كشفت الأستاذة زهراء بن سعيد المراكشي رئيسة قسم طب وإنعاش الولدان بمستشفى شارل نيكول بالعاصمة انه يولد كل يوم في تونس حوالي 50 طفلا مبكّرا جديدا، أي قبل انقضاء نهاية الشهر الثامن من الحمل، بمجمل يناهز 20 ألف ولادة مبكّرة في السنة وهو ما يتطلّب عناية مركّزة وجهودا مضنية لإنقاذهم، في رعاية كاملة لا تنتهي إذ تتواصل باستمرار حتى بعد مغادرتهم للمستشفى. ويتيح الاحتفال يوم 17 نوفمبر من كل سنة باليوم العالمي للولادة المبكّرة فرصة التعمق في بحث هذه الظاهرة والاهتمام بمضاعفاتها والحث على مزيد التفاني في انقاذ الأطفال المبكّرين ممّا يتهددهم من مخاطر حياتية. ويبذل الفريق المتعدّد الاختصاصات في قسم طب وإنعاش الولدان بمستشفى شارل نيكول كل يوم أقصى الجهود لتوفير أحسن الخدمات للحفاظ على صحة هؤلاء المواليد حتى يضمن لهم أحسن حظوظ في صحّة مستقبلية سليمة من الأمراض والمضاعفات لهذا الوضع الخاص للولادة المبكّرة. وإحياء لليوم العالمي للولادة المبكرة، انتظم اول امس بمستشفى شارل نيكول على الساعة العاشرة صباحا لقاء بين الفريق الطبي والشبه الطبي والإداري (الذي يقوم على رعاية هؤلاء الأطفال) من جهة، ومن جهة أخرى قدماء الأطفال السابقين لأوانهم وعائلاتهم والذين تقدموا بصفة متفاوتة في العمر بما يمثل أحسن حافز لهذا الفريق الصحي ويحثّ المسؤولين والمجتمع المدني للاهتمام بإشكالية النهوض والعناية بالأطفال المولودين مبكرا من أجل إيجاد كل الحلول الممكنة والناجعة. وعن اسباب الولادة المبكرة فهي نتاج عدة وضعيات تحيط بالمرأة الحامل تشكل عوامل اختصار للولادة المبكرة، منها: - سنّ الأم تحت 18 أو فوق 35 سنة - التدخين والكحول - حمل التوائم وخاصة أن التطور الكبير لتقنيات الإنجاب بالمساعدة الطبية قد ضاعف نسبة الحمل بأكثر من جنين وهو سبب هام في الولادات المبكرة. - حصول ولادة مبكرة سابقا - الظّروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، كذلك الإجهاد النفسي أو الجسدي سواء كان مرتبط بظروف العمل أو بظروف عائلية - بعض الحالات الصحية الخاصة للأم التعريف والاهتمام بهذه الأسباب يمكّن من تركيز عناية خاصة يمكنها أن تحدّ من ظاهرة الولادة المبكّرة. انعكاسات من جهة اخرى الولادة المبكرة هي سبب هام من أسباب الوفيات والأمراض لدى الأطفال حديثي الولادة بسبب عدم اكتمال الوظائف الحيوية عند المولود قبل أوانه، في أغلب الحالات العناية بهذه الولادات المبكّرة تتطلّب إقامتهم بأقسام مختصة في طب الولدان وبوحدات الإنعاش. وقد تستمرّ الإقامة بالمستشفى أسابيع أو أشهر في بعض الحالات. بعد مغادرة المستشفى تتواصل العناية الخاصة والمختصة للمواليد السابقين لأوانهم لعدّة سنوات حتى يقع التفادي بالتقصي والتشخيص المبكر لبعض الإعاقات للحد من تأثيرها على نمو الطفل خاصة على مستوى: السمع، النظر، الحركة العضوية، النطق، القدرة على التركيز والتعلّم. ما هي أهم الإشكاليات المرتبطة بالولادة المبكرة في تونس؟ كما هو الحال في أغلب البلدان، فإن الولادة المبكرة في تونس تحتل المراتب الأولى في أسباب الوفيات عند الولادة وإن نسبتها في ارتفاع متزايد لعدّة أسباب: - نسق الحياة الحديثة المرتفع المشط مع نمط العيش والظروف المهنية الصعبة. - ارتفاع نسبة الحمل المتعدّد بتأثير المساعدة الطبية على الإنجاب - وبصفة انعكاسية، فإن تحسّن مردود طب حديثي الولادة زاد في نسبة الولادات المبكرة حيث يلجأ أطباء النساء والتوليد الى اختيار الولادة المبكرة قبل أن يزداد تعكّر الحالة الصحية للأم أو للجنين سواء بفعل أمراض الأم أو أمراض تمس الجنين. إن الولادة المبكّرة تشكل في تونس معضلة كبرى على مستوى الأخلاقيات والتعامل الطبي مع هذه الحالات. فعدم توفّر طاقة الاستيعاب الكافية للأطفال حديثي الولادة في القطاع العام يجبر عدة عائلات للالتجاء إلى القطاع الخاص للعناية بأطفالهم ذوي الولادة المبكرة، إلا أن تكاليف الإقامة بوحدات الإنعاش مرتفعة جدا ولا تدخل تحت تغطية الصناديق الاجتماعية دون أن تكون هناك إمكانية اللجوء للمؤسسات العمومية حيث وحدات الإنعاش للمواليد تجد صعوبات جمة وعويصة تتعارض مع احتياجات الولادات التي تتم في هذه المستشفيات العمومية.