في تصريح إعلامي في شهر ديسمبر 2018، أقر وزير الصناعة سليم الفرياني بأن تونس تتكبد خسائر مالية ضخمة من جراء تراجع إنتاج الفسفاط الذي بلغ 9 مليون طن سنة 2010 في حين أنه لم يتجاوز 3 مليون طن سنة 2018، مما أثر على الطاقة التصديرية التي كانت 1500 مليون دولار في سنة 2010 بينما لم تتجاوز 500 مليون دولار سنة 2018. تراجع ملفت في حجم إنتاج الفسفاط، ما يدعو إلى ضرورة إعادة الإنتاج إلى ما لا يقل عن 6 مليون طن وفق تصريح وزير الصناعة، يبقى السؤال المطروح أية قرارات يجب اتخاذها لإنقاذ القطاع ومن ثمة الحلول الاقتصادية. أكّد الخبير الاقتصادي والمالي محمد الصادق جبنون في تصريح ل"الصباح الأسبوعي" أنّ "الصناعات الاستخراجية تراجعت ب13 بالمائة سنة 2018، والفسفاط اليوم يُعتبر كالعقدة في المنشار" وأضاف جبنون "للخروج من الأزمة الاقتصادية الراهنة لن يتمكن من العودة إلى مستويات الإنتاج السابقة، ففي السنة المنقضية لم يتجاوز الإنتاج 3 مليون طن بينما كان سنة 2010 في حدود 8 مليون طن وبذلك تمّ حرمان تونس من مداخيل تناهز المليار دولار سنويا" وبيّن "إنتاج الفسفاط كان يُغطي جزءا هاما من العجز في الميزانية ويُغنينا عن العديد من القروض التي تراكمت وبلغت 40 مليار دينار دون أثر على التنمية والتحكّم في العجز." وقال جبنون "في الأثناء سوق الفسفاط الدولي أصبح اليوم يُسيطر "المكتب الشريف للفسفاط" (المغرب الأقصى) الذي يتوجه إلى إنتاج 50 مليون طن في سنة 2020 ويتحكّم في أكثر من 70 بالمائة من سوق الفسفاط الدولية بما في ذلك حرفاء تونس القدامى، في نفس الوقت دخلت الجزائر الشقيقة على الخط بإنتاج سيُناهز ال10 مليون طن إضافة إلى الممكلة العربية السعودية والصين وعديد الدول الأخرى". من هنا يتبيّن أنّ عودة هذا القطاع إلى الإنتاج سواء في مثلثه التقليدي صفاقس، قفصة وقابس باعتبار المجمع الكيمياوي أصبح ضرورة حيوية لبداية التعافي الاقتصادي في سنة 2019 هذا مع ضرورة تفعيل مشروع المكناسي وستراورتان" وأوضح الخبير المالي والاقتصادي أنّه "صحيح الفسفاط التونسي ذو جودة عالية ويستطيع أن ينافس ولكن لابد من العودة إلى الإنتاج وتوصيله ومشتقاته إلى الحرفاء، فمن غير المعقول أن يتمّ توريد 100 ألف طن من الأسمدة للقطاع الفلاحي في تونس سنة 2018، بينما الفسفاط التونسي قابع ومكدّس دون أي استغلال" فأكّد أنّ "عودة هذا القطاع تتطلّب بداية فتح حوار جدي مع منطقة الحوض المنجمي بعيدا عن الأفكار القصواوية وباللامبالاة الحالية أو حلّ عسكرة الإنتاج (وهو حلّ خيالي وغير قابل للتنفيذ) وإيجاد صيغة للاستفادة من الإنتاج هذا من جهة" من جهة ثانية "لابد من إعادة هيكلة شركة الفسفاط والمجمع الكيمياوي وأيضا عن التخلي عن ممارسات سوء التصرف فيمكن نقل الفسفاط عبر القطار والأنابيب المضغوطة مثلما قام بذلك المغرب الشقيق في منطقة الجوش الأصفر، مما يُلغي التلوث البيئي وأيضا ممارسات سوء التصرف والفساد التي بيّنها تقرير دائرة المحاسبات وتقارير رقابية أخرى". وأضاف "على الصعيد الدولي يجب القيام بحملة ترويج للفسفاط التونسي ومشتقاته على أساس الاستدامة في الإنتاج والتزويد لأنّ هذه العقود لا يقع إبرامها لمدّة سنة وإنما هي عقود تستمر على مدى ثلاث سنوات ويكون فيها عامل الثقة أساسي بين المزود والحريف، إجمالا لابدّ أن يعود انتاج الفسفاط بطاقته القصوى في سنة 2019 لأنها مسألة حيوية في الاقتصاد التونسي". إيمان عبد اللطيف