وسد سيدي سعد وراء انتشار الجرذان الصحراوية تناقلت مختلف وسائل الإعلام مؤخرا خبر انتشار مرض اللشمانيا في ولاية تطاوين خاصة في معتمدية الذهيبة وغمراسن، دون أن يكون هناك تأكيد واضح لعدد المصابين بهذا المرض. فقد تحدث البعض عن بلوغ عدد المصابين باللشمانيا 150 شخصا والبعض الآخر ذكر إصابة 180 وآخرون أكدوا إصابة 250 شخصا، في المقابل أكّد المدير الجهوي للصحة بولاية تطاوين إبراهيم غرغار في تصريح إعلامي في شهر نوفمبر الفارط أنّ عدد المصابين بمرض اللشمانيا لم يرتفع منذ سنتي 2015 و2016. كما أنّه لم يتمّ تسجيل إصابات جديدة وأنّ الوضع بالجهة عاد ولا يثير الريبة والخوف، فالسلطات الصحية الجهوية بالتنسيق مع وزارة الفلاحة تعمل على تركيز نظام وقائي دائم من هذا المرض للقضاء على البعوض الناقل للفيروس من الجرذان إلى الإنسان. لمزيد الاستفسار ومعرفة حقيقة انتشار مرض اللشمانيا في تونس ومدى خطورته، اتصلت «الصباح الأسبوعي» بالإدارة العامة للصحة الأساسية، فأكّدت الدكتورة لطيفة المعزاوي منسقة البرنامج الوطني لمكافحة مرض اللشمانيا أنّ عدد المصابين على المستوى الوطني بلغ إلى حدود كتابة هذه الأسطر 655 شخصا مقابل 400 حالة سنة 2016، أي بزيادة بلغت 255 حالة علما وأن العدد ليس نهائيا في انتظار إتمام التقرير السنوي النهائي. في ذات السياق اعتبرت المعزاوي أن عدد الحالات المسجلة هذه السنة معتادة على الصعيد الوطني، وعادة ما يكون التقييم حسب المناطق وحسب بؤر المرض بغاية معرفة إن كانت هناك أسباب جديدة للانتشار. وبخصوص حقيقة ارتفاع عدد الإصابات بجهة تطاوين، فإن ذلك يعود وفق المعزاوي إلى توافد أشخاص جدد على المناطق التي ينتشر فيها المرض في إطار تنقلاتهم العائلية أو المهنية خلال فصل الصيف وليست لديهم المناعة ضد المرض ولم يتّخذوا في نفس الوقت الإجراءات الوقائية. بالنسبة إلى الوضع الوبائي قالت محدثتنا انّ «آلاف الإصابات التي تمّ رصدها شملت عدة مناطق وفي كلّ مرّة يصادف بؤرة من البؤر باعتباره مرضا دوريا، فكلّ أربع أو خمس سنوات نسجّل موجة في الإصابات وهذا مرتبط بالتغيرات المناخية فكلما ترتفع كميات نزول الأمطار تتكاثر الجرذان وبالتالي تكون هناك إمكانيات لارتفاع عدد الإصابات خاصة إذا كانت هناك بؤر جديدة وأنّ المصابين لم تكن لديهم مناعة من المرض». من جهته أوضح الدكتور منذر البجاوي مستشار البرنامج الوطني ل»الصباح الأسبوعي» أنّ 11 ولاية تُمثّل بؤرا لمرض اللشمانيا وهي كلّ من سيدي بوزيد، القيروان، القصرين، تطاوين، مدنين، قفصة، قبلي، صفاقس، قابستوزر والمهدية». إيمان عبد اللطيف حسب منظمة الصحة العالمية المشاريع الزراعية ومخططات الري تؤدي إلى زيادة انتشار الليشمانيا ذكرت منظمة الصحة العالمية في آخر تحيين لها على موقعها الإلكتروني الرسمي أنّه «يوجد ثلاثة أشكال رئيسية لداء الليشمانيات - داء الليشمانيات الحشوي المعروف أيضاً بالكالازار وهو أشد أشكال المرض خطورة، والجلدي وهو الأكثر شيوعاً والمخاطي الجلدي. وأضاف الموقع أنّ داء الليشمانيات تسبب الطفيليات الليشمانية الأولية التي تنتقل عن طريق لدغة أنثى ذباب الرمل الفاصد المصابة. كما يؤثر المرض في أفقر الناس في العالم، ويرتبط بسوء التغذية، ونزوح المجموعات السكانية، ورداءة السكن، وضعف الجهاز المناعي، ونقص الموارد المالية. كما يرتبط بالتغيرات البيئية مثل إزالة الغابات وبناء السدود وإنشاء نُظم الري والتوسع الحضري. ويقع ما يقدر بنحو 700 و مليون حالة جديدة و 20 ألف إلى 30 ألف وفاة سنوياً، ولا يظهر المرض إلا على نسبة صغيرة من المصابين بالعدوى بطفيليات داء الليشمانيات. أماكن انتشار المرض في شمال أفريقيا وأسيا يُعد داء الليشمانيات الجلدي الشكل الرئيسي لهذا المرض. وقد تؤدي المشاريع الزراعية ومخططات الري إلى زيادة انتشار داء الليشمانيات الجلدي مع انتقال الأشخاص فاقدي المناعة ضد هذا المرض للعمل في هذه المشاريع. كما تحدث التفشيات الكبيرة أيضاً في المدن ذات الكثافة السكانية العالية ولاسيما أثناء الحروب وهجرة السكان الواسعة النطاق. وتعيش الطفيليات التي تسبب داء الليشمانيات الجلدي في البشر أو القوارض في المقام الأول. كما ينتشر المرض في حوض البحر المتوسط، جنوب شرق آسيا و شرق افريقيا والأمريكيتين. إيمان الدكتور منذر البجاوي ل"الصباح الأسبوعي":بسبب بناء «سدّ سيدي سعد» انتشرت الجرذان الصحراوية .. ومرض اللشمانيا ذكر الدكتور منذر البجاوي ل"الصباح الأسبوعي" أنّه «تاريخيا انتشر هذا المرض في تونس منذ الثمانينات نتيجة تغييرات بيئية، والاكتشاف الأول كان بسيدي بوزيدوجنوبالقيروان على إثر بناء سدّ «سيدي سعد» فتغيرت العوامل البيئية بسبب ذلك ما جعل المنطقة تصبح مهيأة لتكاثر الجرذان الصحراوية والشبه صحراوية والبعوض». وأضاف الدكتور البجاوي «اللشمانيا تنتشر في أماكن شبه جافة وبسبب بناء هذا السد أصبحت هناك مشاكل بيئية وصحية في تلك المناطق، أضيفي إليها تغيّر العوامل المناخية، فالجرذان تنقرض أو تقلّ في فصل الشتاء ولكنها تتكاثر إذا ما كان المناخ شبه جاف والطقس معتدلا». أوضح البجاوي «يبدأ تكاثر الجرذان في شهري فيفري ومارس إلى حدود شهر أفريل، ومع انطلاق فصل الصيف تكبر هذه القوارض ويتضاعف عددها ويتزامن مع ذلك تكاثر الناموس في نفس الفترة وهنا تكون دورة العدوى في أوجها من الجرذان إلى البعوض ومن ثمة تنتقل إلى الإنسان وحتى إلى حيوانات أخرى». وقال الدكتور منذر البجاوي إنّ «هذا المرض هو مرض جلدي يُسببه الطفيلي وينتقل عن طريق البعوض الذي يسمى «الفليبوتون» ويكون خازنه الحيوان، وهناك نوعان من الحيوانات، الأول الجرذان الصحراوية وهنا تتكون اللشمانيا الجلدية وتوجد ببعض مناطق الوسط والجنوب. والنوع الثاني خازنه الأساسي هو الكلاب أين تتمّ حلقة العدوى بين الكلب ونفس نوع البعوض ولكن من فصيلة أخرى فتحدث الإصابة بلشمانيا الأحشاء التي تتسبب في تضخم الطحال والكبد. وهي موجودة أكثر في الشمال وتصيب الأطفال». بالنسبة إلى اللشمانيا الجلدية قال الدكتور منذر البجاوي «تُعدّ الأكثر انتشارا من لشمانيا الأحشاء حيث سًجّلت بين 25 و30 حالة، كما تنتشر اللشمانيا الجلدية حسب الموسم والتأثيرات المناخية، فالسنة الممطرة لها دخل في تكاثر الجرذان «جربوع الصحراء» وهما نوعان «إبساموميس» و»المريوناس» ولكلّ منهما خاصياته وهذا النوع من اللشمانيا الجلدية تصيب كلّ الأعمار وكلّ من ليست لديه مناعة سابقة للمرض». وحسب المواسم يبدأ انتشار المرض ونوعه حسب الحيوانات الخازنة، «فبالنسبة إلى اللبساموميس فهو يتكاثر في نفس المكان ويتغذى من النباتات شبه الصحراوية مثل الحماضة والكطف، أما جرذان «الماليوناس» فهي تتغذى من هذه النباتات وأيضا من الحبوب وبقية المنتوجات الفلاحية وخاصيتها التنقل بكثرة وهذا يُمثّل خطرا على المنتوج ما دفع بوزارة الفلاحة إلى الإسراع بإيجاد حلول لمقاومته». والإشكالية الصحية في هذا النوع من الجرذان، وفق قول محدثنا، «إمكانية نقل الأمراض الطفيلية عن طريق البعوض ومن ثمة إلى الإنسان وينتقل المرض من منطقة إلى أخرى حسب تنقل البعوض. وأكثر انتقال للعدوى يتمّ في فصل الصيف ولكن المرض يتطلب فترة زمنية للحضانة وبعد بضعة أسابيع تبدأ عوارضه في الظهور».