لا يكفي أن سنة 2018 من أصعب السنين بالنسبة إلى البلاد بعد الثورة باعتبار أن عدة إصلاحات ستتسم خلالها... يضاف إليها ركود الحركة الاقتصادية وتدهور جل المؤشرات نتيجة امتداد المطلبية منذ السنة المنقضية. ففي كل مرة يتعطل الإنتاج في قطاعات حيوية لتتبعثر المؤشرات والتوقعات مقابل ازدياد المطلبية التي بلغت درجة لا تطاق.. فبالإضافة إلى قطاع الفسفاط الذي لم يسجل بعد الثورة أرقاما هامة نتيجة الاحتجاجات وغلق مواقع الإنتاج وسكك النقل سنويا، كانت لأحداث الكامور وغلق «الفانة» انعكاسات سلبية نتيجة تعطل الإنتاج لفترة تلاها تعطل الإنتاج في قبلي.. يضاف إليها الإضرابات والاحتجاجات في عدة قطاعات أخرى، مما أثر على مداخيل الدولة التي ظلت جبيسة حلول سريعة ترقيعية أحيانا، وبمثابة مسكنات أحيانا أخرى... والمؤكد أن قطاع الفسفاط، ليس حيويا فقط بل استراتيجيا لأنه يمثل القاطرة التي تجلب معها قطاعات أخرى، فشركة السكك الحديدية مرتبطة بإنتاج الفسفاط الذي يمثل مشغلا هاما لها.. وكذلك المجمع الكيميائي الذي اغلق بدوره أبوابه منذ فترة نتيجة قطع تزويده بالفسفاط لاستخراج المواد الكيمياوية والأسمدة التي تستعمل محليا في الأنشطة الفلاحية، ومواد أخرى عديدة يقع تصديرها ومداخيلها هامة بالعملة الصعبة، لكن الخسائر المسجلة منذ شهر لا يمكن تجاوزها أو إيجاد طريقة استجابة لطلبات المحتجين والمعتصمين بالحوض المنجمي، إذ من غير المعقول انتداب الجميع في شركة فسفاط قفصة، ولا تقبل بالمرة احتجاجات تجويع الجميع. فقطع إنتاج حقول النفط، أو إيقاف انتاج الفسفاط الذي يترتب عنه إيقاف عدة مؤسسات أخرى هوبمثابة تجويع جماعي، وليس احتجاجا لتقديم مطالب تنموية وغيرها.. لأن في ذلك تعطيلا لكامل البلاد وبالتالي على الحكومة أن تقدم حلولا استثنائية وأن يكون لدى المحتجين وعي وادراك لدقة المرحلة والظروف... وإذا كان على الجهات المسؤولة أن تقدم بدائل حقيقية وتنموية فعلى المحتجين أيضا التفاعل إيجابيا مع المبادرة الخاصة والمقترحات والإجراءات المقدمة. فلا يمكن تشغيل الكل في الحوض المنجمي أو في شركة الفسفاط، وكفانا اثقالا لكاهل المؤسسات الوطنية.. كما أنه آن الأوان لإيقاف نزيف الاحتجاجات «القاتلة».. التي تعطل عجلة الاقتصاد وتزيد في اغراقه . فالفسفاط والبترول والغاز.. وغيرها ثروات وطنية وملك لكل التونسيين ولا يمكن بأية حال من الأحوال ،محاولة إيصال الأصوات المطالبة ،إصابة قطاع كامل بالشلل.