المأساة التي شهدها الوطن القبلي والمتمثلة في الفيضانات الهائلة التي خلفت خسائر مادية كبيرة للمواطنين وفي البنية التحتية من طرقات وجسور ومدارس، بالإضافة إلى الخسائر البشرية، لا شك أنها تثير التساؤل عما إذا كان بالإمكان تفاديها، أو على الأقل الحد من خطورتها، وعن أوجه التقصير المحتملة والتي قد تكون ساهمت في جعلها كارثية إلى هذه الدرجة، سواء من قبل السلطات العمومية أو من قبل المواطنين أنفسهم. نقول هذا اعتبارا لما لاحظناه من نقائص في مواكبة تطور الأوضاع منذ بداية تهاطل الأمطار وإلى غاية بداية تشكيلها خطرا محدقا على سكان المناطق المنكوبة، خلافا لما عهدناه في السابق من سرعة رد الفعل والمواكبة شبه اللحظية من قبل السلطات الجهوية والمحلية والهياكل المختصة من حرس وطني وحماية مدنية، لارتفاع نسبة المياه في السدود والوديان والتي كانت تتخذ شكل إخطارات وتحذيرات آنية للمواطنين المعنيين عبر مختلف الوسائل من إذاعات وطنية ومحلية. صحيح أن كميات الأمطار المتهاطلة كانت قياسية في زمن وجيز، إلا أنها كانت متوقعة بناء على نتائج عمليات الرصد الجوي وعلى المتابعة الدقيقة لحظة بلحظة لتجمعات المياه في السدود والوديان ومناطق سيلانها المعروفة، إنما الاشكال يكمن حسب وجهة نظرنا المتواضعة، في نقص وخلل في التنسيق بين الأجهزة المختلفة وعدم امتلاك استراتيجية فعالة إلى حد الآن لمواجهة هذا النوع من الكوارث الطبيعية. استراتيجية من المفروض أن تشمل تطوير محطات رصد هذه الكوارث وتزويد القائمين عليها بالتدريب الضروري الذي يؤهلهم لاستباق الكوارث الطبيعية وإنذار المواطنين لحمايتهم في الإبان من جهة، وإعداد الخطط اللازمة على المديين المتوسط والطويل للقيام بالإصلاحات الضرورية لتفاديها في المستقبل من جهة أخرى... وهي إصلاحات يتوجب أن تشمل وبأسرع ما يمكن البنية التحتية التي كشفت الفيضانات الأخيرة تهرؤها والتي كان لها دور كبير في تعميق الكارثة والمأساة. أما على مستوى الإجراءات الفورية والعاجلة، فإن أولوية السلطات في بلادنا ينبغي أن تكون لاتخاذ كل الإجراءات والمبادرات الضرورية للتخفيف من وطأة الكارثة والحد من تداعياتها السلبية على حياة المتضررين وذلك عبر المسارعة بتقييم الأضرار الحاصلة وحشد كل الإمكانيات والوسائل لمساعدة مواطنينا المنكوبين على مجابهة الخسائر الفادحة التي لحقت بممتلكاتهم والقيام بالإصلاحات الضرورية لما تهدم وتضرر من البنى التحتية من أجل استعادة النسق العادي للحياة بالجهة في أسرع وقت ممكن.