أعلن حزب المسار أمس عن بقائه في حكومة الوحدة الوطنية وذلك اثر أشغال المجلس المركزي للحزب في دورته العادية المنعقدة نهاية الأسبوع الماضي. ويأتي موقف المسار بعد إقرار عدد من قياداته بإمكانية الانسحاب من حكومة الشاهد احتجاجا على ما اعتبروه إمكانية عودة الوطني الحر إلى سدة الحكم رغم القضايا المنشورة ضد رئيسه سليم الرياحي بما يعنيه ذلك من حماية سياسية له. وأمضى حزب المسار بتاريخ 14 نوفمبر على بيان ضم 15 حزبا أعربت فيه ﻋﻦ «استنكارها للقرار الأحادي لحركتي النهضة ونداء ﺗﻮﻧﺲ لاعادة حزب الاتحاد الوطني الحر لدائرة الحكم رغم التتبعات القضائية التي تطال رئيسه والانعكاسات السلبية ﻋﻠﻰ الحرب ﻋﻠﻰ الفساد التي أعلنتها حكومة الوحدة الوطنية». ويؤكد موقف المسار على معارضته الشديدة لتوجهات أهم شريكين له في الحكم «النداء والنهضة» لا على خلفية استجلاب «الوطني الحر» لمربع الحكم فحسب بل أيضا موقفه من قانون المالية وخاصة قانون المصالحة الاقتصادية التي عارضها الحزب بشدة ولم يساوم حتى بموقع أمينه العام سمير بالطيب في الحكومة الحالية. وأسهمت مواقف الحزب في خلق هوة عميقة بين المسار ونداء تونس الذي «عاب» عليه مواقفه المعارضة للسلطة عموما في وقت ساهم فيه المسار في كافة مراحل مناقشات وثيقة قرطاج والتعديل فيها إلى جانب مساهمته في مناقشات تشكيل الحكومة الأولى للشاهد. وشكلت مواقف المسار في جزء كبير منها نسخة مطابقة للأصل لمواقف الحزب الجمهوري سواء في نقدهما لأداء الحكومة أو في دعمهما للحرب المعلنة على الفساد وخاصة الموقف من قانون المصالحة الاقتصادية التي أعلنها الرئيس الباجي قائد السبسي، مواقف أججت بداية الخلافات بين الجمهوري والنداء الذي ضغط بشدة إلى درجة انفرط فيها عقد العلاقة بين الجمهوري وممثله بالحكومة، بعد أن خير إياد الدهماني البقاء تحت الشمس مقابل الانتصار لحزبه «الأم». وكما هو حال الجمهوري فقد دخل المسار في «مواجهة» كلامية مع قيادات النداء التي رأت في حزب المسار غير ذي فائدة وان بقاءه في المسار السياسي مرتبط أصلا ببقائه في الحكومة بعد أن تحول الحزب إلى «ناد للمتقاعدين» على حد وصف مسؤول السياسيات بالنداء برهان بسيس. وقال في هذا السياق «للأسف القيادة الحالية لحزب سليل تجربة سياسية عريقة، لم تستوعب تحولات المرحلة وحوّلت حزبها إلى نادٍ مغلق يقوده متقاعدون انتهى بهم الحال إلى اعتبار أن أولوية العمل السياسي اليوم ليست تقديم المقترحات البناءة أو التصورات العملية لإنقاذ البلاد بل الأولوية هي استهداف النداء وشتم حافظ قائد السبسي»، وفق تعبيره. كما أعلن بسيس تحديه لحزب المسار وما راج عن إمكانية الانسحاب من الحكومة على غرار الجمهوري بقوله «لا أعتقد أن له الشجاعة الكافية لذلك». وفي حوار له لجريدة «الصباح» توجه المنسق العام للحزب جنيدي عبد الجواد بالحديث إلى عدد من الشخصيات السياسية من خلال عدد من الرسائل الموجزة. حيث نصح رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالتخلّص من ضغوطات الأحزاب ودعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي للترفّع عن الأحزاب والكفّ عن تبييض الداعين لدولة دينية. كما توجه إلى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي بالقول «يجب أن يخرج من منطق الإخوان المسلمين ويتخلّى عن مشروع الدولة الدينية» أما فيما يتعلق بموقفه من حافظ قائد السبسي فقد توجه له بالقول «خاطيك السياسة» وهو ما اعتبرته القيادة المحيطة بالمدير التنفيذي للحزب استنقاصا وتهكما غير مبرر. وبالرغم من كم الضغط الحاصل فقد تمكن حزب المسار من تجاوز منعرج الخلافات مع نداء تونس وليسقط حسابات من راهنوا على خروجه من الحكومة.