- البلاد اليوم في حاجة إلى خطاب عقلاني ومعارضة حقيقية وفاعلة تمتلك برامج واقعية منذ سنوات وبلادنا تعيش حالة من المخاض السياسي وعلى وقع التجاذبات والانقسامات والانشقاقات والتحالفات والائتلافات.. وما رافق ذلك من أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية... ولقد برز اتحاد الشغل بلعب دور مهم في تعديل الأوتار بوسائله المتاحة وكبح جماح الائتلاف الحاكم وتحمل مسؤولية عديد الملفات الحارقة.. ولكن ماذا لو لم يكن الاتحاد؟ الم يكن من الأولى والأجدر أن تلعب هذا الدور أحزاب المعارضة وتحديدا الأحزاب اليسارية التقدمية أم أن قدرها أن تبقى أصوات رفض واحتجاج بلا تأثير في ارض الواقع؟ في هذا السياق أكد ل«الصباح» المنصف الشريقي المسؤول الإعلامي للحزب الاشتراكي «أن هذا الدور ليس غريبا على اتحاد الشغل الذي تحمل المسؤوليات في أحلك الفترات من مقاومة الاستعمار إلى احتضانه للثورة وتدخله في عديد الملفات ومناصرته للمفقرين والمستضعفين.. ولكن هذا الدور الذي يقوم به الاتحاد لا يلغي دور الأحزاب وخاصة التقدمية واليسارية منها» في تحمل مسؤولياتها. وأوضح الشريقي»أن الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي يتحملها الائتلاف الحاكم بإصراره على مواصلة تطبيق نفس الخيارات ومنوال التنمية الذي فشلت فيه الحكومات المتعاقبة وإتباع سياسة مملاة من دوائر صندوق النقد الدولي والبنك العالمي مما انعكس سلبا على التونسيين وزاد في تفقيرهم». فالأزمة اليوم حسب تصوره هي أزمة خيارات غير وطنية وليست أزمة اليسار، مؤكدا ان اليسار متواجد ويعمل وفق إمكانياته المتاحة مثلما هو الشأن بالنسبة لحزبه (الحزب الاشتراكي) الذي خاض غمار الانتخابات البلدية الأخيرة وتمكن من كسب بعض المقاعد وساهم في قوائم مستقلة وحاول من موقعه تحمل مسؤولياته. ولكنه يؤكد أن للنهضة وغيرها من الأحزاب اليمينية إمكانيات ووسائل أخرى كالجوامع التي أصبحت مجالا مفتوحا للدعاية السياسية والتمويلات المتأتية من الجمعيات «الخيرية» المنتشرة هنا وهناك والمال السياسي الفاسد. ومن جهة أخرى بين الناطق الرسمي باسم الحزب الاشتراكي أن اليسار في تونس يجب أن يكف عن الظهور في ثوب الأصوات الاحتجاجية لا غير دون تقديم بدائل واقعية، مؤكدا أن الحل اليوم يكمن في اليسار العقلاني الذي يقدم البدائل الواقعية والتي تستجيب لمتطلبات المرحلة. موضحا أن النهضة استغلت المواقف المتصلبة لبعض الأطراف المحسوبة على اليسار لتسجل نقاطا ثمينة في رصيدها فنحن نعلم مثلا ان إقدام حركة النهضة على ترشيح سعاد عبد الرحيم لمنصب رئيسة بلدية تونس «شيخ المدينة» لا ينبع من قناعة فكرية وإيديولوجية بل انها صورة للتسويق خاصة في ما يهم صورتها في الخارج وكان بالإمكان قطع الطريق أمامها من قبل الأطراف الأخرى (الجبهة مثلا) فدعم كمال ايدير هنا كان ضرورة، ليس رفضا لسعاد عبد الرحيم كامرأة بل وقوفا ضد مغالطة تسعى النهضة لترويجها وتلميع صورتها من خلالها. وأكد لنا الشريقي أن البلاد اليوم في حاجة إلى خطاب عقلاني ومعارضة حقيقية وفاعلة تمتلك برامج واقعية تستجيب لمتطلبات المرحلة وتتصدى للبرامج والخيارات المعادية لمصلحة الشعب مؤكدا «نحن في الحزب الاشتراكي نمتلك برنامجا وتصورا متكاملا للنهوض بالبلاد ونقدم الحلول لتجاوز هذه الأزمة الخانقة ولن نكتفي بالاحتجاج والوقوف على الربوة إضافة إلى وجودنا في عديد المواقع من جمعيات ومنظمات المجتمع المدني». وفي علاقة بالحديث عن حزب يساري كبير الذي كان قد أعلن عنه عبيد البريكي وكان من المزمع تجسيمه على ارض الواقع في 2018 أكد المسؤول الإعلامي للحزب الاشتراكي أن فكرة تأسيس هذا الحزب كانت مطروحة من قبل وبادر بها محمد الكيلاني والمرحوم عبد الرزاق الهمامي وتم إعداد أكثر من 17 كراسا في هذا الشأن. وأكد ان الحزب الاشتراكي حضر الندوة التي عقدت في 14 أكتوبر 2017 وخاض نقاشات داخل اللجنة المشتركة حول المشروع، لكن التسرع حال دون المواصلة حيث يؤكد الشريقي ان هذا الحزب المزمع تأسيسه كان يفتقد لهوية سياسية واضحة إضافة إلى ان الحزب الاشتراكي كان يعطي أولوية للانتخابات البلدية. لكن الجهود والنقاشات اليوم متواصلة حسب الشريقي نحو تأسيس»جبهة» وطنية جمهورية اجتماعية تضم الأطراف اليسارية والتقدمية التي تؤمن بالجمهورية لأنه تبين ان النظام الجمهوري اليوم في خطر امام هيمنة اليمين والمطلوب التريث وتعميق النقاش لتكون هذه الجبهة فعلا قوة حقيقية قادرة على الحفاظ على مكاسب الجمهورية.