نظرت أمس الدائرة المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في قضية الشهيد فيصل بركات الذي قتل– تحت التعذيب بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1991 – بعد ان أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وقد تمت احالة 33 متهما للمحاكمة بينهم بن علي وعبد الله القلال والصادق شعبان والبشير التكاري وكمال مرجان ورفيق الحاج قاسم وثلاثة قضاة وطبيبين وكوادر أمنية وقد وجهت ل13 أمنيا تهم التعذيب الناجم عنه الموت والقتل العمد المسبوق بالايقاف التعسفي والاغتصاب والتعذيب الناجم عنه وفاة وايقاف وحجز شخص دون اذن قانوني والمشاركة في الاعتداء الجنسي والاغتصاب باستعمال العنف ممن كانت له السلطة واستغلال النفوذ فيما وجهت لبن علي ووزرائه والطبيبين والقضاة تهم المشاركة في جل هذه الأفعال وتعد قضية بركات رابع قضية يتم النظر فيها بعد ان تم النظر في قضايا كمال المطماطي ورشيد الشماخي ونبيل البركاتي. وقد شهدت جلسة المحاكمة أمس حضور عدد هام من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية فيما تغيب جل المتهمين ولم يحضر سوى متهم فقط وهو قاضي تحقيق سابقا وطلب التأخير لتكليف محام فاستجابت المحكمة لطلبه وأجلت القضية الى جلسة 12 أكتوبر القادم لمواصلة سماع الشهود بعد ان استمعت هيئة المحكمة أمس الى شهادات عائلة الشهيد وبينهم شقيقه جمال بركات الذي شهد حادثة تعذيب الشهيد. وقد تم ايقاف فيصل بركات يوم 8 أكتوبر1991 بمدينة نابل واقتياده إلى مركز الحرس الوطني بنابل وتحديدا إلى مقر فرقة الأبحاث والتفتيش أين تم تعذيبه أشد التعذيب إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة تحت أنظار أكثر من 60 موقوفا بينهم أخوه جمال بركات ويوم 11 أكتوبر1991 وقد قام الوكيل محسن بن عبد الله بالإعلام عن حادث مرور ووفاة لمترجل مجهول الهوية وذلك بواسطة برقيتين عدد 63 و64 بتاريخ11 أكتوبر1991 بطريق«الغرابي» الرابطة بين منزل بوزلفة وشاطئ «سيدي الرايس» والايهام بأن الشهيد توفي اثر حادث مرور سجل ضد مجهول وتم حفظ القضية بتاريخ 30 مارس1992 لعدم التوصل للجاني. ورغم كل الأدلة على أن وفاة الشهيد فيصل ناجمة عن عملية تعذيب وحشية فإن السلط التونسية في عهد المخلوع واصلت تعنتها وتشبثها بفرضية حادث المرور مما دعا المفوضية العليا لحقوق الإنسان لطلب إخراج الجثة لدحض فرضية حادث المرور نهائيا في تقريرها سنة 1999 لكن الحكومة التونسية ماطلت كعادتها ولم تستجب لطلب المفوضية وأمام إصرار العائلة على كشف الحقيقة والضغط المسلط على الحكومة التونسية في تلك الفترة تم سنة 2009 وبأمر من وزير العدل إلى الوكيل العام بنابل فتح تحقيق للمرة الرابعة في القضية بمحكمة قرمبالية كلف به قاضي التحقيق الأول الذي استقر رأيه على رفض إخراج الجثة متعللا بتحللها لمرور الزمن ولكن بعد الثورة قررت دائرة الاتهام إرجاع الملف إلى مكتب التحقيق المذكور الذي استدعى ستة شهود أكدوا أن فيصل تعرض للتعذيب الوحشي طيلة ست ساعات تقريبا بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل مما تسبب في وفاته على عين المكان وتم فتح الملف مجددا.