يواجه قطاع «تجميع ورسكلة المعادن القديمة» الذي يعرفه التونسيون ب»الخردة» عدة إشكاليات تهدد وجوده. هذا القطاع يوفر بشكل مباشر او غير مباشر ما لا يقل عن سبعين الف موطن شغل. ولا يتوقف اسهام هذا القطاع في الجانب التشغيلي فقط بل تتجاوزه الى امرين هامين وهما دوره في المحافظة على البيئة وايضا في دعم الموارد من العملة الصعبة. ذلك ان تجميع ورسكلة المعادن القديمة يمثل مدخلا من اهم مداخل الحفاظ على البيئة وتخليصها من معادن انقضى زمن الانتفاع بها واصبحت مصدر خطر على البيئة اذ قد تتسرب منها افرازات مضرة بالارض والماء والانسان. والمعادن القديمة تشهد طلبا مهما خارج تونس وهو ما يجعل عملية تصديرها تدر مبالغ هامة من العملة الصعبة. وعملية التصدير تساهم ايضا في دعم موارد الدولة من خلال ما تفرضه من ضرائب واداءات تتمثل في 270 دينارا للطن الواحد. ولكن عوض ان تسهل الوزارات المعنية عمل مجمعي ومرسكلي المعادن المستعملة فانها تتجاهلهم وتضع امامهم عراقيل ما انزل الله بها من سلطان. وكانت «الغرفة الوطنية لتجميع و رسكلة المعادن القديمة « الناشطة صلب الاتحاد الوطني للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية تقدمت بعديد المراسلات منذ مارس المنقضي لوزارة الصناعة ووزارة التجارة وشركة «الفولاذ» تطالب فيها بالتسريع في الترخيص لمنظوريها بتصدير فواضل الحديد (الخردة) وقد تجاهل وزير الصناعة مراسلات الغرفة المتكررة لعقد جلسات عمل من شانها ان تمكن المهنيين من التعبير عن مشاغلهم ومن ايجاد حلول اصبح يعاني من مشاكل قد تؤدي الى انهياره دون ذنب من ابناءه. ذلك ان الانتاج الوطني من الحديد المستعمل يقدر بحوالي 300 الف طن سنويا تستوعب منها شركة «الفولاذ» 120 الف طن فقط و ذلك نتيجة عوامل متعددة (كراس شروط معقدة.. تدني الاسعار... المماطلة في الخلاص)... ومما يزيد في تعميق الازمة ان الشركة لا تستهلك سنويا الا 80 الف طن و لذلك لعدم قدرتها على تحويل كميات اكبر وهو ما ادى مع مرور الوقت الى تراكم مخزون من الحديد المستعمل يقارب 300 الف طن لدى الشركة لا تقدر على استغلالها وتفقد خصائصها الفيزيائية الى الحد الذي يجعلها غير صالحة للاستعمال وهو ما يمثل مشكلا بيئيا من ناحية واقتصاديا من ناحية اخرى لان الجميع يعلم تراكم عجز موازنات شركة «الفولاذ». ويواجه المجمعون نفس الإشكال اذ يتوفر لديهم مخزون يتعرض للتآكل ويفقد قيمته الفيزيائية والفنية ليصبح غير قابل للاستغلال. وتتضاعف معاناة المجمعين نتيجة الأساليب التي تنتهجها معهم شركة «الفولاذ» اذ تماطلهم في الخلاص وهو ما راكم مستحقاتهم لديها حاليا الى عشرة ملايين دينار وهو ما كان له اثر سلبي على جميع المزودين والمجمعين وجعلهم غير قادرين على الايفاء بتعهداتهم تجاه المزودين والعاملين لديهم. ولم تكن مطالب»الغرفة الوطنية لتجميع ورسكلة المعادن القديمة « تعجيزية او مستحيلة» بل تقتصر على مطالبة شركة «الفولاذ» بتشريكهم في تعديل كراس شروطها الحالي لما يتضمنه من فصول تعجيزية وتعسفية لم يعد معمول بها عالميا علما انه قد وقع الاتفاق سابقا على ان يتم الترفيع في سعر قبول الخردة كلما قامت الحكومة بالزيادة في اسعار المحروقات والاجر الادنى المضمون الا ان هذا الاتفاق لم يقع تطبيقه. كما تطالب الغرفة بان يقع تمكين منظوريها من التراخيص اللازمة لتصدير 100 الف طن من الحديد المستعمل سنويا علما ان الاحتكار الذي تفرضه شركة «الفولاذ» على تصدير «الخردة» والذي تعجز عن الايفاء به يحرم تونس من مداخيل قدرها 600 مليون دينار سنويا كعائدات تصدير و160 مليون دينار كاداء لخزينة الدولة. وما هو اهم ايضا ان تطهير القطاع وتنظيمه سيمكن من الحد من استيراد حديد البناء والحد من ارتفاع اسعاره وهو ما من شانه ان يحد من الارتفاع الجنوني في تكلفة البناء في تونس.