تعقد الجمعية التونسية لقانون التأمين اليوم ندوة تتعلق بمحور «تأمين الجوائح»وهو نوع من التأمين غير متعامل به في تونس باعتبار أن ما يعرف بالكوارث الطبيعية الكبرى أمر غير متعارف عليه في تونس التي لم تشهد في تاريخها سوى بعض الأحداث الطبيعية الكبرى آخرها الفيضانات الأخيرة التي أضرت خاصة بجهة الوطن القبلي. حول هذا المنتدى ومفهوم الجوائح والتأمين في هذا المجال كان ل«الصباح» هذا اللقاء مع الأستاذ عبد الطيف مامغلي رئيس الجمعية. هل من فكرة حول ماهية تأمين الجوائح؟ أولا يجب التفريق بين الكارثة الطبيعية والتي تتمثل في حدث مُفاجئ يعطّل سير الحياة في المُجتمعات، وغالباً ما يسبّب خسائر فادحةً، سواء كانت هذه الخسائر بشريّةً، أو ماديّةً، أو بيئيّةً، أو اقتصاديّةً. حيث تتعدّد أشكال وأنواع الكوارث الطبيعيّة، ويُمكن تقسيمها إلى: كوارث جيوفيزيائيّة ومنها الزلازل، والانزلاقات الأرضيّة، والتسونامي، والنشاط البركاني. وكوارث مناخيّة ومنها موجات الحرّ، والحرائق، والجفاف، والأعاصير. وكوارث هيدرولوجيّة مثل الانهيارات الجليديّة، والفيضانات. والكوارث البيولوجية مثل الأمراض والأوبئة، والحشرات الطُفيليّة... أما الكوارث الناجمة عن عمل الإنسان فهي تلك الناتجة عن الإهمال والخطأ مثل الفشل الهندسي، وكوارث النقل، أو الكوارث البيئية. أو الكوارث الاجتماعية مثل الأعمال الإجرامية والتدافع، وأعمال الشغب والحرب. لكن يبدو أن التأمين على الجوائح نظام غير معمول به في تونس؟ الندوة التي تعقدها الجمعية التونسية لقانون التأمين اليوم، الهدف منها محاولة شرح ماهية الجوائح الكبرى على غرار الزلازل والفيضانات والبراكين والتسونامي وغيرها. هذا الكل ينبغي أن يكون واضحا في ذهن المؤمن أي شركة التامين وفي ذهن المؤمن له الذي يجب أن يكون عارفا بالضمانات التي يمكن أن يتحصل عليها كما يجب أن يعرف متى لا يمكن العمل بتلك الضمانات باعتبار وجود حدود للضمان واستثناءات له.. كما أن شركة التامين يجب أن تعرف هي بدورها التكاليف في صورة حدوث كارثة حتى تعرف مدى قدرتها على القيام بواجباتها من حيث التغطية أم لا في صورة حصول الضرر. وبالتالي من الضروري أن تكون لديها الإحصائيات ذات العلاقة وهي شحيحة نوعا ما وبالأخص أن هذه النوعية من التامين غير معمول بها في تونس أو انه موجود بصفة قليلة في بعض تأمينات العربات والمساكن. والمشكل انه عادة المعامل والشركات لا تذهب إلى التامين على الكوارث مما يسبب لها مضرة كبرى في حالة حصولها. في تونس شركات التامين وخاصة بعد الفيضانات التي شهدتها بلادنا مؤخرا وخاصة جهة نابل، كانت تتوقع هجمة كبيرة من قبل طالبي التامين للتغطية على الجوائح لكن هذا لم يحصل.. وهل أن شركات التأمين التونسية بإمكانها تحمل تكلفة التعويض الكبرى في حالة حصول كوارث طبيعية؟ في ما يتعلق بقدرة شركات التأمين على تامين الجوائح والعقود الضخمة، فهذا صعب في تونس إلا إذا كانت هذه الشركات نفسها مؤمنة في الخارج في إطار إعادة التامين.. وشركات إعادة التامين الأجنبية لا تقبل عادة إبرام مثل هذه العقود إلا إذا كانت الأمور واضحة من حيث تبيان ما هي الأخطار الكبرى وحدود وشروط التامين واستثناءاته باعتبار أن للاستثناءات قيمة وأهمية.. وهذا هو موضوع الملتقى وهو تبيان ما هي الأخطار الكبرى وحدودها واستثناءاتها وإمكانية تغطيتها وهل شركات التامين التونسية قادرة على تغطيتها. هل يمكن أن يكون هذا التأمين إجباريا؟ نسعى أن يكون اختياريا وإنشاء الله يلقى الإقبال، وليكون إجباريا يجب أن تقبل به شركات التامين أولا لان التاريخ ينير الحاضر. ففي وقت ما وفي ما يتعلق بالمسؤولية العشرية والضمان العشري سنة 1988 تم إصدار قانونين خاصين بإجبارية التامين بالنسبة للمقاولين لكن لم يقع تطبيقهما لا من قبل المقاولين ولا من قبل شركات التامين رغم فرض عقوبات على المخالفين.. إلى حد إصدار قانون 1994 الخاص بالمسؤولية وبالتامين الإجباري بحيث التامين الإجباري صعب جدا. المهم التامين الاختياري يتم شرحه واستقطاب الحرفاء له ومن بعد وفي يوم من الأيام قد يكون هذا التامين إجباريا. والتأمين يمكن أن يكون جزئيا في مرحلة أولى، أي يقع في نطاق محدد مثلا على 20 بالمائة من الضرر يكون التعويض والبقية يتحملها صندوق ضمان المسؤولية. هناك شركات تامين بالتعاون مع الجامعة التونسية لشركات التامين والهيئة العامة للتامين تدرس إعداد مشروع يقدمانه للسلطات المعنية فيما يتعلق بالتامين الاختياري والتأمين الإجباري في بعض الحالات المحدودة جدا. مع العلم أن الندوة ستشهد حضور خبراء في الزلازل والجغرافيا وسيتم التركيز على الفيضانات أما الزلازل والبراكين فسنكتفي بمجرد الإشارة إليها خاصة أن بلادنا ليست منطقة زلازل وبراكين باستثناء جبل بوقرنين وهو بركان خامد منذ 500 سنة. باعتبار تكلفتها الباهظة، هل تقبل شركات التأمين التونسية بالتأمين ضد الجوائح؟ في العادة شركات التامين تتهرب من التامين من الزلازل لان الزلازل والفيضانات والبراكين تعد من الأخطار الكبرى، فعندما تحل تكون شديدة الوقع وعامة مبدأ التعويض هو تامين الكثرة لتعويض القلة لان الضرر لا يحصل إلا للقلة وإذا كانت التعويضات أكثر من المقابيض لا يمكننا الحديث عن تامين ولذلك إذا كانت هناك جوائح كبرى فان شركات التامين تتهرب منها مبدئيا. وهل يكون الحل في إعادة التأمين؟ إعادة التامين تتم في إطار نسبة معينة وأحيانا القيمة كاملة fronting مقابل عمولة. هناك إعادة التامين والتامين المشترك وهما وسيلتان يقوم بهما المؤمن (شركة التامين) الذي يرغب دائما في تامين أكثر ما يمكن. لكن في صورة رغبة مصنع في تامين نفسه بقيمة مالية ضخمة، فان شركة التامين تبحث إلى جانبها عن شريك يتحمل معها نسبة من التعويض في صورة حصول ضرر وهو ما يسمى التامين المشترك والطريقة الثانية هي إعادة التامين لدى شركة في الخارج وهو ما يكفل للشركة التونسية تامين جزء من الضرر لتغطي الشركة الأجنبية ما زاد عن ذلك.