نظمت جمعية الحقوقيين بالتعاون مع مدرسة الدكتوراه بكلية الحقوق بصفاقس والفرع الجهوي للمحامين منذ ايام ملتقى حول تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية بحضور ثلة من القضاة والمحامين والأساتذة الجامعيين والطلبة والمعنيين بالأحكام الإدارية.وتناول اللقاء بالدرس المعوقات التشريعية لتنفيذ الأحكام واسس التعويض عن عدم تنفيذها وكذلك سلطات القاضي لإجبار الادارة على التنفيذ إلى جانب بعض الشهادات عن عدم التنفيذ. ولتسليط الاضواء على هذه التظاهرة كان ل "الصباح الاسبوعي" لقاء مع استاذ القانون العام ومدير الدراسات بكلية الحقوق بصفاقس عصام بن حسن الذي أفاد أن عدم تنفيذ الأحكام الإدارية يعتبر مشكلة أزلية بالنسبة إلى المحكمة الإدارية وذلك منذ السنوات الأولى لبداية عمل المحكمة المذكورة اذ أن القاضي عندما يصدر الحكم فإن السلطة التي صدر ضدها الحكم لا تنفده رغم أنها مطالبة بذلك ،وعن اسباب ذلك يرى محدثنا أن الإدارة قد تمتنع أحيانا لأسباب مبررة وأخرى غير مبررة عن تنفيذ الأحكام.وخلافا للأحكام الصادرة عن القضاء العادي فإنه لا يمكن إجبار الادارة على تنفيذ الأحكام وذلك في ظل غياب وسائل التنفيذ العادية حيث يمنع القانون إجراء عقلة أو مقاصة على ممتلكات الإدارة.من جهة أخرى يعاب على المنظومة التشريعية عدم تمكين القاضي من اختصاص تسليط غرامة يومية على الإدارة المماطلة في التنفيذ والحال أن عديد التجارب الأجنبية أحدثت مؤسسات قانونية تعنى بالتنفيذ وتمكن القضاء من آليات لإجبار الإدارة على تنفيذ أحكام القضاء مسؤولية جماعية .. وإجابة عن سؤال حول الطرف المسؤول عن التنفيذ من عدمه يرى الاستاذ أن المسؤولية جماعية تتحملها في جانب مهم الإدارة وجانب اخر يتحمله القضاء كما أن هناك استحالة مادية في بعض الحالات يصعب معها تنفيذ الأحكام،وفي ما يتعلق بالإدارة فإن هناك حالات ولئن لم تكن كثيرة جدا تمتنع فيها الإدارة عن تنفيذ الأحكام بالرغم من أن هذا يعتبر تصرفا غير شرعي ويشكل عدم التزام بأحكام السلطة القضائية. اما القضاء الإداري فانه يتحمل أيضا جزء ا من المسؤولية اذ أن تأخره في إصدار الأحكام التي قد تصل فترة النظر فيها إلى خمس سنوات وذلك بحكم وجود محكمة إدارية وحيدة منتصبة بالعاصمة الشيء الذي يعقد الوضعية ويشكل صعوبة عند الشروع في تنفيذ الأحكام.كما أن هناك حالة ثالثة و تتمثل في بعض الأحيان في استحالة مادية لتنفيذ الأحكام خاصة بعد غياب موجب التنفيذ وعلى سبيل المثال في حالة دمج مؤسستين عموميتين أو غير ذلك. لا معنى لدولة القانون في غياب تنفيذ الأحكام وحول السبل الكفيلة بضمان الحقوق وتطبيق الأحكام،اكد محدثنا أن دستور جانفي 2014 نص على تحجير الامتناع عن تنفيذ الأحكام مما يجعل السلطة التشريعية مطالبة بسن قوانين تردع فيها الرافضين لتنفيذ أحكام القضاء وتخول للقاضي جملة من الآليات والصلاحيات لإجبار الادارة على تنفيذ الأحكام خاصة وأنه لا معنى لدولة القانون في غياب تنفيذ الأحكام كما أن احترام القضاء مسألة لا بديل عنها في مجتمع يريد أن يكون ديمقراطيا.وفي خصوص بعض الإحصائيات المتعلقة بالموضوع أفاد الاستاذ أن المحكمة الإدارية تصدر سنويا مالا يقل عن 9آلاف حكم يقع تنفيذ أغلبها باستثناء عدم تنفيذ العشرات منها ومع ذلك فإنه يعتبر أن هذا الرقم محير خاصة وأن هناك من المواطنين من تحصل على حكم منذ سنوات وبقي إلى اليوم ينتظر التنفيذ في مختلف مجالات القطاع العمومي. اقتراح تجريم عدم تنفيذ الأحكام عوضا عن التحجير من جهتها قالت الأستاذة رحمة الجلولي القاضية بالدائرة الابتدائية بصفاقس بالمحكمة الإدارية أن صعوبة تنفيذ القرارات الصادرة ضد الإدارة قد يعود بنا إلى نقطة البداية،اي إلى اختلال كامل في التوازن بين الطرفين.كما أن رفض تنفيذ حكم قضائى يضع نقطة استفهام حول نجاعة الدور الذي يقوم به القاضي الإداري ومدى قدرته على احترام الشرعية من جهة وصيانة حقوق الأفراد من جهة أخرى،اذ أنه لا يكفي التصريح بإلغاء قرار إداري لعدم شرعيته بقدر ما يهم ضمان تنفيذ هذا الحكم حتى لا يبقى مجرد قول خال من كل الابعاد العملية .ولتنفيذ الأحكام القضائية علاقة بمفهوم دولة القانون الذي يقتضي،اضافة إلى وجود محاكم مستقلة تضمن للأفراد حقوقهم وحرياتهم،احترام الإدارة للشرعية والتي من بين مكوناتها القرارات القضائية.وعليه فإن لم تنفذ الإدارة الأحكام القضائية فإن ذلك لن ينال فقط من استقلال القضاء ومن حقوق المتقاضين وانما ايضا من مقتضيات دولة القانون. ماذا عن دستور جانفي 2014؟ وحول مدى تعرض دستور جانفي 2014الى هذه المسألة الهامة أفادت القاضية أن الفصل 111من الدستور المذكور حجر الامتناع عن تنفيذ الأحكام أو تعطيل تنفيذها دون موجب قانوني لكن السؤال الذي يطرح: ألم يكن من الأجدر تجريم عدم التنفيذ عوضا عن التحجير فقط.وهي ترى أن عدم رغبة المشرع في تبني آليات جديدة لضمان تنفيذ الأحكام القضائية،حرم المتقاضي من ضمان حقه في محاكمة عادلة وحرم أيضا القاضي رغم محاولاته بأن لا يبقى أسير النص التشريعي من وسائل ناجعة لإجبار الإدارة على احترام أحكام القضاء.وبالرغم من النقائص المذكورة فإن المحكمة الإدارية لم تتردد في التأكيد على أن تنفيذ الأحكام القضائية من الواجبات المحمولة على الإدارة والتي تفرض عليها التقيد بمنطوقها وإجراء العمل بمقتضياتها لما في ذلك من اتصال بمكانة القضاء ونجاعته من خلال إيصال الحقوق إلى أصحابها..