تطور التصعيد اللفظي بين القيادة الروسية وقيادات بعض العواصمالغربية وسلطات جورجيا.. وبلغ الى اروقة مجلس الامن الدولي والاتحاد الأوروبي.. ثم شمل البيت الابيض الامريكي والرئاسة الروسية الحالية والسابقة.. والمرشح الجمهوري للانتخابات الامريكية ماكين الذي صعد انتقاداته الى موسكو بسبب ملف جورجيا ولوح بطرح ملف استقلال الشيشان وبقية الجمهوريات ذات النزعة "الانفصالية".. فيما اتهم الرئيس الروسي السابق ورئيس الحكومة الحالي بوتين الجمهوريين الامريكيين بمحاولة التاثير على الناخب الامريكي عبر ترجيح كفة احد المرشحين للرئاسة الامريكية.. كما اتهم القوات الامريكيةوالغربية بالمشاركة الى جانب القوات الجورجية في حرب الاسابيع الماضية بجورجيا وابخازيا واوسيتيا الجنوبية.. وإذ نفت واشنطن بقوة الاتهامات الروسية وصعدت انتقاداتها الاعلامية لموسكو.. فان الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي عدلت أمس لهجتها تجاه قيادة الكرملين.. ونفت أن تكون تعتزم تقديم مشروع لفرض عقوبات أوروبية ضد روسيا بسبب ملف جورجيا وجمهوريتي أبخازيا وأوسيتيا اللتين اعترفت موسكو باستقلالهما عن جورجيا.. وقد سبق أن نسبت مثل تلك التهديدات الى الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي عند دعوتها الى قمة أوروبية طارئة الاثنين القادم.. ويعد تعديل الموقف أمس مؤشرا اضافيا على حرص مختلف الاطراف على "التهدئة".. وعلى تجنب مختلف سيناريوهات توسيع دائرة التوتر جغرافيا أو تضخيم حجم "المواجهة" العسكرية والسياسية الروسية الغربية.. وفي كل الحالات فان المسؤولين الروس أنفسهم أعلنوا أن الخلافات بينهم وبين بعض القوى الاطلسية لا يعني حرصهم على بدء "حرب باردة جديدة".. وإذ تبدو واشنطن منشغلة بحروبها المعقدة في العراق وافغانستان وصراعاتها مع ايران والسودان والعواصم والحركات السياسية المعارضة لسياستها في المشرق العربي.. فان الاتحاد الأوروبي والمؤسسات الاقتصادية الامريكية العملاقة وحلفاء الطرفين في اليابان والصين لا يمكن أن يغامروا بمزيد تعقيد الازمة السياسية الحالية مع موسكو بسبب جورجيا لعدة اسباب من بينها حاجة الجميع الملحة للمحروقات الروسية وللتعاون الامني والسياسي والعسكري مع موسكو خاصة في افغانستان والباكستان والخليج.. كما يدرك الجميع ان الامكانيات المالية لروسيا التي خسرت الحرب الباردة لاسباب اقتصادية ومالية ليست مؤهلة اليوم اقتصاديا للدخول في سباق تسلح جديد.. قد تتضرر منه اقتصاديات الدول الاطلسية لكن المتضرر الاول فيه سيكون الاقتصاد الروسي.. وهو ما يفسر دعوات الديبلوماسيين الروس والامريكيين والأوروبيين أمس الى "التهدئة".. رغم المناوشات العلنية في مجلس الامن بين السفيرين الامريكي والروسي.. فلا حرب باردة ولا ساخنة بين العمالقة عسكريا في ظل اختلال ميزان القوى الاقتصادي الدولي الكبير..