علمت «الصباح» ان لقاء ثلاثيا جمع يوم الجمعة الماضي كلا من الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي والمدير التنفيذي لنداء تونس حافظ قائد السبسي والمستشار السياسي لرئيس الجمهورية نورالدين بن تشية بالمقر الاجتماعي للاتحاد المغاربي بتونس العاصمة. ووفقا للمعطيات الأولية فقد تناول اللقاء بالنقاش موضوع حكومة الوحدة الوطنية وآليات تجاوز الجدل الحاصل بشان حكومة الشاهد التي لا يزال بقاؤها يتأرجح بين موقفين، موقف اول يساند تغييرا جزئيا للحكومة مع ضمان عدم ترشح تركيبتها للاستحقاق القادم، موقف ثان يدعو فيه أنصاره الى تغيير كلي وعميق يشمل رئيس الحكومة نفسه. ولاتزال بعض المواقف السياسية «الحقيقية» غير واضحة بشان رحيل الحكومة من عدمها، فالمدير التنفيذي للنداء حافظ قائد السبسي مازال لم يقدم موقفا واضحا من بقاء او إنهاء مهام رئيس الحكومة رغم تحركاته ضمن اطر الكواليس السياسية بحثا عن بدائل محتملة للشاهد، الامر ذاته بالنسبة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الذي تبقى له الكلمة الفصل في الموضوع حتى ولو كان ضد رغبة الندائيين في رحيل الشاهد على اعتبار ان هذا الأخير كان الخيار المطلق للرئيس وبالتالي فهو المسؤول الاول والأخير عن بقائه او رحيله. ويبدو ان اللقاء الثلاثي الاخير يتنزل ضمن هذا الإطار، وهي مناقشة الشخصية المُحتملة لخلافة الشاهد على راس الحكومة، فالنداء واتحاد الشغل متفقان على عدد من النقاط وهي اساسا تغيير رئيس الحكومة باخرى حزبية، وهذه الشخصية الحزبية لن تكون بعيدة عن تاثيرات المدير التنفيذي للنداء قائد السبسي الابن بعد ان فقد كل أسباب السيطرة على رئيس الحكومة السابق الحبيب الصيد وخليفته يوسف الشاهد. وقد اظهر تصريح القيادي بوعلي المباركي ان الاتحاد لا يرى مانعا «بوجوب وجود شخصية تتولى رئاسة الحكومة في حال تغيير الشاهد شرط ان تكون قادرة على إنجاز المهام حتى إن كانت متحزبة وألاّ تنشغل بالاستحقاقات الحزبية والانتخابية"، وفق ما جاء في حوار أدلى به الأحد لاحدى الصحف اليومية. وياتي هذا الموقف الجديد للمنظمة ليتقاطع مع موقفي نداء تونس من ناحية تغيير جذري للحكومة ويتقاطع مع حركة النهضة التي دعت وعلى لسان رئيسها راشد الغنوشي يوم 1اوت من السنة الماضية لتخلي الشاهد عن سياقات الانتخابات القادمة والتركيز اكثر على إنجاح ما تبقى في هذه المرحلة. واذا كان الاتفاق حاصل داخل الاتحاد بشان رحيل الشاهد فان نداء تونس بات واقعا الْيَوْمَ تحت وطأة صراع الأجنحة سواء داخل هياكل الحزب او داخل كتلته النيابية بعدما تتداوله بعض الكواليس عن وجود مجموعة من النواب الذين عبروا عن رغبتهم في الإبقاء على الشاهد واستكماله لما تبقى من المرحلة. وفِي هذا السياق اعتبرت النائبة عن نداء تونس وفاء مخلوف ان موقفها الشخصي يقضي بدعم استقرار البلاد سيما وانه لا فائدة حاصلة من التغيير الحكومي في حال وقع ذلك،ى وأنه كان من الضروري ان نستعد جميعا لانجاح الموسم السياحي، واعتبرت مخلوف في تصريح ل «الصباح» ان الموقف الحكيم يقضي بإبقاء كل دعائم الاستقرار، سيما وان بلادنا تستعد لاستقبال وفد عن البنك الدولي وان أي بوادر للخلافات قد يزعزع صورة تونس امام ضيوفها. ولعل السؤال الأهم هل ينجح نداء تونس واتحاد الشغل في إقناع حركة النهضة بتبني خيار التغيير الشامل وذلك قبل ايّام معدودات من لقاء رؤساء المنظمات والاحزاب الممضية على وثيقة قرطاج؟ وهل سيضمن هذا التغيير فعلا الاستقرار للبلاد؟ ماذا سيستفيد النداء من هذا التحوير العميق والشامل ومن هي الشخصية التي يراهن عليها حافظ قائد السبسي؟ وماذا لو خير الشاهد هو الاخر في الذهاب الى البرلمان على غرار الحبيب الصيد فأي الخيارات القانونية والدستورية التي سينتهجها رافضوا رئيس الحكومة؟ يذكر ان تكليف الشاهد برئاسة الحكومة في أوت 2016 اسهم في ظهور خلافات جوهرية، وجدل قانوني وسياسي في تفسير احكام من فصول دستور 2014 بشأن إجراءات التكليف، وتحديد معاني «تكليف الشخصية الأقدر» برئاسة الحكومة، ومدى ارتباط هذه العملية بنتائج الانتخابات البرلمانية وتشكيل حكومة جديدة وفقا لمقتضيات الفصل 89. كما يذكر أنّ وثيقة قرطاج 2، أصبحت جاهزة وسيتم إمضاؤها الْيَوْمَ ومن ثم عرضها وتسليمها إلى لجنة الرؤساء (رؤساء الأحزاب والمنظمات الموقّعين على وثيقة قرطاج) بعد أن تم تقديم تنازلات بخصوص بعض نقاط الوثيقة المتعلّقة بالجانبين الإقتصادي والإجتماعي».