بقلم: الأستاذ كمال بن منصور عدل الإشهاد بسوسة وباحث في القانون - تشرع «الصباح» انطلاقا من اليوم في نشر دراسة قانونية بعنوان : «دور الحجة العادلة في التحكيم والمصالحة» للباحث في القانون وعدل الاشهاد كمال بن منصور جاء صلب الفصل الأول من مجلة التحكيم ما يلي: « التحكيم هو طريقة خاصة لفصل بعض أصناف النزاعات من قبل هيئة تحكيم يسند إليها الأطراف مهمة البت فيها بموجب اتفاقية تحكيم.» وعرف الفصل الثاني من نفس المجلة اتفاقية التحكيم بأنها التزام الاطراف على ان يفضوا بواسطة التحكيم كل او بعض نزاعاتهم القائمة او المحتملة و لئن صدرت مجلة التحكيم التونسية منذ سنة 1993 بمقتضى القانون عدد 42 لسنة 1993 المؤرخ في 26 افريل 1993 فانه من المعلوم أن مؤسسة التحكيم في بلادنا لا تزال تسير بخطى بطيئة برغم أهمية التحكيم و المصالحة في المجال القانوني والاقتصادي وفي مجال الاستثمار . بل أكثر من ذلك فان مؤسسة التحكيم لا تزال مجهولة لدى العامة وحتى لدى أصحاب الشركات والمؤسسات ورجال الأعمال، فالجميع تفطن الى وجود مؤسسات صحية واستشفائية خاصة الى جانب مؤسسات الصحة العمومية والجميع تفطن الى وجود تعليم خاص الى جانب التعليم العمومي ولكن لم يقع التفطن بعد إلى انه هناك قضاء خاص وهو التحكيم الى جانب قضاء الدولة المتمثل في المحاكم. وهنا يأتي دور المجتمع المدني والجمعيات والمؤسسات الوطنية ووسائل الإعلام وخاصة أصحاب المهن ورجال القانون من قضاة وعدول إشهاد وعدول تنفيذ ومحامين وخبراء ومحاسبين ومهندسين وغيرهم للتعريف بمزايا التحكيم على جميع المستويات . وحيث يتميز التحكيم عن قضاء الدولة بالأساس في أن المحكمين أو هيئات التحكيم هم بالضرورة من أهل الاختصاص في حين ان قضاة الدولة غير مختصين في كل المجالات، فلا نطلب من القاضي أن يكون متخصصا في كل المسائل التي تتعلق بها النزاعات على اختلاف مجالاتها إلا أن اللجوء الى التحكيم هو بالضرورة لجوء إلى أهل الاختصاص في موضوع العقد محل النزاع. أجدني أتحدث عن «عقد» وعن «اختصاص»، و هذا أكيد باعتبار أن التحكيم هو الأسلوب الرئيسي لحل وتسوية النزاعات الناشئة عن الاتفاقات والعقود،فالتحكيم بشكل عام يعتمد على العقد أي على اتفاق الأطراف صلب العقد ذاته او بمقتضى عقد اتفاق لاحق لتضمينه شرطا تحكيميا . هنا أجد علاقة تبدو متينة بين عدل الإشهاد كمحرر للعقود ومختص في تحريرها وبين مؤسسة التحكيم ، فعدل الإشهاد هو المأمور العمومي الذي فوضت له الدولة جزء من اختصاصها في مجال تحرير العقود والاتفاقات بين الأفراد وتحرير كل ما ترغب السلط أو الأفراد في إثباته بحجة رسمية فالحجة العادلة هنا مدعوة - بمقتضى مجالاتها المتعددة - الى الإسهام الفاعل في تفعيل نطاق التحكيم في بلادنا والتعريف بهذه المؤسسة الجديدة خاصة وان الحجة العادلة هي الأقدر على استيعاب مجالات التحكيم وتأطير وتقنين ذلك أكثر فأكثر. وعدل الاشهاد باعتباره رجل من رجال القانون شريك في القضاء مختص في مجالات قانونية عديدة كالقانون العقاري والقانون المدني وقانون الالتزامات والعقود قوانين الأحوال الشخصية وما يمكن ان ينشأ عنها من خلافات مالية على غرار نظام الاشتراك في الأملاك الزوجية او خيار الشرط في عقد الزواج او قسمة التركات وعلم المواريث وغيرها وباعتباره من أهم و ابرز محرري العقود فقد يكون في مقدمة المحكمين القادرين على إتقان قانون اللعبة . فالتحكيم يستدعي الاختصاص وعدل الاشهاد صاحب اختصاص والتحكيم يشترط الحيادية والنزاهة وهي من ابرز خصائص الحجة العادلة والتحكيم يتأسس بالعقد أو الاتفاق ، وقد نص الفصل السادس من مجلة التحكيم على انه لا تثبت اتفاقية التحكيم الا بكتب سواء كان رسميا او خط يد او محضر جلسة او محضر محرر لدى هيئة التحكيم التي وقع اختيارها. وهذا العقد أو الاتفاق إذا ما كان بكتب رسمي اي بحجة عادلة لا تقبل الطعن الا بدعوى الزور فسيكون هذا الشرط التحكيمي متى حرر بحجة عادلة قد اكتسى قوة ثبوتية وحجية قاطعة لا تقبل اي طعن مما يؤسس بحق لنجاعة التحكيم ولحماية الأطراف فيه. )يتبع(