يتواصل تدهور مخزون تونس من العملة الصعبة ليكون يوم أمس وحسب موقع البنك المركزي في حدود 10932 مليون دينار أي 75 يوم توريد، رغم استكمال صندوق النقد الدولي ضخ القسط الثالث من قرض الصندوق الذي بلغت قيمته 257.3 مليون دولار، لتكون تونس قد حصلت على 919 مليون دولار أمريكي من القرض المتفق بشأنها مع صندوق النقد، والبالغ نحو 2.9 مليار دولار. قسط الصندوق عادل فقط 4 أيام توريد وهو رقم ضعيف مقارنة بما رافق منح هذا القرض وما انجر عنه من ضغوطات واملاءات وشروط مفروضة على الحكومة التونسية تتعلق خاصة بالدعم وسعر العملة وكتلة الأجور... ورغم الإجراءات التي قام بها البنك المركزي، ورغم ما جاء به قانون المالية لسنة 2018 من إجراءات اقتصادية وجبائية صعبة، فان الانهيار المتواصل لعدد أيام التوريد في تونس يعني وجود انخرام كبير بين التصدير والتوريد وعدم تدفق العملة إلى البلاد نتيجة ضعف الإنتاج والتصدير في ظل تراجع عائدات النفط والفسفاط ومختلف القطاعات التصديرية، بالإضافة إلى تقهقر عائدات القطاع السياحي من العملة الصعبة رغم ارتفاع الأرقام فيما يتعلق بعدد السياح والليالي المقضاة... إن التقهقر المتواصل لمخزون تونس من العملة الصعبة والتآكل التدريجي لأيام التوريد يحتم إجراءات ثورية صعبة منها خاصة ترشيد التوريد ودفع التصدير والاستثمار وذلك في إطار استراتيجيا يتم وضعها بالتنسيق بين مختلف الجهات المعنية من أجل الضغط على التضخم وعجز ميزان الدفوعات والميزان التجاري مع وجوب الدفع بمختلف القطاعات الاقتصادية حتى تتحرك وتعود إلى الإنتاج وتقديم قيمة مضافة للاقتصاد ما سيفتح أمام مؤسساتنا الصناعية آفاقا جديدة للتصدير تمكن من توفير عائدات هامة من العملة الصعبة. ومن المتوقع أن يتواصل هذا الانهيار في ظل ما ينتظر خزينة الدولة من إنفاق يتعلق بخلاص ديون مستوجبة وفوائضها وهي أرقام كبيرة من شأنها أن تذهب بمخزون تونس من العملة الصعبة والذي ستقابله الحكومة بمزيد التداين والاقتراض لخلاص الديون وهو ما يعني دخول البلاد في حلقة مفرغة من الصعب الخروج منها بمثل هذه السياسات الاقتصادية المتبعة.