تنظم رابطة الكتاب الأحرار فرع بنزرت يوم الجمعة 15 ديسمبر الجاري لقاء أدبيا مع الروائي محمد عيسى المؤدب حول روايته الجديدة «جهاد ناعم» الفائزة بجائزة كومار لسنة 2017 . وهو كتاب من الحجم المتوسط يشتمل على 260 صفحة، صادر عن دار زينب للنشر والتوزيع 2017 . يقول الدكتور الجزائري علاوة كوسة في تقديمه للكتاب :»إننا أمام فتح روائي بهي، وبجوار نص موسوعي شاسع، جمع فنونا عديدة كالتاريخ والغناء والأمثال والفلسفة في قالب يتمدد ليستوعب الكثير، ويتمطط ليضم المختلف ويلتفت ليرى عوالم جديدة تساهم في التشكيل السردي المختلف الذي صار يميز الرواية العربية الجديدة.» بطل الرواية هو نضال فتح الله، أو نضال «ولد فطومة الهجالة»، متزوج وله ابنتان فاطمة ومريم، أطرد من المعهد بسبب خلاف مع أستاذ متصاب، فاشترى له والده مركب صيد ليقيه ذل الحاجة واستغلال مالك المصنع الوحيد بجهة صاحب الجبل بالوطن القبلي حيث تنطلق أحداث الرواية، فاستغل المركب وداريته بعالم البحر في تنظيم الهجرة السرية إلى إيطاليا. وفي «الحرقة» الأخيرة تحدث مفاجآت كثيرة، يدخل بنا خلالها الراوي عوالم العصابات والتهريب والخمرة والجنس والمخدرات، وعلاقة كل ذلك بعالم المال والأعمال والسياسة والحروب. ويجد البطل نفسه متورطا مع عصابة ايطالية تهرب الآثار والكنوز البونية من تونس، وتتطور الأحداث، وتنقلب أدوار الكثير من شخصيات الرواية اثر ثورة 14 جانفي، إذ اتخذ البعض من التدين ولباس الفضيلة والتقوى والثوب الأفغاني غطاء لتطوير نشاطهم الإجرامي. وتتنامى الأحداث بشكل دراماتيكي، ينتقل خلالها البطل نضال من ايطاليا إلى ليبيا ومنها إلى تونس حيث توجه إليه تهمة الإرهاب ويوقف بسجن المرناقية، ليعود بعد خمس سنوات إلى أسرته في حالة مزرية «كأنه جن، وجهه أسود وعيناه محمرتان.. ينفض ما علق بجلبابه من أتربة». وتحفل الرواية بقصص أخرى بعضها يتصل بالواقع وبعضها الآخر يلامس العالم العجائبي، أوردها الراوي مجزأة، مبتورة لا تكتمل حلقاتها إلا في خاتمة الرواية، وهو ما يضفي عليها طابع التشويق، يذكر بروايات ميشال زيفاكو والكسندر دوماس. وكانت المرأة من بداية الرواية إلى نهايتها، حاضرة واختلفت أدوارها وتعددت، فكانت الضحية وكانت الجلاد، ولعل ذلك ما دعا المؤلف إلى اختيار عنوان «جهاد ناعم»، في تباين واضح مع العبارة المألوفة «الجنس الناعم». ولئن تداول على السرد الروائي محمد عيسى المؤدب والبطل نضال فتح الله في انفصال واضح بينهما وتجسد ذلك في الشكل وفي المضمون، فإنهما في النهاية يتماهيان في تصريح صريح للراوي نضال فتح الله وهو يخاطب نفسه قائلا: «يا محمد عيسى المؤدب»، وذلك في مناسبة وحيدة في كامل الرواية. وبالرغم من كشف الرواية عن المقدرة الإبداعية لمحمد عيسى المؤدب في الكتابة الروائية متفردا بأسلوب خاص به، فإنها تشي في مواطن متعددة بتأثر واضح بروايات خالدة على غرار «الشراع والعاصفة « و»الياطر» لحنا مينه، و»موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح. لذلك ينتظر أن تتعدد قراءات هذه الرواية، وأن يكون الحوار المرتقب ثريا شيقا ومفيدا.