لا يزال الغموض يكتنف الساحة السياسية اثر الخصومة المعلنة بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد ونداء حافظ قائد السبسي بعد التهم التي توجها بها الشاهد تلفزيا ضد المدير التنفيذي لنداء تونس والمحيطين به بعد إصرار النداء على إنهاء الشاهد وحكومته. ولئن خرجت المعركة من الكواليس إلى العلن فان ذلك قد يحمل في طياته خطرا عن الحكومة التي ستعرف شللا في حال التزم النداء بسحب وزرائه من حكومة الوحدة الوطنية كعقاب للشاهد على تمرده ضد نداء حافظ. غير ان مستشاري رئيس الحكومة يدركون جيدا ان النداء لم يعد يملك صوتا عاليا، وانه بات ضعيفا مقارنة بالفترة الماضية وقد زاد وهنه مع انقسام واضح في كتلة الحزب التي خير رئيسها سفيان طوبال تحييد مواقفها وإبعادها عن دائرة الصراع والالتزام بمواقف الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي. ويبدو احتفال الحزب هذه السنة بالذكرى السادسة لتأسيسه منقوصا وغير مكتمل النصاب على عكس 16 جوان 2012 أين برز النداء كقوة مناهضة للواقع السياسي أثناء حكم الترويكا آنذاك حيث ستمر ذكرى التأسيس وسط تخوفات من شبح الانقسام الذي يرفرف حول «روح» النداء. هكذا أمر قد لن يرتضيه الرئيس المؤسس الباجي قائد السبسي الذي لم يتدخل «ظاهريا» في أزمة الحزب اثر الارتفاع غير المسبوق في منسوب الخلافات بين قطبي النداء، ليترك كليهما الى حين انتهاء «التخميرة «الرمضانية ،علهما «»يثوبان» الى رشدهما. غير ان العودة الى التهدئة داخل النداء قد لا تجد طريقها الى الحزب اذا ما واصل الرئيس المؤسس الوقوف على الربوة، واستكمال مشاهدة الحلقة الجديدة من الصراع حول «التركة» السياسية، فتدخله من شانه ان ينفض غبار المعركة ويؤسس لواقع جديد مع تحيين سريع لخريطة التحالفات بالاضافة الى تهدئة الوضع العام الذي لم يعد يحتمل أكثر. وفِي واقع الامر فان غبار الخلافات السياسية الحاصلة نتيجة النقطة 64 من وثيقة قرطاج في نسختها الثانية لم تخف التوافق الحاصل بين موقف رئيس الجمهورية من جهة ورئس حركة النهضة اللذين أبديا توافقا بضرورة ترحيل أزمة الحكومة الى البرلمان والى أعضاء مجلس نواب الشعب دون الخوض في مسالة رحيل الشاهد انطلاقا من الاطراف الموقعة على وثيقة قرطاج. موقفه أكده القيادي بحركة النهضة حسين الجزيري الذي اعتبر « أن تعليق العمل بوثيقة قرطاج 2 موقف إيجابي من رئاسة الجمهورية لأنه سيمنح من جديد فرصة للفرقاء السياسيين والاجتماعيين لتعميق الحوار. قال الجزيري، في تصريح إعلامي «إن موقف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي يتناغم مع موقف زعيم الحركة راشد الغنوشي وأظهر توافقا بين الرجلين. معتبرا أن الرجلين انتصرا للدولة لأن تونس تحتاج إلى الاستقرار، والتغيير العميق لا يخدم مصلحة البلاد. ورغم تماهي موقفي النهضة ورئيس الجمهورية فان الأصوات الندائية مازالت في الارتفاع رفضا لبقاء الشاهد على راس حكومة الوحدة الوطنية وقد اتخذ القيادي خالد شوكات موقفا جديدا ضد التوافق وأفاد في تصريح ل"الصباح نيوز" أنهم مختلفون بشأن الحكومة مع حركة النهضة التي يرى انها "خرجت عن التوافق الوطني العام بموقفها المتشبث ببقاء الشاهد» وتابع قائلا «ان بعض القيادات النهضوية وصل بها الامر الى حد زعم وجود توافق وتناغم بين رئيس الجمهورية والشيخ راشد في موضوع التحوير". ولم يمر تصريح شوكات دون رد من القيادي بحركة النهضة محمد بن سالم وتعقيبا على هذا التصريح، قال بن سالم في تصريح ل»الصباح نيوز»: «الظاهر من كلام شوكات أنه يعتبر تونس هي نداء تونس ومن يختلف مع النداء فإنه خرج عن الإجماع الوطني.. صحيح ان نداء تونس في تسميته «تونس» لكن هنالك فرق كبير وشاسع بين النداء وتونس» وتساءل بن سالم عن أيّ إجماع وتوافق يتحدّث شوكات عندما تكون هنالك 5 أطراف من مجموع 9 ضدّ التغيير.» ويبدو ان اللقاء الحاصل بين رئيس الجمهورية ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي أمس يندرج في هذا الإطار، وهو ما يعني بالضرورة ان التوافق مازال قائما بين قطبي العمل السياسي ، رسالة قد تجد صداها في قادم الأيام داخل حزب نداء تونس الذي يسعى لفك الارتباط مع النهضة دون ان تكون له القدرة على صياغة الموقف النهائي الذي مازال بيد الرئيس المؤسس.