سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارع القناص: فسحة العين والأذن يؤمنها: الهادي السنوسي.. أغنيتنا في وسائل الاعلام غريبة بين أهلها تعاني.. قنديلنا يضوي على البراني.. ويسرى محنوش في ثوب أمينة المغشوش!
لقد أصبح من نافلة القول ومن أحاديث العامة والخاصة ان تشجيع الإنتاج الوطني واجب يقع على كاهل المجموعة. هذه النظرية ذات الابعاد المختلفة ليست وليدة اليوم او البارحة بل هي ضاربة في الوجدان الجمعي. ولان البحث في الإنتاج عبارة عن غوص في أعمال متعددة الطبقات فاني اكتفي ببابه الموسيقي والغنائي على وجه الخصوص. بين القول والفعل.. ! تعددت الأصوات المنادية بضرورة إعطاء الاغنية التونسية أولوية البث والنشر والاهتمام.. وعقدت الموائد المستديرة والمربعة والمستطيلة وخرج منها أصحابها بتوصية وحيدة: ارفعوا الضيم عن اغنيتنا واعطوها حقها.. كل هذا الكلام وهذه التوصيات لا اجمل منها ولا احلى ولكن بين النوايا والافعال وهاد واودية وجبال! وانا الامس هذا الموضوع عادت بي الذاكرة الى تلك الدعوة الكريمة التي تلقيتها من الصديق عز الدين الباجي للمساهمة بمداخلة موضوعها «الاغنية التونسية في وسائل الاعلام» وذلك في اطار التظاهرة التي نظمتها جمعية ترانيم قبل سنتين والتي تمحورت حول «واقع الاغنية التونسية».. ونظرا لارتباط هذه المسألة بموضوع دراسة انجزتها قبل سنوات رأيت من المفيد العودة الى مضمون تلك المداخلة.. بدءا تجدر الإشارة الى ان الحديث عن الاغنية بصفة عامة يتطلب اكثر من مداخلة او دراسة نظرا الى تفرعاتها ومنعطفاتها المتعددة والمختلفة. وفي هذا الصدد يمكن العودة الى النظرية التي يروج لها بعض الانتروبولوجيين والتي تقول بان الانسان كائن غنائي بالفطرة. لذلك يضعون صرخة الولادة في خانة اول لحن يؤديه المولود الجديد.. لتتوالى معزوفاته الانفرادية أحيانا وتتناغم مع هدهدات الام أحيانا أخرى. وتأكيدا لذلك عرفت أجيال البدايات فنون الغناء والأداء الصوتي من دون حاجة الى ملقن او معلم وبقطع النظر عن المنشإ والبيئة.. ومن هذا المنطلق لم تشذ الاغنية عندنا عن هذه القعدة وعرفت على امتداد الاحقاب بروز أصوات عديدة تجاوز صيتها حدود البيئة التي تضمها.. من النقل الشفوي الى وسائل الاعلام ورغم انعدام وسائل التبليغ عرفت الاغنية المحلية الانتشار وذاع صيت العديد من الأسماء في كامل ارجاء البلاد عبر النقل والشفوي والتبليغ المباشر. وبعيدا عن التفاصيل او ذكر الأسماء فقد شهدت فترة ما قبل دخول وسائل الاعلام والاتصال الحديثة حيز العمل طفرة حقيقية من بروز مغنين فرضوا وجودهم في الجهات قبل ان تنتبه اليهم الصحافة المكتوبة في غياب وسائل أخرى. وبالرجوع الى منشورات الصحف القديمة نجد حضورا بارزا للأغنية التونسية وأهلها ومنها من خصص لها المساحات الكبيرة وساهمت بذلك في الترويج لأسماء طبعت الاغنية التونسية وجعلتها في جملة الاهتمام الجمعي. ومع حلول الراديو وانتشاره اصبح للأغنية التونسية حضور واسع عبر البلد وتوفرت الفرصة لأهل المغنى كي يثبتوا حضورهم ويعملوا على انتاج اغان يتنافسون بفضلها على نيل الاستحسان والريادة. وقد اجتهدت الإذاعة التونسية في تقديم البرامج والمنوعات الغنائية وعملت على نقل بعض الحفلات التي تقام آنذاك وحركت الساحة وعندما التحقت التلفزة بالركب تعددت الفرص لأهل الميدان كي يقدموا هوياتهم بالصوت والصورة. واعتقد انه لا يمكن للذاكرة ان تنسى على سبيل المثال تلك الحفلات الشهرية التي كانت تنظمها الإذاعة والتلفزة في المسرح البلدي والمنوعة الدورية التي تقدمها التلفزة بحضور الجمهور الذي تشبعت آذانه بالأغنية التونسية وجعل من تلك اللقاءات مواعيد عائلية للسهر والتمتع بالطرب. ومع مرور الأعوام تغيرت الأمور شيئا فشيئا رغم نجاح بعض المنوعات في المحافظة على حضور الاغنية التونسية وان نسبيا رغم المنافسة القادمة من خارج الحدود. فتور العلاقة: الأسباب والنتائج ولعل الجمهور العريض لاحظ في العشرية الأخيرة على وجه الخصوص الفتور الذي اصبح قائما بين الاغنية التونسية ووسائل الاعلام المحلية وهذا يدفع الى التوقف وان باختصار شديد عند واقع الاغنية من هذا المنظور مع التساؤل عن الأسباب. ان الأسباب عديدة ومتداخلة ويمكن اختزالها في ما يلي: الغزو الخارجي لموجات الأغاني والموسيقى القادمة من الشرق والتي ساهمت بدرجة كبيرة في التأثير في الذائقة العامة.. وهذا ما حدا بوسائل الاعلام وخاصة المرئية والمسموعة منها الى إعطاء مساحات شاسعة للأغنية الوافدة على حساب الإنتاج المحلي. غياب التنظيم في علاقة اهل المغنى بوسائل الاعلام. المقصود بالتنظيم هو كيفية تصرف المعنيين بالأغنية أي أهلها للتعريف بإنتاجهم وترويجه.. وفي هذا الباب يلاحظ المتابعون غياب الاستراتيجيا لدى اغلب مطربينا الذين يعتمدون على أساليب تجاوزها الزمن كالبحث عن أغنية الحظ أو الاتكاء على العلاقات الخاصة للحضور في برامج معينة.. وهذا دليل على جهل او تجاهل لمقومات الترويج والحضور في الساحة الإعلامية.. وهنا يكفي ان نذكر بما كانت تحظى به الاغنية من حضور عندما كانت بعض شركات الإنتاج وكذلك بعض المؤسسات تتبنى عملية الإنتاج مع الحرص على ترويجه بمختلف الوسائل. هذا ما فهمه مثلا صابر الرباعي الذي ترك امر الإنتاج والترويج لأهله وتمكن بفضل حنكة مديري أعماله عز الدين الباجي في البداية ثم علي المولى من تحقيق مسيرة استثنائية لم يقدر عليها الا القليلون. ولكن.. وبعد السكتة القلبية التي اضاعت التمشي المشار اليه تضاءل حضور الاغنية في الساحة المحلية وهو ما دفع ببعض الأصوات الى الاحتماء بشركات اجنبية معروفة لتعويض ما ضاع او هكذا يبدو لهم. كما يتساءل المتابع عن عدد المغنين (ذكورا واناثا) الذين يتعاملون مع إدارة أعمالهم؟ انهم قلة لا تكاد تذكر.. وهذا ما يحد من فرص النفاذ الى الساحة الإعلامية لغياب همزة الوصل التي يفترض ان تذهب الى وسائل الترويج للتعريف بالمنتوج وضبط خطة لتحقيق المرغوب. اعتقد ان هذين العاملين أي الغزو الخارجي وغياب التنظيم حكما على العلاقة بين الاغنية التونسية ووسائل الاعلام بالفتور والحضور المحتشم. ولئن تتحمل وسائل الاعلام قسطا مما يحدث للأغنية عندنا فان القسط الأكبر يقع على كواهل اهل المغنى الذين مازال اغلبهم يتعاملون بطرق غير ناجعة وبعقلية العرابن التي تحقق الربح الاني ولكنها لا تضمن الديمومة والحضور اللافت في الساحة الإعلامية والاوساط الشعبية. واعود قبل ان اختم الى بداية المقال لأؤكد بان الهوية والدفاع عنها عقلية وممارسة قبل ان يكونا مجرد شعارات نرددها في كل مناسبة وبلا مناسبة.. فمتى نقلع عن الانبهار بالجلباب وملوخية الارانب والحال انه عندنا الجبة والكسكسي بالعلوش المعشعش؟! لذلك يبقى الحل بأيدي الشقين المدعوين لتوفير الحلقة الرابطة بينهما حتى تستعيد الاغنية مكانتها واشعاعها. تلك هي اهم العوارض لوضع الاغنية في الاعلام اليوم من دون الغوص في الأسباب الذاتية للأغنية التونسية كضعف المضامين وما اعترى الوسط الغنائي من فوضى عارمة!.. يسرى في فخ أمينة! بالمثال يتوضح الحال.. وربطا مع ما سبق حول الأسباب التي أدت الى غياب الاغنية التونسية بصورة شبه كلية اتوقف عند ممارسة سلبية من قبل اهل المغنى انفسهم تجاه المنتوج المحلي. فاغلبهم نساء ورجالا لا يتورعون في حفلاتهم الخاصة والعامة عن التخلي التام عن اغانيهم لينغمسوا في أداء أغاني الغير.. وهذا مظهر من ظاهرة الانسلاخ عن الهوية التي نتحدث عنها. وكمثال صارخ كما قلت اذكر ما تأتيه منذ سنوات المطربة امينة فاخت التي فضلت التمعش من أغاني الغير والاعتماد على تكتيكات أصبحت معروفة للحضور في المهرجانات مقابل صفقات مالية مدوية.. وقد سبق ان تعرضت لهذه الحالة في اكثر من مناسبة ولا فائدة في إعادة اغنية أصبحت ممجوجة بفعل التكرار.. الا انني اود التوقف عن مطربة أخرى يبدو انها واقعة تحت التأثير السحري لأمينة فلم تتأخر في النسج على منوالها والنهل من مدرستها في التأوهات والتفرفيشات الخ.. واعني طبعا.. يسرى محنوش التي وهبها الله على غرار امينة صوتا قد يصل بها الى مصاف اعلى لو انها تقدر قيمته حق قدرها.. لقد شاهدتها في سهرة «قرطاج» (13 اوت) فأصبت بخيبة امل قصوى.. انتظرت منها ان تغنم هذه الفرصة لتقدم اثباتات بحجة الصوت والمضمون على انها تستحق درع التميز الذي منحها إياه «القيصر» كاظم الساهر ولكن.. ! ليلتئذ فعلت يسرى كل شيء باستثناء التركيز على برنامجها الغنائي الذي بدا بدوره وكأنه وضع على عجل او خضع لعملية ارتجال احرجت حتى أعضاء الفرقة المصاحبة لها.. فبعد اغنية الافتتاح.. تنقلت يسرى بين وردة ونجاة الصغيرة وام كلثوم وعبد الحليم حافظ قبل ان تعود الى وردة.. وفي الاثناء بدت وكأنه مسها خيط مكهرب.. تنقل عشوائي على الركح.. حديث عن الماكياج.. رقصات مع أعضاء من الفرقة.. ولم نسمع من انتاجها الخاص الا القليل.. يسرى فعلت كل شيء ولسان حالها يقول: انا امينة الجديدة.. فتقبلوني وتقبلوا مني مثلما تقبلتم من امينة هبلاتها وصولاتها وجولاتها.. وفات يسرى ان «اللي فاتك بليلة فاتك بحيلة» وامينة استعملت كل الحيل.. ولكنها رغم الاقبال على حفلاتها لم تنطل على العريفين.. لقد ضيعت فرصة ثمينة لتأكيد جدارتك بقرطاج وغيره من المهرجات وفشلت في امتحان الجمهور بعد ان أوقعت نفسك في فخ.. أمينة! ملا غبينة! زقزقة: صولد قال خبر صحفي: الصولد: حركة محتشمة والمراقبة جاهزة ** قالت العصفورة: هل يثير الصولد الاهتمام هذه الأيام.. فأموره في تدهور منذ أعوام.. وهل مازال له معنى في غياب الدينار وصعود الأسعار؟ لم يبق للصولد مكان في القلوب بعد ان عشش الصولد في الجيوب.. فالتخفيض في قيمة الإنسان هو المكتوب..