سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شارع القناص: فسحة العين والأذن يؤمنها: الهادي السنوسي.. ثلاثي التعب في إعلام العجب: زراعة الأنغام والاتهام.. الشكشوكة المنوّعاتية.. والبذاءة.. الإبداعية!!
هل سنصبح معشر الصحافيين ملزمين بإرفاق نصوصنا بملاحق تفسيرية حول المقاصد والاسلوب؟.. ان ما يدفع الى طرح هذا السؤال هو ما نتعرض له احيانا من تعسف في التأويل من قبل فئة من المتابعين الذين يذهبون بعيدا عن لب الموضوع للدخول في متاهات الاتهامات التي تندرج في ثقافة «التقطيع والترييش» التي عمت فضاءاتنا وغطت حواراتنا. بين الحق والباطل.. سوء الظن.. وإني إذ أقول ما أقول في هذا الشأن اصر على التوضيح بانني من اشد الدعاة الى نقد النقد على ان يكون ذلك في اطار من الموضوعية التي تحترم النص وصاحبه. ويؤسفني ان اؤكد ان فئة من القراء وحتى من الاعلاميين يخطئون في فهمهم للنقد ويخلطون بينه وبين الشتيمة والاتهام.. وهذه الفئة تنقسم الى صنفين احدهما يذهب عن حسن نية في اتجاه خاطئ لعدم المامه بالموضوع وتفرعاته وغاياته.. اما الثاني فيهتم اصحابه باقتناص الظاهر من المفردات ليصنع منها حدثا يستحق المعالجة.. لكن باي اسلوب وباي اخلاق! هؤلاء يعجزون عن ادراك الاعماق الصافية ولا يجدون حلا لجهلهم إلا بالسباحة في البرك الملوثة ليفصحوا عن مكنونات صدورهم التي ينخرها الحقد والحسد والضغينة العمياء. ويلتحق بهذين الصنفين شق اخر من المجرورين الذين يندفعون وراء افعال الاخرين دون وعي او فهم لما يحدث وذلك جريا منهم وراء التمظهر في صورة العارفين بالأمور مثل الاخرين.. ومثال ذلك تلك التي كتبت ما كتبت عن حكاية «تحرش» ولما سألها بعض مخاطبيها عن التفاصيل اجابت بانها لا تعرف اصل الموضوع وستسأل لتجيبهم! هكذا!! ولكن الادهى من كل ذلك ان يسير وراء هؤلاء الهدامين البعض ممن يدعون المعرفة والإدراك لينساقوا وراءهم في ما ذهبوا اليه بعيدا عن التثبت والموضوعية! وهذا يعيدني الى سؤال البداية.. هل على الكاتب ان ينبه القراء والمتابعين الى الاسلوب المتوخى من قبله او ان يرفقه بشروح ضافية لمراميه ومقاصده؟ يبدو ان بعضهم يدفعون الى مثل هذا ولكن لن نفعل ذلك وسنكتفي بالكتابة لمن يفهمون.. اما من لا يفهم فله ان يتعلم من ذوي العقول الراجحة او ان يكتفي بندب خده ولطمه على غرار تلك العالمة الكبيرة التي تعرف حقيقتها وتتغاضى عنها بالتطاوس ومحاكاة مشية غيرها وهي افرغ من فؤاد ام موسى! ولن اشرح اكثر ولكل قارئ من هذا النص ما فهم.. واذا لم تبلغ كلماتي فهمك فاتركها الى فجر اخر (جبران خليل جبران). «معبوكة» المنوعات لم اجد كلمة تؤدي بالضبط ما تتضمنه كلمة «معبوكة» اي تلك المتاهة التي دخلتها المنوعات التلفزية ولم تقدر على الخروج منها على امتداد سنوات عديدة. فبعد ان بقيت تلك البرامج المنوعاتية مدة طويلة حاملة للطابع الخطابي (نسبة الى المرحوم نجيب الخطاب) اي تتحوز على طرف من كل شيء.. حول المعنيون وجهتهم الى المنوعات الغنائية باعتبارها الحمار القصير الذي يركبه كل من هب ودب دون عناء او تعب! وليتهم رغم اليسر الذي يتيحه ذلك النوع من البرامج زادوا في اجتهادهم ليسبغوا عليها ولو النزر القليل من الخصوصية. فالملاحظ اليوم وخلال السنوات الاخيرة ان تلك المنوعات وحدت صورتها واتفقت رغم اختلاف اصحابها وخلافاتهم على تصور نمطي يشكل القاسم المشترك بينها. كلها تعتمد استضافة فنان (غالبا ما يكون من اهل المغنى) في جلسة حوارية لا حرارة فيها وتتخللها بعض المداخلات الغنائية المتبوعة بأسئلة بلا طعم ويودع الضيف بعبارات «برافوا.. يعطيك الصحة».. وهكذا دواليك.. وتمضي بنا منوعاتنا الى فضاءات ضيقة تحبس الانفاس وتصدع الرأس والمذيعة تردد مرحبة بنا في منوعتها الافضل والاجمل والاحلى.. وتبقى تجتر «الشكشوكة» الأمسط! لست ادري ان كانوا يشاهدون تلفزات العالم وما تقدمه شرقا وغربا من منوعات موسيقية.. أو لم يلاحظوا كيف يجتهد اصحابها في استنباط اشكال جديدة للفرجة الغنائية؟! لقد تمكن بعضهم وبإمكانات ووسائل بسيطة لا تتجاوز اريكتين وطاولة من شد المشاهدين من خلال محتوى غني بالبهارات الجذابة الخلابة. ان ما ينقص اصحاب منوعاتنا هو الاجتهاد لانهم يميلون الى فعل السهل ويعجزون عن تخطي السائد والمستهلك المعاد. وكيف لا يحدث هذا فمنوعات يسند اعدادها واخراجها واحيانا حتى تقديمها للفرد الواحد يجمع بين عدة اختصاصات تتطلب تكوينا ودراية ومؤهلات خاصة! وفي النهاية لماذا الاصرار والعناد على ان تظل المنوعات حكرا على الاشخاص أنفسهم بما يعطيهم الإحساس بانهم يتمتعون بحصانة وهمية والحال ان الحصانة الحق لا يوفرها الا العمل الناجح والاجتهاد المثمر. بذاءة الابداع! انا لا افهم لماذا طفت على السطح مجددا نغمة حرية الإبداع لكأنما الابداع لم يكن موجودا حتى أصبح سلاح أصحاب الفكر التقدمي ونخب المثقفين الجدد القادمين على مراكب «الترهويج» الخلاق! انا لم افهم ذلك لان تلك الحرية والحديث فيها وعنها موجودان منذ وجد الانسان فكل الابداعات الانسانية انما هي نتاج لحرية الفكر والممارسة. فلماذا يعود اذن الكلام بشأن ذلك في السنوات الأخيرة بالذات؟ لقد استعاد الجدال حول حرية الابداع حضوره من خلال استشراء بعض المظاهر التي برزت هنا وهناك وفي مجالات مختلفة بتحديها لبعض الضوابط الاخلاقية والنواميس الاجتماعية. وكانت الانطلاقة على خشبة المسرح من خلال بعض الاعمال التي استبطنت بعض المضامين التي بدت قريبة من الإباحية وان لم تكن بالإفصاح فبالإيحاء والإيماء. ثم كانت الانزلاقة نحو الفضاءات السمعية البصرية حيث اصبحت الاذن تسمع ما لم تتعود والعين ترى ما لم تألف.. فكان من الطبيعي ان يثير ذلك ردة فعل لدى الجمهور الذي اصطدم بتأويلات وشروح تنظّر لإزالة كل العراقيل المعنوية والمادية امام زحف «البذاءة الابداعية» بتعلة حرية الابداع والتعبير وعدم الخلط او الربط بينهما وبين الاخلاق والضوابط الاجتماعية! وهنا يكمن السؤال الجوهر: هل ان حرية الابداع حرية مطلقة؟ والى اي حد يمكن اعتبار الخروقات الاخلاقية من باب الحرية؟ ان الموضوع يتطلب تشريحا وثيقا وتحليلا عميقا.. ولكن ومهما كان التوق إلى الابداع الحر فانه لا مناص من توفير ضمانات ادبية حتى لا يفقد المجتمع ثوابته الأخلاقية والحضارية وخصوصيته.. ولا اعتقد ان الابداع لا يكون الا بهدم كل المقومات الجمعية والفردية ولا يمكن ان يكون حرا الا من خلال قمعه لحرية الاخرين في تحديد الضوابط التي تسير العلاقات بين مختلف المكونات الاجتماعية. اننا لا نحتاج الى البذاءات لإثبات حريتنا بقدر ما نحتاج حرية الفكر المستنير واللسان النظيف المنير.. «هي بيدها!» السبت قبل الماضي صادف ذكرى وفاة المغفور له بإذنه تعالى الصديق العزيز بشير المنوبي المصور الصحفي الذي جاب العالم طولا وعرضا واصبح اشهر من نار على علم. عرفت هذا الرجل الطيب منذ سنواتي الأولى في عالم الصحافة.. وشاءت الصدفة الجميلة ان نسافر معا الى طرابلس لتغطية الادوار النهائية لكأس افريقيا للأمم في كرة القدم التي دارت في ليبيا الشقيقة سنة 1982. كان الوفد الصحفي يتركب من اسماء معروفة اذكر منها بشرة ومحدثكم (عن جريدة البيان) والمرحوم نجيب الخطاب وعبد الحميد بن حميدة (جريدة لاكسيون) والطاهر بن عمر (جريدة العمل) ورضا علي النجار (جريدة الصحافة) وحسن المزوغي (جريدة لابراس).. ان لم تخني الذاكرة.. وبمجرد وصولنا طرابلس التف حولنا الجمهور.. وكيف لا وبيننا نجمان.. بشير المنوبي الذي طبقت شهرة قبعته الافاق ونجيب الخطاب الذي يجر معه نجاحات الفريق الوطني في الارجنتين 1978 ونجاحاته الشخصية كمعلق. في ليبيا كان المرحوم يتمتع بشهرة واسعة وله العديد من الاصدقاء وكان يشكل همزة الوصل الناجعة مع كل الدوائر هناك.. فكان يسهل عمليات التنقل كما ساهم بقوة في حصول الوفد الصحفي التونسي على مجانية الاقامة والاعاشة خلافا لبقية الوفود. وكان المرحوم نقي السريرة مرحا طول الوقت وقام بدور فعال في اضفاء اجواء شيقة على سهراتنا الليلية في غرفتنا المشتركة بيني وبين نجيب الخطاب وخاصة بعد التحاق كل من زهيرة سالم وتوفيق الناصر اللذين اقاما في النزل نفسه حيث نقيم. وقد عرف عن بشير حسن المعاشرة كما انتشرت قولته الشهيرة «هي بيدها».. اما اذا لم يعجبه امر ما فيقول: «يامي»! رحم الله بشرة فهو مقيم بيننا بإرثه الفني الغزير الذي يشكل الذاكرة الصادقة لرياضتنا في مختلف الاختصاصات البركة في من خلفه من الابناء.. بشرة دائما في القلب. زقزقة. راقد *قال معلق قناة «الكأس»: الشيخاوي يسجل بالرأس.. يسجل بالقدم.. يسجل وهو يجري يسجل وهو يمشي.. يسجل وهو واقف!.. ** قالت العصفورة: ..ويسجل وهو راقد.. وقريحة المعلق تتفتق.. شيء ينطق!..