يبدو أن مشروع قانون المالية للسنة المقبلة لم يتضمن في فصوله إجراءات جديدة تخص قطاع العقارات، واكتفت الحكومة بحزمة القرارات التي تم تفعيلها خلال السنة الجارية وكانت قد أدرجت في عدد من فصول قانون المالية لسنة 2018، وأهمها تلك التي أثارت جدلا واسعا بين مهنيي القطاع، إخضاع العقارات لنسبة الأداء على القيمة المضافة ب19 بالمائة والأداء على وعود بيع العقارات... وكانت هذه الإجراءات قد ساهمت في الترفيع في أسعار العقارات إلى أكثر من 10 بالمائة حسب العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي في حين حصرت الحكومة نسبة الارتفاع في حدود ال6 بالمائة على أقصى تقدير. وبين هذه الأرقام، يتأكد من سنة إلى أخرى حسب الإحصائيات الرسمية المنشورة صعوبة امتلاك التونسيين لمساكن في ظل تواصل ارتفاع أسعار العقارات والأراضي الصالحة للبناء، ليصل اليوم ثمن المتر المربع على مستوى المسكن الجاهز بين 1500 دينار إلى 3000 دينار بالمدن الكبرى ويصل ثمن المتر المربع إلى 1000 دينار بالعديد من المناطق الداخلية، أما على مستوى أسعار الأراضي المعدة للبناء في شكل تقسيمات فان ثمن المتر في إقليم تونس الكبرى يكون بين 700 و1500 دينار ويصل إلى 500 دينار في بعض المدن الداخلية بالبلاد. بالمقابل، تشهد سوق العقارات من جهتها ركودا ملحوظا حيث بلغ عدد الشقق التي تم بيعها خلال الربع الأول من السنة الجارية 24 شقة فقط بعد أن كانت في حدود ال70 شقة خلال نفس الفترة من العام المنقضي، وكانت في حدود ال400 شقة خلال الربع الأول من سنة 2016، حسب الأرقام الصادرة عن غرفة الباعثين العقاريين. كما أفاد فهمي شعبان الكاتب العام للغرفة الوطنية للباعثين العقاريين مؤخرا بأن أسعار الأراضي والعقارات ارتفعت منذ 2011 حوالي 8 مرات مما أثر على أسعار شراء المنازل وحتى أسعار الكراء، موضحا أن قانون المالية لسنة 2018 ومن خلال الإجراءات التي تضمنها وتخص قطاع العقارات أثرت سلبا على السوق وعلى المستهلك على حد السواء. من جهة أخرى، عرف قطاع العقارات ركودا على مستوى الاستثمارات، حيث أن تواصل تأزم الوضع في ما يخص غلاء الأسعار وارتفاع الضغط الجبائي على المهنيين أدى مباشرة إلى تراجع الاستثمارات العقارية وهو ما سيؤثر بدوره على نسق الاستثمارات عموما باعتبار أن البعث العقاري يمثل اليوم14 بالمائة من مجموع الاستثمارات السنوية في البلاد وبنسبة 12.6 بالمائة من القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني وفي حدود ال8 بالمائة من جملة القروض المصرفية الممنوحة للقطاعات الاقتصادية.. وبالرغم من الوضع الصعب الذي يمر به القطاع، إلا أن الآراء والاقتراحات التي طرحت مؤخرا في ورشات العمل التي نظمت خلال الندوة الوطنية لتوجهات مشروع قانون المالية لسنة 2019، ركزت في الكثير منها على قطاع البعث العقاري من قبيل أهمية إطلاق إجراءات جديدة لتمكين التونسي من امتلاك مسكن وضرورة فرض ضرائب جديدة على اكرية المساكن والمحلات لتعبئة موارد جديدة لخزينة الدولة....