ونحن نحتفي امس مع سائر دول العالم باليوم العالمي للمدرسين الذي يوافق ال 5 من اكتوبر من كل سنة كمحطة نعترف من خلالها بقيمة واهمية المربي في نحت وصقل أجيال المستقبل، من المهم جدا التوقف لدى مكانة وقيمة المربي في مؤسساتنا التربوية. هذه المكانة التي ما فتئت للأسف تتهاوى وتتراجع من سنة الى اخرى في ظل الاعتداءات المسجلة على الإطارات التربوية والتي لم يعد اليوم ابطالها التلاميذ فحسب، وإنما أيضا الأولياء لتطال بذاك ازمة الافلاس الاخلاقي التي استفحلت في البلاد حجر الأساس وشريان المنظومة التربوية: المعلم الذي يمثل جوهر العملية التعليمية والذي يفتقد اليوم الى ذلك "الجيل الذهبي" الذي كان يهابه وينحني له إجلالا وإكبارا لدوره الريادي الذي يتجاوز بكثير مجرد تلقين المعارف والمهارات داخل القسم. وبما ان الوضعية كارثية -ولا نظنها خافية على اي كان من المهتمين بالشان التربوي- فيما يتعلق بتفشي العنف سواء كان ماديا او لفظيا ضد المربين فان وزارة التربية مدعوة اليوم الى البحث عن آليات ناجعة لتطويق هذه المعضلة لا سيما ان بعض الاطارات التربوية اضحت اليوم لا تؤدي رسالتها على الوجه المطلوب لاسيما فيما يتعلق بفرض الانضباط داخل القسم حفظا "لماء الوجه" . صحيح ان ظاهرة العنف ضد الإطار التربوي ظاهرة متشعبة ومعقدة وتتداخل فيها عديد العوامل والاسباب لكن من المهم جدا ان يجتمع كافة المعنيون والقائمون على المنظومة التربوية لفك شيفرة هذه الظاهرة وبلورة آليات ناجعة تعيد من خلالها المكانة المرموقة التي كان يحظى بها سابقا المدرس. ولعل الندوة الي ستتولى الجامعة العامة للتعليم الأساسي باتحاد الشغل تنظيمها تحت عنوان "لا للعنف ضد المربيات والمربين" قصد اعطاء إشارة انطلاق الحملة الوطنية لمقاومة العنف ضد المربين تمثل فرصة للجلوس والتباحث وفتح قنوات الحوار بين كافة الفاعلين في المنظومة التربوية على ان تكون مٌخرجاتها ناجعة وفعالة في اعادة الاعتبار لقيمة ومكانة المربي. في هذا الخضم لا يسعنا إلا التاكيد على ان تواصل انهيار قيمة ومكانة المربي يعكس في جوهره انهيارا لقيمة ومكانة المؤسسات التربوية العمومية كصرح للمعرفة كما يعكس فشلها في تربية الناشئة وتكوين اجيال على اسس وقواعد سليمة. فالمطلوب اليوم تظافر جميع الجهود حتى لا يتحول المعلم من مربّ الى مجرد ملقّن للمهارات والمعارف... منال حرزي