حريق آخر داخل مبيت مدرسي وهذه المرة في سيدي بوزيد وبالتالي أصبحنا أمام سلسلة من الحرائق التي لم نجد بشأنها، إلى حد الآن، أية توضيحات من شأنها إنارة الرأي العام بدءا من أولياء التلاميذ بالمبيتات التي شهدت حرائق مماثلة وأدى أحدها إلى وفاة تلميذتين وانتهاء بكل ولي ائتمن مؤسسة تربوية على فلذات أكباده. ولا ندري ما إذا كان قدر البلاد أن يكون تحت عنوان كبير هو «السلسلة» بعد سلسلة الاحتجاجات الاجتماعية والانتحارات ومحاولات الانتحار وجرائم القتل و»البراكاجات»، ذلك أن هذه الحلقات تعتبر مؤشرا على خلل في مواقع عدة صلب المجتمع التونسي ما فتئ يزداد وضوحا طيلة السنوات السبع الماضية فيما سيل التوصيفات لا ينتهي والأوضاع تراوح مكانها. ولأن تسجيل عدة حرائق في ظرف وجيز بمبيتات مدرسية يطرح علامات استفهام مازالت تنتظر الإجابة، لا يمكن السكوت عما يجوز القول إنه إجرام في حق أبنائنا الذين أصبحوا مهددين داخل المؤسسات التربوية إضافة إلى المخاطر الأخرى التي تتهددهم أمام مدارسهم ومعاهدهم وأصبحت وزارة التربية معنية بنشر نتائج التحقيقات حول تلك الحرائق. وإذا كان وزير التربية قد لمح سابقا إلى أن الحرائق مفتعلة تصبح المسألة ذات أبعاد خطيرة حيث لا تتعدد القراءات لكل ما حصل وما إذا كانت المؤسسات التربوية العمومية مستهدفة في حد ذاتها أو أن الأمر يتعلق بمحاولة زعزعة الاستقرار بالنظر إلى الجهات التي تقع فيها المبيتات أو أن المسألة متعلقة بأهداف حزبية وسياسية . إنها جملة من الفرضيات التي لا يمكن الحسم فيها إلا من خلال نتائج تحقيقات طال انتظارها إذ لا بد من وضع حد لهذه الأعمال التي باتت تستهدف أرواح التلاميذ وترويعهم ولا بد أيضا من معاقبة كل من يقف وراءها ونفذها حتى لا تتحول الحرائق إلى ظاهرة تضاف إلى ظواهر أخرى ما زالت تلقي بثقلها على المجتمع ولم تجد الحلول الناجعة رغم أصدائها في وسائل الإعلام وفي الشارع التونسي عموما. لقد بات الآن جليا أن «التماس الكهربائي» بريء من الحرائق في المبيتات المدرسية وتبقى الكلمة الأخيرة للقانون وللساهرين على تطبيقه.