سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارع القناص: فسحة العين والاذن يؤمنها الهادي السنوسي.. «قرطاج» بلا مكياج: مقارنات خارج الميزان.. المهرجان بحجة الميدان.. مارسل منتصب المشاعر وكاظم صوت العراق الساحر!
خصصت حلقات سابقة من مساحة هذا «الشارع» للحديث عن العقبات التي تعترض مهرجان «قرطاج» من قبل فئة امتهنت زرع الألغام امام العاملين بدل الدفع الى المزيد من التحسين. وقد اكدت ان المهرجان ليس فوق النقد شرط ان يتم ذلك في اطار الموضوعية وبعيدا عن الدوافع الذاتية والمواقف المزاجية وامر اليوم الى استعراض فئة أخرى التي تجعل من الرأي مجرد تعبير عن نوع من العداء للاجتهادات المحلية استجابة لنزوات غير مبررة الا في اذهان أصحابها. عناوين بلا موازين لقد أظهرت السنوات الأخيرة بصفة خاصة ان «الحرب» التي تقودها بعض اللوبيات التي تترصد المهرجان أصبحت مكشوفة وان قياداتها أصبحت معروفة. ونجد في المقدمة مجموعة من الفنانين (في الموسيقى والمسرح) الغاضبين لعدم برمجتهم ضمن الدورة.. فهم يرون انهم الاحق بالحضور والمشاركة. قد يكون لهؤلاء الحق في ما ذهبوا اليه ولكنهم ينسون ان البرمجة لا تتحمل ضم كل الفاعلين حتى وان رغب المشرفون على المهرجان في ذلك.. هذا بالإضافة الى حق الاجتهاد المتاح لهؤلاء لاختيار الاعمال التي تستجيب لرؤاهم واختياراتهم في اطار التوجهات العامة للمهرجان. وخلف هذا «الفيلق» نجد مجموعة الإسناد التي تتقاطع مصالحها مع الفئة المذكورة واعني متعهدي الحفلات والقائمين بأعمال بعض الفنانين. فهؤلاء وأولئك ينظرون الى المهرجان من خلال العقود التي تربطهم به أي بمنطق الغنيمة التي يجب تقاسمها بين الجميع وكأنها ارث مشاع وكلما ابتعدت رائحة «الكاش» عن الانوف الا وتحمر العيون وتنطلق حملات الاتهام والتشويش والضرب تحت الحزام بكل الوسائل الكلامية والأنغام. ولئن استعمل هؤلاء منذ سنوات وسائل هجومية محلية فإنهم حولوا وجهتهم في الدورات الأخيرة بصفة خاصة الى الاستقواء بوسائل خارجية وذلك عبر الاستنجاد بمقارنة «قرطاج» التونسي بنظيره «موازين» المغربي». وقد ذهب بعضهم الى التأكيد بتفوق «موازين» على «قرطاج» شكلا ومضمونا!.. وهنا أجدني مضطرا للتنبيه الى المغالطات التي يروجها بعضهم سواء عن جمل او بنية سيئة لا تخفى مقاصدها. لقد تابعت مداخلات يتحدث أصحابها عن «موازين» وهم لا يعرفون هذا المهرجان الا بالسماع او المشاهدة عبر احدى القنوات التلفزية التي تخصصت في تغطية فعالياته وإعادة الإعادة في بث تسجيلات تكاد تخرج من انوف المشاهدين! اسألوا هؤلاء عن مداخيل «موازين» وعمن يمول المهرجان وكيف وكم عرضا يقدم في كل دورة؟ لن يجيبوا سوى بمعطيات فضفاضة لا تشبع ولا تقنع.. ومن باب الإشارة فقط اكتفي بذكر بعض المعطيات والأرقام عسى ان ترفع الغشاوة التي تحجب الرؤية عن ذوي النظر القصير. وعلى سبيل المثال كما قلت.. فقد بلغت مداخيل الدورة قبل الأخيرة ما يفوق 8 ملايين دولار!.. رقم مبهر.. اليس كذلك؟ فانتبهوا جيدا للمعطى الثاني واحبسوا انفاسكم: المداخيل متأتية من اشتراكات الميسورين والمؤسسات التي تشكل نسبة %5 من مجموع المتابعين. ومقابل ذلك يتمتع الجمهور بالدخول مجانا أي ان نسبة %5 فقط يدفعون و%95 يتقاسمون معهم الفرجة والمتعة من دون ان يدفعوا درهما واحدا كما يشغل المهرجان حوالي 3000 عون على مدار السنة ! مع الإشارة الى ان الدورة الواحدة من «موازين» تتضمن عشرة عروض فقط ويتم الافتتاح بحضور المستشهرين فقط في سهرة مغلقة لا يؤمها غيرهم ! هذا غيض من فيض.. فهل تصح المقارنة في مثل هذه الحال؟! ورغم ذلك فإن «قرطاج» مازال في طليعة المهرجانات العربية رغم البهرج الذي يحيط ببعضها بالإضافة الى الإمكانيات المالية الضخمة التي لا يمكن مقارنتها بما يتوفر لمهرجاننا. فعلى سبيل الذكر أيضا اشير الى ان منحة وزارة الشؤون الثقافية للدورة الحالية لا تقارن بميزانية «موازين» مثلا ولولا مساهمة بعض المؤسسات لوقع الأسوأ. انها قدرة التونسي على إيجاد الحلول مهما كانت الصعوبات والعراقيل التي جعلت المهرجان يمتد على مساحة زمنية معتبرة (13 جويلية -17 اوت) ويقدم عروضا مختلفة سواء على الركح المركزي او المسرح الروماني او مدار قرطاج.. فهل نكف عن النفخ في صورة الآخرين ونتوقف عن هذه النزعة التي انتشرت في السنوات الأخيرة والتي تتقصد تقزيم كل ما هو محلي؟.. فكيف يحترمنا الآخرون ونحن لا نحترم أنفسنا وإنجازاتنا؟ نجمان لا يأفلان لقد تضمنت الدورة الحالية عدة محطات مضيئة نالت رضا الجمهور ومنها سهرتا مارسال خليفة والقيصر كاظم الساهر. فالأول برهن ان الموهبة لا تموت وان الصدق في الفن أوصل السبل واقصرها الى القلوب واثبت انه باق على قمة الوفاء لقضايا الأمة وللقضية الفلسطينية على وجه الخصوص. لقد خرج صوت مارسال من بين انقاض لبنان الجريح وركام العدوان الإسرائيلي على شعبنا الفلسطيني الصامد ليقول لا للاستسلام.. لا للانهزام متخذا من شظايا المشاعر وقودا لتحريك السواكن وتبليغ الصوت الجريح الى كل الأركان والأماكن. لقد اتخذ مارسال أشعار المقاومة الفلسطينية (محمود درويش وسميح القاسم..) ليجعل منها نبراسا يضيء طريق النضال ويحرك الهمم ويحيي الآمال.. جاء صوت مارسال في زمن خفتت فيه الأصوات وكادت قضايا الأمة تدفن بالحياة لذلك نحت لنفسه ولفنه مكانة متميزة في قلوب هذا الوطن المكدود والمهدود بالهزائم والدسائس. ومرة أخرى يعود مارسال الى «قرطاج» الذي بايعه ذات ليلة ووهبه صفة سفير الفن الثائر والغامر والعامر.. ومرة أخرى جاءه الجمهور مرحبا ومرددا معه: «منتصب القامة امشي.. مرفوع الهامة امشي».. وكذلك «أحن الى خبز امي..» وغيرهما من نبضات قلب موجوع ولكنه بقي خافقا بين الضلوع! رسم الزمان لونه على شعر مارسال لكنه لم يزده الا وقارا ولم يضف الى فنه الا نارا و.. أوزارا يحملها عبر صوته ليبلغها الى ضمائر الأحرار في العالم عسى ان يسترجع العالم! جاء مارسال منتصب المشاعر مرفوع الهامة فوق المنابر.. وتلك ميزة الفنان الصادق الذي لا يخفت له بارق!.. وعلى غرار مارسال خليفة عاد الفنان الكبير كاظم الساهر الى فضاء «قرطاج» لينسج مع الجمهور الاستثنائي خيوط ليلة من الف ليلة وليلة.. جاء كاظم يحمل بصوته وصورته ووقفته وابتساماته وتحركاته شموخ العراق وخرير دجلة والفرات. سهرة كاظم الساهر شكلت بالنسبة الى رحلة بعيدة وجميلة تمس شغاف القلب كلما وقف كاظم امامي. لقد عرفت كاظم في بداية التسعينات من القرن الماضي وتلاقينا وتحدثنا وتحاورنا واكتشفت قيمة الانسان وموهبة الفنان.. وصرنا صديقين وسنبقى!.. كاظم من الفنانين القلائل الذين يحيلونك عبر فنهم الى النبش في دفاتر الحضارات الضاربة في عمق التاريخ الإنساني.. انه العراق الذي يقول عبر السنين والأحقاب.. انا هنا وسأظل كذلك مهما كاد الكائدون.. هكذا قال كاظم وقبله ناظم الغزالي والهام مدفعي ونصير شما صديقي العراقي الآخر الذي كبلني بفنه واصالته وحسه الإنساني والفني الرفيع! ولن انسى قامات إبداعية أخرى كعبد الوهاب البياتي وسعدي يوسف وبدر شاكر السياب الخ... وتعود بي الذاكرة أيضا الى بدايات كاظم الساهر التي ارتبطت بالشاعر الغنائي كريم العراقي الذي شكلت نصوصه منصة لإطلاق الصاروخ العراقي الجديد! لقد عاش الجمهور ونجمه الساهر احلى نوبات الجنون الجميل الساحر.. شخصيا.. انتشيت حد البكاء الصامت.. لقد امتزجت صورتا كاظم والعراق الصامد رغم المكائد.. لم اعد اجد الكلمات فابلغ منها الصمت في بعض المناسبات.. زقزقة: إقصاء قال لمين النهدي: تعرضت لعملية إقصاء ممنهجة من المهرجانات ** قالت العصفورة: عن أي إقصاء يتحدث «المكي» و»زكية» تطوف بالبلاد وهو «متكي» ويشترط «الكليماتيزور» لتبريد «الموتور» والدولاب دائما يدور.. والحديث عن الاقصاء كلام زور!