ربي يستر.. وربي يرحمنا بالمطر ويمن علينا بالغيث النافع..، هي بعض من الأدعية المتداولة بين المواطنين العاديين فما بالك بالفلاحين الذين يتطلعون إلى كل قطرة مطر لتبدد شيئا من شبح الجفاف الجاثم منذ مواسم عديدة متسببا في تراجع المخزون المائي بالسدود بشكل بات ينذر بالخطر مع تنامي الطلب، ويطرح أبغض السيناريوهات في حال تمادى شح الأمطار وانحباسها خلال الأسابيع القادمة. وضعية حرجة تبعث على التوجس والانشغال من تكرر سيناريو اضطرابات التزويد بالماء في فترة ذروة الاستهلاك الصيفي لمياه الشرب تزامنا مع ارتفاع الحرارة وموجات الشهيلي، رغم ما شهدته الصائفة الماضية من تراجع ملحوظ في تواتر انقطاعات المياه المسجلة. ذلك انه بعد الفترات الممطرة التي شملت مناطق الوسط والجنوب خاصة موفى نوفمبر وبعض فترات ديسمبر2017 يكاد يكون نقص الأمطار طاغيا بمناطق الشمال وأساسا بالشمال الغربي ما جعل مخزون المياه بالسدود يراوح مستوياته السلبية رغم بعض التحسن المسجل في تقليص الفارق بين الكميات المتوفرة مقارنة بالمعدلات السابقة، لكن الوضعية المناخية الراهنة لا تبعث على الارتياح في ظل تمادي نقص الأمطار وقد بلغنا الشهر الأخير من فصل الشتاء. للإشارة فقط فإن النقص في إيرادات السدود منذ 2015إلى2017 بلغ35بالمائة من المعدلات السنوية. التحكم في إدارة الطلب لمجابهة تحديات نقص المخزون المائي توخت وزارة الفلاحة خطة عمل ترتكز على التحكم في إدارة الطلب وتوجيه أولوية الاستجابة للطلبات إلى تأمين مياه الشرب والضغط على التصرف في مياه الري الزراعي. كما تعتمد استراتجيتها في إدارة الشأن المائي على ترشيد استغلال الموارد المائية وحمايتها من الاستغلال المفرط.وتثمين المياه غير التقليدية من مالحة ومستعملة ومعالجة، وتطوير البنية التحتية للمنظومات المائية. وسعت إلى دعم شبكة السدود بإحداثيات جديدة والتحويل والربط بينها وبين الشبكات الكبرى، إلى جانب الدخول في مجال تحلية مياه البحر ويتوقع أن تكون أولى المشاريع الكبرى في هذا الخصوص جاهزة للاستغلال قبل ماي المقبل بجزيرة جربة، مع برمجة عدد من المحطات لتحلية مياه البحر بالزارات وبصفاقس وقرقنة، والتوجه نحو تثمين استغلال المياه المستعملة والمعالجة في مجال الري. رد الاعتبار للمنشآت التقليدية إلى هذا تراهن الوزارة على برامج التحكم في الاستهلاك وترشيده وتشريك المواطن في جهود تعبئة الموارد المائية الطبيعية والمحافظة عليها بالرجوع إلى الفسقيات وبناء المواجل المائية، وفي هذا الصدد صدر نهاية الأسبوع المنقضي بلاغ عن وزارة التجهيز والإسكان موجه لعموم المواطنين المالكين لمساكن والراغبين في بناء ماجل لتجميع مياه الأمطار التمتع بمنحة أو قرض من قبل الصندوق الوطني لتحسين السكن طبقا للشروط المضمنة بالأمر الحكومي المنظم لتدخلات الصندوق والذي أقرفي فصله الرابع الجديد إدراج تمويل إنجاز ماجل لجمع مياه الأمطار ضمن الأشغال التي يمكن أن تتمتع بتمويل في شكل منحة أو قرض حسب الدخل الشهري للمنتفع،إن كان يقل عن الدخل الأدنى المضمون أو يزيد بنسب محددة يضبطها الأمر. يأتي هذا الإجراء في إطار تمكين المواطن من تعبئة مياه الأمطار ومنع هدرها واستغلالها في البستنة والغسيل وغيرها من الأشغال المنزلية بما يحد من الاستعمالات المفرطة لمياه الشرب. خطوة ترمي إلى رد الاعتبار إلى مثل هذه المنشآت المائية التقليدية التي اندثرت أو تكاد بالأرياف بسبب توسع الربط بشبكات توزيع المياه وبعدد من المدن بفعل التوسع العمراني وعدم تعهدها بالصيانة.