أخطر تهديد لأي شعب هو اليأس الدي قد يهيمن عليه ويكبل قدرته على التجاوز والتحدي ويقضي على بذور الأمل لديه، حالة لا يتمناها المرء في هذا الظرف الذي أصبحت فيه الرؤية غير واضحة بفعل غيوم الأزمة السياسية وما ولّدته من تجاذبات وما تخلفه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية من مرارة. وفي هذه الأجواء غير المطمئنة وفي سياق تتالي التصريحات وصيحات الفزع لا مفر اليوم من التوصل إلى حل، فقد طالت مرحلة البحث عن الحلول وحان الوقت ليتدخل رئيس الجمهورية ويبدد الغيوم ويحد من المخاوف ويبعث الأمل لدى الشعب التونسي. إننا في أمسّ الحاجة إلى توافق أوسع من توافق «الشيخين» وأعمق من التوافق بين نداء تونس وحركة النهضة وأسمى من الأهداف السياسيوية والحزبية الضيقة لمجابهة كل أزماتنا وتنفيذ الإصلاحات لكن لا بد أيضا من توفر الإرادات من أجل نظرة أكثر موضوعية للوضع الحالي وفعل يخضع للمنطق. صحيح أن التداخل بين الشأن السياسي والاقتصادي والاجتماعي على خلفية مجمل أزمات البلاد أنتج وضعا متوترا هو أقرب إلى الاحتقان لكن ليست هذه المرة الأولى التي تتبعثر فيها الأوراق وتنسد الآفاق وتغرق مجمل الطبقة السياسية في التيه وبالتالي فإن ما نعيشه اليوم هو إحدى حلقات الفشل الذي صبغ «المرحلة الثورية». شتان بين شعارات ما بعد جانفي 2011 وبين حصيلة السنوات السبع الماضية، ولأننا ندرك جميعا أن أزمتنا الاقتصادية والاجتماعية لن تحل بعصا سحرية، ولأننا مازلنا نأمل في تحسن الأوضاع بتوفر الإرادة من أجل الإصلاح الجذري والتفرغ لمصلحة تونس، لا مفر من ترك الخلافات السياسوية جانبا والابتعاد عن التجاذبات الحزبية والإيديولوجية. إن أفضل وسيلة لرفع المعنويات يمكن حصرها في الانجازات التي تتحدث عن نفسها وفي تحسن الحالة النفسية للتونسيين وفي ما خفّ من وطأة الأسعار، ولعلنا نجد بعض السلوى في ما أعلنته الوكالة الدولية للترقيم «موديز» من أنها تتوقع تحقيق تونس نسبة نمو في حدود 2.8 في المائة سنة 2018 و3 في المائة خلال 2019. ومهما كان التعويل على التمويلات الخارجية لا بد من أخذ زمام الأمور بكل جدية ولابد من البناء على أسس صلبة، فزمن التضحيات انتهى ولا بد من التفرغ للعمل والإنتاج، فبتكاتف الجميع تهون الصعاب والمحن، ودروس الأمم والشعوب الأخرى تظل مرجعا للإنسانية جمعاء.