تصريحات أولمرت الأخيرة التي استبعد فيها امكانية التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين بشأن القدس التي تعد خطا احمر بالنسبة للسلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني ككل تعيد الى الاذهان مرة اخرى مسرحيات ساسة اسرائيل في التهرب الدائم من كل الالتزامات والاتفاقيات وآخرها مؤتمر انابوليس ورؤية «السيد» جورج بوش وارادة المجتمع الدولي الذي يجمع على ضرورة اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدسالشرقية. محاولات اسرائيل المستمرة في التهرب من كل الاستحقاقات وكل التعهدات مقابل التزام الطرف الفلسطيني بها يذكرنا ب«أبولون».. هذا الاله الاغريقي الذي يرمز الى احترام القوانين والقواعد والتقاليد السائدة في المدينة وب«ديونيزوس» هذا الاله الغريق عن أثينا والقادم من الشرق في عدم احترامه للقوانين واختراقه المستمر لكل القواعد حتى الاخلاقية وما هو متفق عليه في المدينة. ان تصريحات أولمرت الى جانب كونها تتناقض مع تفاؤله في العاصمة الفرنسية خلال اطلاق الاتحاد من أجل المتوسط في 13 جويلية الجاري وتأكيده ان المفاوضات جدية وبان الطرفين لم يكونا قريبين بهذا القدر من التوصل الى اتفاق، فهي تتناقض ايضا مع تعهدات اسرائيل حيال المجتمع الدولي واستحقاقات أنابوليس. في الواقع ان مثل هذه التصريحات تعد استباقا في الحكم على الامور قبل نهاية العام، وتفقد عملية السلام مصداقيتها وجديتها وتؤكد مرة اخرى ان الحكومة الاسرائيلية غير جادة بالمرة في دفع عملية السلام وتتويجها باتفاق بنهاية الفترة الرئاسية الثانية لجورج بوش في جانفي 2009.. ليتواصل التسويف الاسرائيلي من جديد والتهرب من كل استحقاق من شأنه ان يحقن الدماء ويعيد الحقوق المستلبة الى اصحابها، بدءا بالاعتراف ان القدس ستكون عاصمة الدولة الفلسطينية المرتقبة. ولعل ما شجع اسرائيل اعتماد نهج المماطلة والاسراف في التهرب من استحقاقات السلام ما تشهده الساحة الفلسطينية من انقسامات وتوترات بلغت اوجها عقب تفجيرات غزة الاخيرة والتي تنذر بمزيد التوتر على الصعيد الفلسطيني الداخلي بشكل لا يخدم مصلحة أي طرف فصائلي ليبقى المستفيد الأكبر هو الاحتلال بالدرجة الاولى. فهل يعي الفلسطينيون ذلك بعيدا عن كل استقطاب وولاءات ضيقة؟