منذ أواخر مارس الماضي وأعوان وإطارات المركز الوطني للإعلامية ينفذّون تحرّكات احتجاجية تكاد تكون بشكل يومي على خلفية ما اعتبروه محاولة السطو على مهام المركز من خلال بعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية»، هذه المؤسسة التي أجمعت أكثر من 10 نقابات قطاعية بالإضافة إلى أعوان وإطارات المركز أنها كيان مواز لمركز الإعلامية تهدف إلى سحب صلاحيات المركز الموكول له تاريخيا وقانونيا مهام حماية الأمن المعلوماتي الوطني، كما احتج أعوان وإطارات المركز على ما وصفوه بمحاولات توظيف المركز سياسيا لخدمة أجندات حزبية خاصّة بعد الثورة. وشهدت الوقفة الاحتجاجية التي نفّذها أعوان وإطارات المركز الوطني للإعلامية، يوم أمس، على خلفية تصريحات وزير تكنولوجيات الاتصال أنور معروف أوّل أمس بمجلس نواب الشعب الذي اتهمته نقابة المركز الوطني للاعلامية، بالمغالطات وبتزييف الحقائق وبتشويه نضالات أعوان مركز الاعلامية، مساندة نوعية بعد زيارة الأمين العام لاتحاد الشغل ومؤازرته للتحرّك الاحتجاجي لأعوان وإطارات المركز الوطني للاعلامية، وقد تعهّد الطبوبي للمحتجين أن الاتحاد لن يسمح بخلق شركة موازية للمركز كما لن يسمح الاتحاد بجلب أشخاص من الخارج للاطلاع على المعطيات الشخصية والمعلومات الخاصّة للتونسيين، قائلا ان «الاتحاد ومثلما يضع 70 ألف خط أحمر أمام التفويت في المؤسسات العمومية فانه يضع مثلها أمام المسّ بالمركز الوطني للإعلامية». وازداد المناخ الاجتماعي داخل المركز الوطني للإعلامية، منذ إقالة المدير العام السابق عادل بوحولة من مهامه كمدير لمركز الإعلامية، احتقانا وتأزّما بعد مصادقة المجلس الوزاري يوم 20 جوان الماضي على مشروع الأمر الحكومي على إحداث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية»، هذه المؤسسة التي يتمسّك اتحاد الشغل وكل النقابات القطاعية على اعتبارها مؤسسة موازية للمركز الوطني للإعلامية وتحويلا لمهامه وتهديدا للأمن الوطني للمعلومات والمعطيات الحسّاسة للدولة والمواطن المخزّنة بهذا المرفق العام. النقابات القطاعية تلوّح بالتصعيد أكّد الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان وموظفي وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، نبيل العرفاوي، في تصريح ل»الصباح» على أن كل النقابات القطاعية لن تسمح باستباحة الأمن المعلوماتي للتونسيين ،قائلا» الاتحاد العام التونسي للشغل من خلال الأمين العام وكل النقابات القطاعية ساند التحرّكات الاحتجاجية للمركز الوطني للإعلامية، وسيدافع ببسالة عن الأمن المعلوماتي الوطني ولن نتراجع عن حماية معلومات التونسيين ومعطياتهم الشخصية وسنتصدى لأي محاولة لضرب صلاحيات المركز والسطو على مهامه.» وفي ذات السياق أشار العرفاوي أن النقابات القطاعية واحتجاجا على مصادقة المجلس الوزاري على مشروع إحداث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» تدرس مسألة تنفيذ إضراب عام في القطاع سيحدّد وقته لاحقا،وفق تعبيره، كما أثنى الكاتب العام للنقابة الأساسية لأعوان وموظفي وزارة تكنولوجيات الاتصال على ما وصفه ب»المواقف الشجاعة «للمدير العام المُقال من مركز الإعلامية عادل بوحولة الذي قال عنه العرفاوي «أنه دفع ضريبة انحيازه ودفاعه عن المركز الوطني للإعلامية وعن أعوانه وإطاراته ولم ينصع إلى التعليمات التعسفية للوزارة» . أكّد الكاتب العام لنقابة أعوان وزارة تكنولوجيات العادل بوحولة المدير العام المقال للمركز لمواقفه الشجاعة والذي أثبت في أكثر من مرة إنصافه لقضيتنا وعدم الانصياع للتعليمات التعسفية للوزارة. «مفتاح» الأمن المعلوماتي الوطني يعتبر المركز الوطني للإعلامية من أهم وأخطر المرافق العمومية بالنظر الى خصوصية مهامه وصلاحياته حيث يُعالج المركز ويأوي معلومات على غاية من السرّية والخطورة وهي معلومات تهم خاصّة برمجة ومتابعة العمل الحكومي والمراسلات الالكترونية وكل المعطيات الشخصية للمواطن وسجل موظفي الدولة والسجل الانتخابي وسجل الحالة المدنية. ويؤمّن المركز ترابطا لمخزون معلومات متعدّد الاختصاصات حيث أن طبيعة المهام والأنشطة الموكولة للمركز الوطني للإعلامية تهم كل الوزارات والإدارات والمؤسسات عبر توطين المنظومات الوطنية الكبرى كمنظومة «انجاز» لمتابعة وتقييم المشاريع والبرامج العمومية ،منظومة «إنصاف» للتصرّف الآلي في الموارد البشرية للدولة، منظومة «أدب» لمتابعة ميزانية الدولة ،منظومة «أمان» لبرمجة ومتابعة العمل الحكومي، منظومة «رشاد» للتصرّف في المأموريات بالخارج ،بالإضافة إلى تأمين الخدمات الإدارية عبر شبكة إدارية مندمجة كالتراسل الالكتروني بين موظفي الدولة ومنظومة التصرّف الالكتروني للبريد بين مكاتب الضبط للوزارات. كما قام المركز بانجاز منظومة انتخابات 2011 و2014 فيما يتعلّق بالقوائم الانتخابية ونفس الشيء بالنسبة للانتخابات البلدية . ورغم أهمية هذا المركز إلا أنه طالما كان بعيدا عن الأضواء،ولكن بعده عن الأضواء لم يلغ محاولة توظيفه سياسيا وحزبيا كما أكّد ذلك عدد من إطارات وأعوان المركز الذين طالبوا أكثر من مرّة بإلحاقهم بهياكل رئاسة الحكومة ليكونوا بمنأى عن كل توظيف حزبي أو سياسي قد يطال الوزارة ويؤثّر على نزاهة المركز أو يمسّ بالمعطيات التي يؤويها وهي معطيات شخصية على غاية من الأهمية والخطورة وتعتبر جزءا من الأمن القومي والاستراتيجي الوطني. ويذكر أن حزبي النهضة وآفاق تونس من بين أكثر الأحزاب تداولا بعد الثورة على حقيبة وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي. نقابة المركز الوطني للاعلامية «تنتفض» احتجت النقابة الأساسية للمركز الوطني للإعلامية في بيان لها أوّل أمس على مداخلات وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي أنور معروف، وذلك على خلفية حضوره بمجلس نواب الشعب، وقد اتهم النقابة الوزير بتزييف الحقائق ومغالطة الرأي العام بهدف تشويه نضالات أعوان المركز الوطني للإعلامية، وفق نص البيان. كما عبرت النقابة عن استغرابها من «طريقة إدارته للأزمة التي يعيشها المركز» معتبرة وزير تكنولوجيات الاتصال «كان السبب المباشر للأزمة بتشبثه بإحداث مؤسسة ‹التونسية للتنمية الرقمية› والتي يتجلى تقاطع مهامها مع مهام المركز الوطني للإعلامية في نصّها القانوني وكذلك تنصله من إمضاء محضر جلسة تفاوضية يوم 6 أفريل 2018 » وفق ذات البيان.