لا يبدو الطريق سالكا أمام العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة الوحدة الوطنية وذلك بالنظر الى حدة التواترات الحاصلة بين الطرفين رغم التدخلات المتعددة سواء تلك التي انتهجها رئيس مجلس النواب محمد الناصر او الوساطة التي عرضها رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي اللذين التقيا في مناسبين متتاليتين يوم 15 مارس الفارط ثم يوم 10 افريل الجاري. ويظهر الاتحاد اكثر غضبا من اَي وقت مضى بعد ان عمدت حكومة يوسف الشاهد الى التراجع عن مضامين الاتفاقات السابقة حسب ما أكده الامين العام للمنظمة في اكثر من تصريح إعلامي ، ليكون الشارع العمالي والتحركات الميدانية هي الفيصل بين الجانبين وآخرها تحرك صفاقس الاحد المنقضي في انتظار التجمع العمالي الجهوي في قفصة غدا. ولَم يتوقف الامر عند هذا الحد بل واصل الاتحاد عمله داخل الجهات أين توجه الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل امس خلال كلمة ألقاها في افتتاح أشغال مؤتمر الإتحاد الجهوي للشغل بقابس بالحديث لمن أعتبرهم وجهوا أصابع الاتهام للمنظمة الشغيلة واتهموها بممارسة السياسة. وقال الطبوبي في هذا السياق «لوحظ في المدة الأخيرة وجود تباين وهُوة شاسعة في كل الخيارات اليوم.. يقلك الإتحاد ماو يشد بلاصتو هاو يعمل في السياسية» ونحن لسنا بحزب سياسي ولم نتدخل بالمرة في أية مؤامرة او منافسة انتخابية» مؤكدا أن «الإتحاد يريد أن تكون هناك أحزاب ناضجة وهو أول من دعا للممارسة الديمقراطية لأنها في الإتحاد خيار وقناعة» مُضيفا «وما يميز اتحاد الشغل عن الاخرين هو أنه يقرّ بأخطائه ويتوافق ويختلف داخل مقراته ويتصارع من اجل المضامين ولكن نقول «هذا طريقنا» وما يميز الإتحاد كذلك أن شعاره وحدته الصماء في النضال» وجدد الامين العام موقفه من الوضع الذي تعيش فيه الحكومة ومن ورائها البلاد وقال «لقد دعا اتحاد الشغل الى حد أدنى من الإستقرار السياسي وإعطاء الثقة ولكن ليست الثقة المطلقة.. نحن نراقب و»نميز» بين الحق والباطل وبين الذي «تحدوه إرادة وطنية ولديه قدرة التحدي كي يقود البلاد في الإتجاه الإيجابي ويبعث الآمال الى الشعب من خلال الإنجازات ولكن عندما اكتشف الإتحاد أن العقول شاردة قال انه لا بد من ضخ دماء جديدة وكأنه قال المحرمات.» وفي واقع الامر فان موقف الاتحاد لم يتغير منذ الاجتماع الاخير للموقعين على وثيقة قرطاج ، وتدعم هذا الموقف اكثر خلال اللقاء الاول للجنة المنبثقة عن اجتماع قرطاج ليدعو وعلى لسان الناطق الرسمي باسم المنظمة سامي الطاهري «الى تغيير في العمق» بما من شانه ان يشمل حتى رئيس الحكومة نفسه. ولَم تشفع اللقاءات المراطونية في تراجع منسوب موقف المنظمة حتى ان اللقاء الخماسي الاخير الذي جمع الرئاسات الثلاث بمنظمتي الاعراف والشغل لم تعط أكلها بالمرة وهو ما كشفه البلاغ «الخشبي» الصادر عن رئاسة الجمهورية السبت الماضي. وقد تطور الموقف اكثر حين غادر الأمين العام للمنظمة الشغيلة الطبوبي اجتماع اللجنة الفنية للموقعين على وثيقة قرطاج غاضبا اول امس لعدم رضاه عن مجريات الاجتماع التي يبدو انها لم تتماش مع مقترحات الاتحاد . وما زاد الوضع توترا هو أزمة التعليم الثانوي التي لم تعرف بعد طريقها الى الانفراج بما دفع الامين العام المساعد سامي الطاهري الى اعتبار هذه الازمة تهدف إلى ضرب الاتحاد دون أية مراعاة لمصلحة التلاميذ ودون الأخذ بعين الاعتبار الامتحانات الوطنية». وابرز الطاهري، في مداخلة هاتفية على إذاعة «شمس آف آم»، أن وزارة التربية والحكومة تتعاملان مع التلاميذ ك«رهينة» ولا يريدان حل الأزمة ويدفعان إلى تعقيدها» حسب وصفه. وفي المحصلة تبدو الخلافات الدائرة الان بين الاتحاد والحكومة بمثابة المعركة الاخيرة في جولتها الختامية، ذلك ان الحكومة بصدد اختبار مدى التماسك الممكن بين الاتحاد وقواعده في حال طالت الازمة اكثر فمعركة التعليم الثانوي هي في الواقع وكما اعتبرها المحلل السياسي منذر ثابت في تدوينة له على صفحته الرسمية الفايسبوك «جس نبض وتخطيط لعزل الاتحاد قبل ضربه، في هذه الحالة ستكونون بين مخالب الذئاب». على حد قوله. فكيف سيتجاوز الجميع الازمة؟