نظرت أمس الدائرة القضائية المختصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بنابل في جلسة ثالثة في قضية الشهيد رشيد الشماخي – قتل تحت التعذيب بمقر فرقة الأبحاث والتفتيش بنابل سنة 1991 – وتضمنت لائحة الاتهام فيها 33 متهما بينهم المخلوع ورئيس فرقة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بنابل سنة1991 ومدير المستشفى الجهوي محمد الطاهر المعموري بنابل سنة 1991- بحالة فرار - والصادق شعبان الذي كان يشغل زمن الحادثة مستشارا لدى رئيس الجمهورية وعبد االله القلال وزير داخلية في تلك الفترة ومحمد علي القنزوعي مدير عام المصالح المختصة بوزارة الداخلية في تلك الفترة و طبيبان ورئيس الفرقة المركزية الأولى للأبحاث والتفتيش بالعوينة سنة 1991 وآمر الحرس الوطني حينها ومدير ادارة الأبحاث والتفتيش للحرس الوطني بالعوينة سنة 1991 ومرشد بفرقة الأبحاث والتفتيش للحرس ومدير ديوان سابقا للمخلوع وأحد المستشارين السابقين لبن علي ووكيل جمهورية سابقا وقاض سابق وقد وجهت لل"كوادر" الأمنية المحالة في القضية تهم التعذيب الناجم عنه الموت والقتل العمد المسبوق بجرائم الايقاف التعسفي والاغتصاب والتعذيب الناجم عنه الموت وايقاف واحتجاز شخص دون اذن قانوني فيما وجهت للمخلوع ووزرائه والطبيبين تهمة المشاركة في جل هذه الجرائم كما وجهت لاطارين أمنيين تهمة الاعتداء الجنسي والاغتصاب باستعمال العنف ممن لديه السلطة واستغلاله لنفوذ وظيفته ووجهت لبقية الاطارات الأمنية المحالة في القضية تهمة المشاركة في ذلك، وقررت المحكمة تأجيلها الى جلسة 29 مارس 2019. وفي جلسة أمس حضر متهمان في القضية وهما وكيل جمهورية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية سابقا وقاضي تحقيق سابقا بنفس المحكمة فيما لم يحضر بقية المتهمين. استنطاق وباستنطاق المتهمين في خصوص التهم المنسوبة اليهما تمسكا بانكارها جملة وتفصيلا وقد ذكرالمتهم الأول وهو قاضي تحقيق سابقا بمحكمة قرمبالية تعهد بالبحث في قضية الشهيد رشيد الشماخي سنة 1991 أكد أن الشهادة الطبية التي تضمنها ملف القضية أكدت أن وفاة الشهيد كانت طبيعية لذلك كان توجهه نحو حفظ ملف القضية مؤكدا عدم علمه بأن الشهيد توفي تحت التعذيب أما وكيل الجمهورية سابقا بمحكمة قرمبالية فأكد خلال استنطاقه أنه أذن حين وفاة الشهيد سنة 1991 بفتح بحث تحقيقي يتعلق بالقتل العمد مع سابقية الاضمار لكشف ملابسات وفاته وأكد أنه تعرض لضغوطات لغلق ملف القضية لكنه لم يرضخ لها ولكن تم حفظ القضية لاحقا من قبل قاضي التحقيق لغياب أدلة تؤكد وجود التعذيب وأضاف المتهم أنه كان ضحية لمساعدي الضابطة العدلية وكذلك لوزراء "بن علي" واعتبرأنهم"غلطوهم" كما ترحم على روح الشهيدين فيصل بركات ورشيد الشماخي وأدان التعذيب الذي تعرض له الشهيدين ووصفها بأفعال لا يقوم بها الا "النازيين" نظرا لوحشيتها وتمسك بانكار التهم المنسوبة اليه. ملف مفقود وقررت المحكمة اثر استنطاق المتهمين تأجيل النظر في القضية باعتبار ان جذور استدعاء المتهمين لم ترد بعد وكذلك لمكاتبة المحكمة الابتدائية بقرمبالية لاستفسارها عن مصير الملف التحقيقي الأصلي لقضية الشهيد رشيد الشماخي والذي يعود الى سنة 1991 والذي اختفى و"فقد" في ظروف غامضة حينها ويبدو انه تم تسليمه الى رئاسة الجمهورية حينها. شهادة تاريخية.. وكان وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بقرمبالية الذي تم سماع أقواله أمس ذكر في شهادته خلال الأبحاث انه بتاريخ 31 اكتوبر 1991 وردت على كتابة ابتدائية قرمبالية برقية رفقة ضلع محضر تفيد وفاة شخص وهو الشهيد رشيد الشماخي وذلك بمستشفى نابل ونظرا لعدم قيام الباحث الابتدائي بما يوجبه القانون من اعلام اذ تم ايداع البرقية وضلع المحضر بعد خمسة ايام من وفاة الشماخي لذلك اذن بفتح بحث تحقيقي مع العلم وان البرقية وضلع المحضر ضمنا بدفتر الانابات ودفتر ضبط الحرس وقد تفطن أحد المساعدين الى ذلك اذا كان من المفروض توجيه برقية اعلامية في تاريخ الاحتفاظ بالهالك واعلامهم بحالته الصحية حتى يتسنى لهم اتخاذ ما يقتضيه القانون ولقد اذن بفتح بحث تحقيقي من اجل القتل العمد مع سابقية القصد والاضمار وتم حفظ القضية استنادا الى التقرير الطبي الذي تمت اضافته فيما بعد. وفي صائفة 1992 طلب منه من قبل وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية حينها استقبال وفد من المنظمة العالمية لحقوق الانسان فقام باستقبال وفد يتركب من ثلاثة أشخاص وكانت تترأسه امرأة استفسرت عن سير القضاء بولاية نابل وعلاقة النيابة العمومية بالضابطة العدلية فأعلمها انذاك انه ليس للنيابة رقابة مباشرة على اعوان الضابطة العدلية الا في حدود ما يقدم من محاضر وليس لها الحق في الرقابة الادارية وتطرقت الى موضوع الشهيد فيصل بركات فبسط عليها وقائع القضية استنادا الى اوراق القضية عندها اعلمته وان اطباء شرعيين اسكتلنديين تابعين لمنظمة العفو الدولية درسوا التقرير الطبي الصادر عن الطبيبين المسخرين في القضية وانتهوا الى ان وفاة بركات كانت بفعل فاعل ونتيجة تعذيب عندها اطلعها على احكام الفصل 121 من المجلة الجزائية وتلاه عليها فاستغربت من وجود نص قانوني يسمح بالقيام بذلك وعلى اثر تلك الجلسة تم استدعاؤه من قبل وزير العدل الصادق شعبان والذي طلب منه الحضور رفقة حاكم التحقيق وجلب الملف التحقيقي الخاص بالشهيد فيصل بركات وبحلوله بوزارة العدل وقع استقباله من قبل وزير العدل الذي كان بمكتبه وكيل الدولة العام مدير المصالح العدلية فأطلعهما على فحوى المقابلة مع وفد منظمة العفو الدولية وقد علق وزير العدل الصادق شعبان انذاك بقوله "فرحت بيهم برشا" فيما علق وكيل الدولة بقوله" لماذا فتحت بحث تحقيقي وكان عليك الحفظ ولا وجه للتتبع ومن هنا فصاعدا فان هذه القضية وقضية رشيد الشماخي لا يمكنك اتخاذ اي قرار الا بعد الاذن لك" واعلمه ان هناك منظمات حقوقية وبعض من المعارضة التونسية تريد الاساءة الى تونس في المحافل الدولية وقد توجه وكيل الدولة العام باللوم لحاكم التحقيق عن صيغة القرار الذي اتخذ في خصوص الحفظ لعدم التوصل لمعرفة الجاني واضاف ان منظمة العفو الدولية قدمت تقرير اختبار طبي يطعن في مصداقية الاختبار الصادر عن الطبيبين المسخرين ورغم ذلك فقد أشار عليه وكيل الدولة العام بمواصلة التحقيق كما طلب من حاكم التحقيق تكليف ثلاثة خبراء وذلك للوصول الى نتيجة فنية حول التقرير الطبي الصادر عن الطبيبين المسخرين والتقرير الطبي الصادر عن منظمة العفو الدولية وبعد مدة ورد عليه التقرير الطبي الاخير وذلك عن طريق الوكيل العام للجمهورية حينها واستأنف التحقيق وقد جاء في تقرير الخبراء الذين تم تعيينهم ان ما توصلت اليه اعمال الخبراء الاجانب لم يكن مؤسسا على ادلة فتم حفظ القضية باعتبار انه لا وجه للتتبع وخلال سنة 1994 احيلت عليه عريضة من قبل الوكيل العام للجمهورية وردت من منظمة حقوقية على وزارة العدل وطلب منه الوكيل استئناف التحقيق لظهور ادلة جديدة وهي العريضة التي كانت تحتوي على تصريحات شهود فاذن بفتح تحقيق للمرة الثالثة وبعد اجراء الابحاث من قبل قاضي التحقيق اتخذ قرار بالحفظ لعدم وجاهة التتبع باعتبار ان التصريحات الصادرة عن الشهود نفت ما ورد بالعريضة وكذلك لعدم تطابق تواريخ ايقافهم. وفي سنة 1992 استقبل رئيس لجنة حقوق الانسان واجرى معه جلسة بمقر المحكمة وقد اعلمه هذا الاخير بان هناك قضيتان محل متابعة دولية وهما قضية الشهيد فيصل بركات والشهيد رشيد الشماخي وفي نفس السنة تقدم محام بعريضة دون مؤيدات طالبا استئناف التتبع لظهور ادلة جديدة فتولى قبول العريضة وتضمينها وباعلام وكيل الجمهورية العام طلب منه عدم القيام بأي اجراء ريثما يتم اضافة المؤيدات والاطلاع عليها والاذن باتخاذ ما يجب الا ان المحامي المذكور لم يقدم المؤيدات وفي سنة 1992 اجري تفقد من قبل مساعد المتفقد العام حول ما نسب له وحاكم التحقيق من تعاطف مع الاسلاميين وقد علم بذلك بعد انتهاء مهام رئاسته للنيابة العمومية بقرمبالية. فاطمة الجلاصي