالت يمينة الزغلامي النائبة عن النهضة إن وزارة مهدي بن غربية هي وزارة المناضلين لكن ملف المناضلين وحقوق الانسان لم يأخذ للأسف حظه بعد، واضافت ان المناضلين الذين ضحوا من أجل تونس يتعرضون الى انتهاكات بعد أن كانوا ينعتون في عهد المخلوع بالخوانجية أو اليسار وبعد ان تم الزج بهم في السجون. ودعت النائبة الوزير إلى رد الاعتبار لشهداء الثورة وجرحاها ولشهداء المؤسسة الامنية والمؤسسة العسكرية وجرحاهما وللمقاومين ولضحايا الاستبداد وقالت انه في صورة عدم رد الاعتبار لهؤلاء فان تونس لن تعرف الاستقرار. ولدى حديثها عن الارهاب طالبت الزغلامي الوزارة بتنظيم مؤتمر وطني للإرهاب تشارك فيه الأحزاب والمنظمات بهدف تفكيك الظاهرة الارهابية والداعشية. واقترح بدر الدين عبد الكافي النائب عن نفس الكتلة تغيير اسم الوزارة لأن كلمة العلاقة مع المجتمع المدني فيها ايحاء بأن الوزارة تريد وضع يدها على المجتمع المدني. ولاحظ ان الوزارة تقوم باستشارات مع المجتمع المدني عند صياغة القانون كما أن البرلمان بدوره يفعل نفس الشيء وسيكون من الأفضل مأسسة هذا الإطار الاستشاري، وأضاف عبد الكافي أنه من الجميل أن تكون في تونس هيئات دستورية وحقوقية لكن لا بد من تفعيلها وتحدث في هذا الشأن عن وضعية هيئة مقاومة التعذيب. أما سماح دمق النائبة عن نداء تونس فتحدثت عن هيئة الاتصال السمعي البصري وتساءلت لماذا يكون تدخلها ردعيا وبعديا ولماذا لا تتدخل قبل نشر المواد التلفزيونية، ولماذا لا تقوم بالتنسيق مع التلفزيونات العمومية والخاصة قبل الانتاج حتى يقع بث منتوج ينفع المجتمع. واستفسرت دمق هل أن تونس قادرة فعلا على حماية المعطيات الشخصية فالمعطيات الشخصية للتونسيين على حد تأكيدها تنتهك كل يوم وهي ليست محمية. كما استفسرت عن تمويل الجمعيات ولاحظت أن هناك فوضى كبيرة في احداث الجمعيات ولا بد من مراقبة التمويل وتساءلت إلى أين وصل انجاز منصة الحوار البديل الرامية الى محاربة الارهاب. النظام السياسي عمار عمروسية النائب عن الجبهة الشعبية طالب مهدي بن غربية بحماية النظام السياسي وقال إن البناء الديمقراطي لم يستكمل بعد لكن الناعقون والناعقات يطالبون بتغيير النظام السياسي وبين ان النظام البرلماني المعدل هو خيار من خيارات الشعب التونسي الذي قام بثورة والاشكال ليس في النظام السياسي بل في الاغلبية السياسية، وذكر أن رأس النظام أي رئيس الجمهورية هو من بدأ بدق طبول الحرب على النظام السياسي الجديد لأنه يحن للنظام الرئاسي وأضاف عمروسية أنه ذاق ذرعا من تصريحات الرئيس فهو يبشر الشعب بالخراب، وكلما تحدث اشكالية في هيئة من الهيئات تطلع سعيدة قراش ونور الدين بن تيشة على الناس في المنابر الاعلامية للمطالبة بتغيير النظام السياسي. وشدد عمار عمروسية على أن القطع مع منظومة الاستبداد يمر عبر إرساء النظام البرلماني، وقال إن كل البلدان التي عاشت ثورات على الأنظمة الدكتاتورية مرت إلى النظام البرلماني لأنه أفضل وسيلة للقطع مع الاستبداد لكن من هو متشبع بثقافة نفسي قبل البلاد.. وابني قبل تونس.. وعائلتي قبل كل شيء لا يريد هذا النظام. وبين غازي الشواشي النائب عن الديمقراطية أنه لم يقع تفعيل اي هيئة دستورية الى الآن والهيئة الوحيدة الموجودة هي هيئة الانتخابات ودعا الى تركيز هيئة مكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة، وتساءل لماذا لم يقع سن القوانين المنظمة لبقية الهيئات الى غاية اليوم، وذكر أن المحكمة الدستورية لم يقع تركيزها بعد وهي تتعرض لتعطيلات داخل البرلمان إذ توجد رغبة من بعض الأطراف في المجلس لتعطيل تركيزها وهو ما يمس من مسار الانتقال الديمقراطي وتحدث الشواشي عن الاحزاب وذكر ان هناك احزابا بما فيها البرلمانية تخرق القوانين فهي توزع المساعدات العينية على المواطنين وهذا يعتبر شراء للذمم واستمالة للناخبين ودعا الوزارة الى ايقاف هذه المهزلة لأنها لا تليق بتونس. أما كريم الهلالي النائب عن آفاق تونس ونداء التونسيين بالخارج فأشار الى ان وضع الهيئات الدستورية وطرق انتخابها وتسييرها يتطلب إعادة نظر، فهيئة الحقيقة والكرامة كلفت بتسيير ملف العدالة الانتقالية لكن الملف مازال يراوح مكانة لان الهيئة فيها انتماءات سياسية واضحة وهو ما جعلها تفشل في مهمتها وذلك لأن اختيار الأعضاء تم تحت غطاء سياسي، وينحسب نفس الأمر على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، فالتجربة التونسية بخصوص هذه الهيئة على حد قوله ستفشل والقرعة التي تمت أمس لتجديد الثلث لن تحل المشكلة لأن رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الذي انتخبه البرلمان رفضه اعضاء الهيئة وهو ما سينعكس على سير عملها ويضرب مصداقيتها وقال الهلالي: «بكل وضوح لم تعد لنا ثقة في هذه الهيئة». وذكر أن الدولة أطلقت حربا على تمويل الجمعيات لأنه يشكل مسا من الامن القومي لكن الحكومة وضعت كل الجمعيات في سلة واحدة وهناك جمعيات رياضية تم التضييق عليها. واستحسن عبد الرؤوف الماي النائب غير المنتمي الى كتل دعوة وزارة العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان مجلس نواب الشعب الى استعجال النظر في مشروع القانون المتعلق بمكافحة التمييز العنصري وقال ان التميز العنصري موجود في تونس ومتغلغل وحان الوقت لتجريمه وتشديد العقوبات على المخالفين واضافة الى الجانب الردعي يجب ان يتضمن القانون اجراءات الحماية والتوعية والتحسيس. ◗ سعيدة بوهلال مهدي بن غربية: يجب الاعتراف بوجود ممارسات عنصرية في تونس ◄ طالبنا بحل 150 جمعية فيها شبهات إرهابية ◄ وزارتنا جاءت لتحقيق أحلام الناس الذين قاموا بالثورة ◄ حكومة الوحدة الوطنية تدعم الهيئات الدستورية والهيئات المستقلة تعقيبا على مداخلات نواب الشعب بين مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الانسان ان تونس ضد كل مظاهر الاستعباد الجديد أيا كان المكان الذي يمارس فيه، وقال إن تونس صادقت على اتفاقيات مناهضة التمييز وإن السياسات الوطنية كلها ضد التمييز لكن الأجانب في تونس يتعرضون لممارسات عنصرية ولا بد من الاعتراف بهذا الأمر. وأضاف أنه لهذا السبب تم اعداد مشروع قانون جديد سيجرم التمييز العنصري وسيعاقب المخالفين ويجبر الدولة على ارساء لجنة وطنية وعلى ووضع السياسات العمومية المناهضة للتمييز وعلى جبر ضرر كل من يتعرض لانتهاكات لها خلفية عنصرية. وذكر أن وزارته وجدت لتنزيل الدستور وتحقيق احلام الناس الذين قاموا بثورة في البلاد وللوفاء لدم كل الشهداء الذين ماتوا من اجل هذا البلد سواء شهداء معركة التحرير او شهداء فترة الاستبداد او الشهداء الامنيين والعسكريين وكل الذين ضحوا بدمائهم لحماية الدولة العادلة ودولة الحقوق والحريات والديمقراطية والمساوة التي تم التوافق على كيفية ارسائها عند كتابة الدستور. وأكد بن غربية أن حكومة الوحدة الوطنية وفية للدستور منطوقا وروحا وستعمل على ارساء كل المؤسسات التي وردت في الدستور وعلى ترجمة كل الحقوق والحريات الدستورية في المنظومة القانونية والترتيبية. ولدى حديثه عن الهيئات الدستورية المستقلة أشار بن غربية الى ان الوزارة عملت على تمرير قانون الأحكام المشتركة بين الهيئات الدستورية المستقلة وقانون هيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد كما احالت على مجلس نواب الشعب مشروع قانون هيئة حقوق الانسان وستقدم للمجلس مشروع قانون هيئة التنمية المستدامة وحقوق الاجيال القادمة وستتولى تعديل قانون هيئة الانتخابات، واستجابة الى توصيات مجلس النواب ستعمل على اصدار مجلة شاملة للهيئات الدستورية. وبخصوص العلاقة مع المجتمع المدني بين الوزير أنه تم الانطلاق في اعداد مشروع قانون جديد للأحزاب السياسية وتم اجراء استشارة مع الاحزاب حوله وسيتم استكماله في الثلاثي الاول من السنة القادمة كما ستقع مراجعة المرسوم المتعلق بالجمعيات وقد تم اجراء استشارة مع الجمعيات وهناك من ابدوا بعض المخاوف لكنه يؤكد لهم أنه سيقع دعم المجتمع المدني وأن الوزارة ستأخذ الوقت اللازم لنقاشه وسيتم اصداره في اطار ديمقراطي تشاركي. وفي ما يتعلق بالإعلام فانه اضافة الى مشروع القانون المتعلق بهيئة الاتصال السمعي البصري سيقع إعداد نص قانوني للصحافة والنشر. وفي مجال حقوق الانسان وزيادة على اعداد مشروع قانون حول التمييز العنصري هناك مشروع قانون آخر يتعلق بالاختفاء القصري ومشروع ثالث حول حماية المعطيات الشخصية. وبين بن غربية انه تم تركيز منصة للخطاب البديل تعمل في الجامعات والمعاهد وهناك عمل مع وزارة العدل من اجل تنفيذ هذا البرنامج في السجون. وقامت الوزارة على حد قوله بمناقشة تقرير تونس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اطار الية الاستعراض الدوري الشامل واودعت تقرير حقوق الطفل لدى مجلس حقوق الانسان وهي تعد تقارير حقوق المرأة والتمييز العنصري والمعاقين وستعمل على الانفتاح على الآليات الافريقية في مجال حقوق الانسان. وبين بين غربية ان الطريق مازال طويلا لإقرار الحريات الفردية وترجمة الحقوق والحريات الواردة في الدستور، وذكر أن الوزارة ستتعاون مع اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية والمتعلقة بالحريات الفردية ويقصد اللجنة التي ترأسها النائبة بشرى بلحاج حميدة. وردا على سؤال وجهته النائبة عن النهضة شهيدة بن فرج ويتعلق بوضعية المهندسين بين بن غربية ان الوزارة استقبلت العمادة وتلقت نسخة من مشروع القانون الذي اعدته العمادة، وستشرع الوزارة في اعداد قانون يهم المهندسين في النصف الثاني من السنة القادمة وفي رده على ما اثير من كلام حول النظام السياسي بين بين غربية ان الوزارة تعمل على اعداد القوانين المتعلقة بالهيئات الدستورية. وتعقيبا على النائب الحبيب خضر عبر الوزير عن امله في ان يتم استكمال كل مشاريع القوانين خلال سنة 2018. واضاف انه لا بد ايضا من التركيز على مسؤولية الهيئات المستقلة ودعا الهيئات الى تلافي كل الاشكاليات التي تمس من مسارها. وبخصوص تقارير المجتمع المدني حول الحقوق والحريات على غرار منظمة العفو الدولية بين بن غربية ان الوزارة تفاعلت مع كل التقارير حتى تلك التي فيها نقدا للحكومة.. وذكر أن التجاوزات موجودة في كل الديمقراطيات. وفي الديمقراطية لما تكون هناك تجاوزات يقع ردعها ومعاقبة مرتكبيها وتلافي الثغرات القانونية لتجنبها وقال ان الوزارة تثمن كل انتقاد يقوم به المجتمع المدني. وبخصوص هيئة الاعلام السمعي البصري وتعقيبا على مداخلة النائبة سماح دمق بين بن غربية ان الدستور نص على منحها جزءا من السلطة الترتيبية وبالتالي لا يمكن ان تخضع لمراقبة قبلية للإعلام السمعي والبصري وأوضح أن الاعلام يتحمل مسؤوليته وهناك هيكل تعديلي مستقل يعاقب المخالفين، اما الرقابة القبلية فهي تتنافى مع مبدا الاعلام الحر. وتحدث الوزير عن الجمعيات وقال أنه تم توجيه تنبيه ل 347 جمعية وطلب تعليق نشاط 270 جمعية وطلب حل مائة وخمسين جمعية تحوم حولها شبهات تطرف. وقال ان الحكومة شرعت في اجراء استشارة لسن قانون للجمعيات وستوجد بمقتضاه آليات رقابة شفافة لتمويل الجمعيات. وخلص الى ان حكومة الوحدة الوطنية توفر الدعم لكل الهيئات المستقلة وهذه الهيئات لها نقاط تحسب لها واخرى تحسب عليها لكن من المفيد ان تعمل كل المؤسسات على دعم النقاط الايجابية وتجاوز النقاط السلبية بالحوار والنصح لا تهديم البناء قبل اكتماله.