ينتظر أن تنطلق المفاوضات الاجتماعية في القطاعين العمومي والخاص بجانبيها المالي والترتيبي خلال الأيام القليلة القادمة وذلك وفق ما نص عليه محضر اتفاق تم إمضاؤه بين الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل ورئيس الحكومة نهاية 2017. وتأتي المفاوضات حول الزيادة في الأجور في القطاعين العمومي والخاص 2018 في ظل مشاكل اجتماعية وصعوبات اقتصادية ألقت بظلالها على كل الأطراف خاصة المواطن الذي تدهورت مقدرته الشرائية أمام الارتفاع الجنوني للأسعار، إضافة إلى عجز مالي كبير تعاني منه المؤسسات العمومية وعدد من المؤسسات الخاصة، حيث سيكون لهذه العوامل تأثير عكسي على سير المفاوضات الاجتماعية التي ستجري على غير العادة بالنظر إلى تعقيدات الوضع الحرج الذي تمر به البلاد، وستجد حكومة الوحدة الوطنية الساعية إلى تثبيت أقدامها والحفاظ على توازنها وسط عواصف اقتصادية واجتماعية، وسياسية أمام جملة من المطبات، أبرزها غياب سند قوي يمكنها من تجاوز المرحلة بأخف الأضرار، خاصة بعد تلويح المركزية النقابية برفع يديها على حكومة الشاهد، والدعوة الصريحة لمنظمة الأعراف لإيجاد حلول جذرية لملف المؤسسات العمومية العاجزة. الاتحاد العام التونسي للشغل وتحت ضغط منظوريه مطالب أكثر من أي وقت مضى بتحقيق مكاسب اجتماعية في القطاعين العمومي والخاص، وتدرك القيادة النقابية ان تحقيق هذه المكاسب يمر حتما عبر قدرتها على تحمل الضغط العمالي ومجاراة مماطلة الشركاء الاجتماعيين. وعن مدى قدرة المركزية النقابية التوليف بين مطلبية عمالية مشروعة، و"تملص" الأطراف الاجتماعية، أكد الأمين العام المساعد للاتحاد العام التونسي للشغل بوعلي المباركي في تصريح ل"الصباح" أن الزيادات تبقى خطا أحمر بالنسبة للمنظمة الشغيلة لعدة اعتبارات أبرزها التدهور الكبير في المقدرة الشرائية للأغلبية الشرائح الاجتماعية إضافة إلى ارتفاع الأسعار، وبالرغم من تفهم المنظمة لصعوبة الظرف الذي تمرّ به البلاد إلا أن الحكومة مطالبة بإيجاد بدائل أخرى بدل التوجه إلى الحلقة الأضعف، وفق تعبيره. وأضاف المباركي قائلا: اليوم نلاحظ أن هناك معاناة حقيقية للعمال والموظفين، وهو ما يجعلنا مطالبين بتحقيق مكاسب اجتماعية لمنظورينا، ونحن لسنا في علاقة عدائية مع الأعراف أو مع الحكومة، على العكس هناك تكامل في الأدوار، والمنظمة الشغيلة مستعدة دائما للتضحية في إطار التزام جماعي من بقية الأطراف بما يضمن حقوق العمال والأجراء في مختلف القطاعات وسبق أن قدمنا رؤيتنا لهذه المسألة وعلى الأطراف الأخرى أن تأخذ بعين الاعتبار مقترحات الاتحاد العام التونسي للشغل بخصوص منوال التنمية ومسألة التشغيل والتصدي للتهرب الجبائي وغيرها من الملفات التي نعتقد أن حلحلتها ستعود بالنفع على الجميع. ودعا المباركي الحكومة والأعراف إلى البحث عن طرق أخرى للخروج من الأزمة الاقتصادية وطالب الأمين العام المساعد الشركاء الاجتماعيين بالتحلي بالإرادة اللازمة لتجاوز الصعوبات، بعيدا عن أي توجه للمس بكتلة الأجور بأي شكل من الأشكال، معتبرا ان إنجاح مفاوضات الزيادة في الأجور من شأنه أن يساهم في خفض منسوب التوتر الاجتماعي وتحقيق الاستقرار الاقتصادي للمواطن وإرساء توازن اجتماعي نأمل أن يتواصل خاصة وأن الوضع الاقتصادي في حاجة ماسة إلى توافق بين مختلف الأطراف الاجتماعية.