خصت الاستاذة بسمة رتيمي «الصباح الأسبوعي» بتحليل حول دور عدالة الاشهاد في حماية الاقتصاد الوطني جاء كما يلي: «في إطار التعريف بمؤسسة عدالة الإشهاد ودورها الوطني في إنقاذ البلاد من الوضع الذي تردت فيه من انهيار اقتصادي وعجز الميزان التجاري وارتهان لصندوق النقد الدولي جعلت من حياة المواطن جحيما يوميا يصطلي فيه ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ... فعدل الإشهاد هذا المأمور العمومي المفوض من الدولة والذي من المفروض أن يكون له وحده صلاحية تحرير جميع الالتزامات والاتفاقات والمعاملات التي تبرمها الأطراف والسلط عن طريق الكتب الرسمي أو الحجة العادلة التي هي وحدها غير القابلة لأي طعن من الطعون إلا بدعوى الزور وهي وحدها الكفيلة بحفظ حقوق المتعاملين بها بما توفره من ضمانات قانونية على عكس الكتب الخطي المحرر من غير عدل الإشهاد. كما يحفظ الكتب الرسمي أو الحجة العادلة حق الدولة في استخلاص الأداءات الجبائية فعدل الإشهاد هو جامع ضرائب بامتياز عن طريق ما يخوله له القانون من تقنيات عملية ناجعة لا يمتلكها سواه من محرري الكتب الخطي وهي ما يلي: أولا: يمسك عدل الإشهاد إلزاما جريدة شهرية تضمن بها كل محررات عدل الإشهاد خلال شهر كامل من العمل وتضمن بالجريدة مجموع المعاليم القارة التي اقتطعها العدل لفائدة خزينة الدولة عن كل محرر خاضع لمعلوم التسجيل القار وقدره 25د هذا فضلا عن 13 % أداء على القيمة المضافة و5د طابع جبائي على كل صفحة من صفحات دفتر العمل وعلى كل المحررات المسلمة للحريف والناقلة للملكية العقارية . ثانيا: يمسك عدل الإشهاد إلزاما مقتطع بطاقات النقل وهي تقنية فعالة لا يمتلكها سواه من محرري الكتائب الخطية فكل عملية عقارية ناقلة للملكية تعمر فيها وجوبا بطاقة نقل تسلم للحريف للتوجه بها إلى القباضة المالية المختصة ودفع حق الدولة من الجباية في تلك العملية الخاضعة لمعلوم التسجيل النسبي الذي هو مبدئيا6% ويمكن أن يزيد عن ذلك كما يمكن أن ينقص على ذلك ولا يمكن تسليم العقد للحريف إلا بعد الاستظهار بوصل الخلاص. وبطاقة نقل ثانية تسلم إلى مكتب مراقبة الأداءات في نفس تلك العملية العقارية. وبذلك يوفر عدل الإشهاد لدولته قاعدة بيانات عن جميع العمليات العقارية وعن قيمها. وهذا خطب عظيم لما له من نجاعة في مقاومة تهريب وغسيل الأموال. وحتى تتبينوا أن عدالة الإشهاد جادة في تقديم البديل عن المديونية والارتهان للصناديق عبر ضخ أموال طائلة من الجباية لخزينة الدولة أسوق لكم دراسة قام بها الأستاذ فرج العموري عدل اشهاد مفادها أنه لنفترض أن 350 بلدية في تونس تعرف بإمضاء الكتائب الخطية بمعدل 400 كتب أسبوعيا أي 140 ألف كتب شهريا بمعلوم 750 مي على الكتب الواحد لتصل مداخيل الدولة إلى 105 مليون دينار فقط شهريا .بينما نفس 140 ألف كتب المحررة بالكتب الرسمي والخاضعة فقط للمعلوم القار وقيمته 25د مع 5 د طابع جبائي دون احتساب الأداء على القيمة المضافة وهي 13 % لوحدها قادرة على ضخ ما يفوق 4 مليارات شهريا لخزينة الدولة. وهذا أقل شيء قادر على تقديمه عدل الإشهاد لفائدة خزينة الدولة. لأن الرقم سيكون أكبر بكثير وكثير جداً بالنسبة لعقود نقل الملكية الخاضعة لمعلوم التسجيل النسبي الذي هو 6 % مبدئيا من قيمة العقار والتي فيها التسجيل وجوبي لا يقبل التلاعب والعملية العقارية شفافة مكشوفة للإدارة يمكن مراقبتها في صورة التنصيص علي قيمة منخفضة للعقار وفي صورة التهرب من التسجيل حتى تمر 10 سنوات لينتفع الطرف المتهرب من المعلوم القار. وهذه أساليب متاحة في الكتب الخطي الذي هو قناة فساد موازية يحتمي بها الفاسدون والفساد. واضرب لهم مثل الرئيس المخلوع وعائلته وأصهاره واحتمائهم بالكتب الخطي لنهب كل ما عنا لهم من عقارات ومكاسب وآثار علكم تذكرون الدينار الرمزي وتهريب المكاسب وتبييض الأموال والتهرب الجبائي الذي مارسه هؤلاء الفاسدون في جنح الكتب الخطي الذي يطمس الشفافية المالية ويتستر على المتهربين من الجباية أو حتى المتقاعسين. والكتب الخطي تاريخيا أوجدته الحماية الفرنسية في تونس لتسهيل التفويت في الأراضي التونسية لفائدة المستعمر أمام رفض عدول الإشهاد زمنها تحرير عقود نقل الملكية العقارية لفائدة الأجانب وكان دورا وطنيا بامتياز سجلته عدالة الإشهاد في تاريخها الوطني الناصع. ويبدو أن الوطنية تضرب لنا موعدا آخر مع التاريخ حتى نكون مساهما فعليا في تقديم البديل للسياسات الاقتصادية الفاشلة للحكومات المتعاقبة ولإنقاذ البلاد من المديونية وتخفيف عبء غلاء المعيشة والتهاب الأسعار على المواطن.