❞وزير تجارة سابق دعّم رأسا مدبّرا لكلّ العمليات المشبوهة الحاصلة في قطاع المصوغ بجهة صفاقس❝ ❞ثراء فاحش لتاجر ذهب متجول خضع لمراقبة جبائية صورية حتى لا يكشف أمره❝ أقرّت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تقريرها السنوي لسنة 2017 أنّه بالرغم من احتكار البنك المركزي لعملية توريد الذهب الخالص وتوزيعه على الحرفيين فإنّ المتابعين للقطاع يؤكدون أنّ الكميات المعروضة تتجاوز بكثير ما يوفره البنك المركزي، مّما يُعزّز الشبهات بخصوص مصادرها ومطابقتها. وفي هذا السياق حقّقت الهيئة في شبهات فساد تخصّ هذا القطاع بموجب عرائض تقدّمت لها. وفي صدارة هذه العرائض شبهة تكوين شبكة تتولى صنع الطوابع وافتعالها واستعمالها وبيع مصنوعات تحمل علامات طوابع مقلدة. وبأكثر تفاصيل قالت الهيئة أنّها تعهّدت بمقتضى عريضة تتعلق بشبهة تورط مجموعة في شبكة للاتجار بالمصوغ المدلس وافتعال طابعه وذلك بتواطؤ عناصر أمنية بإحدى جهات مدينة المهدية. وكشفت العرائض الواردة على الهيئة في ذات الموضوع عن العديد من العصابات التي تتولى تزويد السوق بكميات من الذهب غير مطابق للمواصفات والعيار وافتعال طابعه وذلك بعلم من أمين الصاغة بإحدى مدن ولاية المهدية. والأخطر من ذلك وفق الهيئة، هو تورط بعض عناصر أمنية في تسهيل عملياتهم، كما جاء بالعرائض أن هذه المجموعات اختارت لها «السقيفة الكحلة» مكانا للانتصاب صبيحة كل يوم جمعة من طرف الباعة المتجولين وكذلك بالسوق الأسبوعية لإحدى المدن المجاورة كل يوم أحد. وأصبحت هذه الأفعال معلومة من طرف جميع العاملين في تجارة الذهب إلا أنهم غير قادرين على مواجهة رئيس المجموعة الذي يستغل نفوذه وعلاقاته مع جهات أمنية تجعله فوق المحاسبة والردع، كما سبق لهذا الأخير أن تدخل لفائدة أحد التجار قصد تسريح بضاعته من مصالح الديوانة بعد أن تمّ حجزها وذلك مقابل مبلغ مالي رشوة لأطراف من الديوانة. إلى جانب تدلس طوابع، كشفت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عمليات اتجار بالذهب دون رخصة والتزود بالمصوغ المدلس. فوفق عرائض مُقدّمة تمّ التبليغ عن مجموعة من الأشخاص المشتبه بهم وعددهم أربع أنفار يترأسهم شخص يتاجرون بالذهب دون رخصة ويتزودون بالمصوغ المدلس من مجموعة تجار حرفيين في هذا القطاع. وجاء في العريضة أن رئيس المجموعة يتولى التزود بالذهب المدلس من شخص ثان يستغل منزله بصفة سرية لتصنيع المصوغ المدلس واستعمال طابع مدلس قام بجلبه من الخارج. واستغل الفاعل الأصلي المشتبه به الأول أي رئيس المجموعة نفوذه لممارسة الضغط على التجار بالأسواق ولغض النظر عن هذه الممارسات انتحل عضو منهم صفة الخبير ليوهم عامة الناس بأنّ الذهب المعروض من قبل التجار معه سليم ومطابق للمواصفات. وقالت الهيئة أن رئيس المجموعة تولى رصد التحركات الأمنية في مكان انتصاب التجار لإشعارهم عند أي مداهمة، وله كذلك علاقات مع أطراف من سلك الديوانة، حيث قام بتسوية وضعية بضاعة أحد التجار المتجولين وتسريح بضاعة من الذهب المحجوز بدفع رشوة بقيمة 10 ألاف دينار. وذكرت عريضة ثانية تتعلق بنفس الأشخاص، أنّ الغشّ امتدّ ليطال طريقة الوزن والتحيّل على الحرفاء وتعمد المظنون فيهم أي الباعة المتجولون وزن قطعة المصوغ عديمة القيمة والمصنوعة من النوابض الحديدية أو كريات الجبس المرصعة ويتم احتساب السعر على أساس أنها من الذهب الخالص عيار 9 و18. كما وردت عريضة ثالثة مفادها نسبة شبهات ثراء فاحش لأحد المشتبه بهم صلب العرائض سالفة الذكر. وبدراستها تبيّن أنّه من بين عناصر المجموعة حيث خضع لمراقبة جبائية صورية لم تشمل جميع ممتلكاته حتى لا يكشف أمره. وقد باشرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أعمالها والتحري في خصوص العرائض الواردة صلب الملف وبادرت بمراسلة وزير الداخلية لإشعاره بتواطؤ جهات أمنية وطلب معطيات في الخصوص حول هويات هذه المجموعة وتحركاتها في الجهة. وتدعمت هذه الشبهات برد مصالح وزارة الداخلية ضد المظنون فيهم وتولت الهيئة بناء على ما توصلت إليه ختم الملف وإحالته على النيابة العمومية لمواصلة التحقيقات وإجراء التتبعات القانونية اللازمة ضدّ المظنون فيهم وكل من سيكشف عنه البحث من أجل ما نسب إليهم من أفعال تنضوي تحت طائلة القانون الجزائي. في نفس ملف قطاع المصوغ والأحجار الكريمة، كشفت الهيئة شبهات فساد بخصوص مسك واستعمال الطوابع المزيّفة والتجارة الموازية والاحتكار والتقليد والتهريب والتوريد خلسة وتزوير السجلات المخصصة للذهب المعدّ للتكسير تنسب إلى تجار وحرفيين في قطاع المصوغ بجهات تونسوصفاقس ومدنيين وقابس وسوسة وينشطون ضمن شبكات. وباشرت الهيئة أعمال التقصّي في خصوص الشبهات التي أثارتها العريضة، وتوصّلت إلى جملة من المعطيات التي تؤكدها وتدعم تورّط المظنون فيهم، من بينهم رئيس مكتب الضمان بتونس خلال الفترة من أواخر التسعينات إلى غاية شهر أوت 2015. فنسبت إليه معاملات مشبوهة مع تجّار وحرفيين تتمثّل في تمكينهم بطرق غير قانونية من إنجاز معاملات بأسماء غيرهم وبهويات غير صحيحة وبمسك دفاتر مدلّسة في خصوص الذهب المعدّ للتكسير وذلك بغاية إخفاء حقيقة حجم الكميات المشتراة والصيغ غير القانونية المعتمدة في استغلالها واستعمالها والتلاعب في الاتجار بها. كما وُجّهت إليه اتهامات بالتواطؤ مع الحرفيين في خصوص عدم إدخال كامل كميّات الذهب المعدّ للتكسير التي يشترونها إلى مكتب الضمان قصد تشميعها بما يمّكنهم من إخفاء الحجم الحقيقي لرقم معاملاتهم ويساعدهم على التهرّب الضريبي. وحسب المعلومات والإيضاحات الواردة على الهيئة، فإنّ المعني بالأمر يحصل على عمولات من قبل الحرفيين وتجّار المصوغ بمناسبة عمليات تشميع الذهب المعدّ للتكسير. ومن بين الشبهات المنسوبة للمظنون فيه، رفضه للإجراء المتعلق بالتعيير الثاني للمصوغ الخاص بإثبات العيار الحقيقي له بدليل أنّ المخبر الخاص بذلك كان مغلقا طوال فترة رئاسته لمكتب الضمان بتونس. إلى جانب رئيس مكتب الضمان بتونس، كشفت الهيئة أيضا تورط مجموعة من تجار المصوغ والحرفيين بتونس، على رأسهم أحد كبار تجّار المصوغ بسوق البركة الذي نسبت إليه شراء عدد كبير من سبائك الذهب والقيام بإدخال جزء منها إلى مكتب الضمان باسم تاجر متواطئ معه وقسط آخر باسم تاجر ثان. كما توّجهت له اتهامات بمسك دفاتر مدلسة تتضمن هويات غير صحيحة وذلك في خصوص المعدّ للتكسير، وجاء في العريضة وجود مظاهر الإثراء المشبوه على التاجر الكبير المعني بالنظر إلى قصر الفترة الزمنية التي أصبح يتعاطى خلالها مهنة الاتجار في المصوغ، حيث تنامت مكاسبه وخاصة عدد المحلات الراجعة له والمستويات العالية لأجور العاملين فيها. وقد توصلت الهيئة من خلال الأبحاث التي أجريت حول المعني أنه يتاجر في الذهب مجهول المصدر وأنه يترأس شبكة بتونس العاصمة تتكون من حرفيين وتجار تربطه بهم معاملات مشبوهة فضلا عن علاقته مع صاحب مصنع مصوغ ورئيس شبكة أخرى بمدينة صفاقس. بخصوص هذا الأخير، كشف التقرير السنوي للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن عريضة نسبت إليه شبهات تهريب الذهب إلى القطر الليبي والقيام بالتقليد مع جهات ليبية عن طريق أحد الحرفيين بجهة صفاقس والمتعاملين معه. وتبيّن حسب أعمال التقصي أن صاحب المصنع هذا يمتلك أيضا مصنعا غير مصرح به بليبيا وأنه يعرف بكونه المزوّد الرئيسي لولاية مدنين بالذهب والمصوغ. وورد بالعريضة أنّ المعني هو من يتولى التعامل مع الجهات الليبية في التقليد وتهريب الذهب بواسطة علب الشامية، كما نسب له الاتجار بالذهب المهرّب على النحو المذكور والذي يقع عرضه ليلا على الطريق العام. وبخصوص عضو آخر بشبكة آخر بشبكة صفاقس وهو تاجر للمصوغ وهو من كبار مهرّبي الذهب إلى القطر الليبيي يتولى توريد الذهب خلسة من تركيا وهو كثير التردد عليها وتتعلق به شبهات فساد في التعامل مع هذا البلد. وبخصوص تاجر سابق للمصوغ بجهة صفاقس والرئيس الحالي للغرفة الوطنية لصانعي المصوغ بالاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية فقد نُسب إليه أنه من الرؤوس المدبرة لكلّ العمليات المشبوهة الحاصلة في قطاع المصوغ بجهة صفاقس، وتعلقت به شبهات إدخال كميات كبيرة من الذهب المعدّ للتكسير باستعمال عديد الدفاتر التي هي على ملك تجّار وحرفيين آخرين وذلك بغاية التصريح برقم معاملاته الحقيقي وبالتالي التفصّي من دفع الضرائب المستوجبة، فضلا عن التقليد وبيع الذهب المغشوش مع شبكة صفاقس. وقد حظي المعني بدعم كبير من قبل وزير تجارة سابق الذي يواصل ارتباطه بعلاقات مشبوهة مع أفراد شبكة صفاقس عن طريق مكتبه كمحام.