تونس الصباح: شهد القطاع التجاري في تونس جملة من التطورات الهامة والحديثة على مستوى المعاملات .. وتنوعت مظاهر البيع وتسليم البضاعة .. وتسابقت المؤسسات التجارية في آدائها وتعاملاتها مع الحرفاء سواء كانوا مواطنين عاديين أو مؤسسات وإدارات.. والمتابع لحركة السوق في هذا المجال خاصة خلال السنوات الأخيرة يدرك طرق التعامل التي توختها المؤسسات الكبرى من خدمة ما بعد البيع، إلى التعامل عن بعد عبر الإنترنات وكذلك جملة المجالات الأخرى التي يوفرها البريد في هذا المجال. كل هذا يمثل تطورا هاما في العلاقات التجارية العامة، لكن هناك هنات في هذه التعاملات مازالت قائمة خاصة في مجال خدمات ما بعد البيع، حيث مازال الاستخفاف بالحريف من حيث مواعيد إيصال ما اقتني من معدات، ومازال تركيبها يخضع أيضا لشروط وتوظيف مصاريف لا تكون في الحسبان، ومازالت مجالات الضمان أيضا فضفاضة ولا يمكن اعتمادها عند الاقتضاء. فكيف السبيل إلى سد جملة هذه الثغرات لتكون التعاملات شفافة، وترتقي خدمات ما بعد البيع إلى المستوى المطلوب؟ المشهد التجاري العام وخدمة ما بعد البيع خدمة ما بعد البيع ليست في الحقيقة جديدة على المجال التجاري في تونس، فهي من الأساليب التجارية التي قامت وتقوم عليها العلاقات التجارية منذ القدم باعتبارها نمط تعامل بين عديد المؤسسات في ما بينها أو بين المؤسسات والمواطن الحريف. وبتطور المجالات الاقتصادية والصناعية والتجارية في البلاد عرفت هذه الخدمات تطورا كبيرا، خاصة مع ظهور عديد المعدات والتجهيزات التي أفرزتها الصناعة التونسية أو التي ترد علينا من الخارج وتتولاها شركات خدمات ونيابات لبعض المؤسسات العالمية ذات الشهرة والانتشار الواسع، مثا المجال الالكتروني بكل أنواع معروضاته سواء الكهرومنزلية أو الالكترونية والكهربائية كما أن مشهد التجارة الداخلية في تونس الذي باتت سوقه واسعة وهامة ولا تختلف عما هو معمول به في البلدان المتقدمة أفرز مظاهر جديدة في المجال التجاري وتعاملات أخرى خاصة بظهور المساحات التجارية الكبرى ذات المبيعات المختلفة والمتعددة الثقيلة والخفيفة، وطرق تعاملاته العصرية في المجال. أيضا تنامت الحركة التجارية بظهور عديد المؤسسات الصناعية والتجارية في آن واحد، ومختصة في صناعاتها وتتولى توزيعها بنفسها عبر خدمات تخصصها للمجال التجاري في ترويج بضاعتها. كل هذا ارتقى بالمشهد التجاري في تونس، وطوره بشكل بارز، وارتقى به الى مستويات هامة، وذلك بفضل التقدم الصناعي في البلاد وقدرته على الاستجابة إلى متطلبات السوق الداخلية ، والمواطن بشكل خاص. فلم تعد هناك حاجة إلى الترقب الطويل لحصول هذا الشيء أم ذاك، باعتبار تعدد المؤسسات الصناعية والتجارية، وبلوغ مرحلة تنافس حادة بينها في الفوز بالحريف باعتماد أساليب خدماتية وحوافز لجلبه. المشهد الصناعي والتجاري المتطور لا يكفي وحده يصف بعض المتعاملين في القطاعين الصناعي والتجاري مشهد السوق بأنه بلغ مرحلة متقدمة من النضج والتطور، وبات يستجيب وبسرعة للطلب، كما يرون في مشهد السوق القدرة لا على تغطية الحاجيات الوطنية فحسب، بل بلوغه مرحلة تسمح له بربط قنوات تعامل واسعة ومتعددة في مجال التصدير لعديد أنواع الإنتاج التونسي. كما أنهم يرون أن الثورة الاتصالية التي شهدها القرن الواحد والعشرين، قد استغلتها تونس أحسن استغلال، وأمنت من خلالها نشاطا تجاريا واسعا سواء داخل البلاد أو خارجها. ويدللون على ذلك بجملة الصفقات اليومية التي تتم في البلاد عن بعد، وبخصوص عديد المواد والإنتاج المتنوع. ويبرزون أيضا تطور المؤسسات واعتمادها الكامل تقريبا على الوسائل الاتصالية الحديثة التي تؤمن جملة من الخدمات التجارية بأسرع وقت ممكن. إن كل هذه الجوانب حاصلة وتحصل يوميا في الإدارة والمؤسسة الصناعية والتجارية التونسية على حد السواء، وهي تعكس التطور الذي عرفته البلاد، وترتقي بالعاملات اليومية وبنسق نشاط السوق وتطوراته وحداثته أيضا، لكن هناك مظاهر جذب إلى الوراء مازالت قائمة في التعاملات التجارية اليومية، وهي تعكر صفو الحريف، وتؤلمه في بعض الأحيان، كما انها نابعة من بعض العقليات التي مازال أصحابها غير مقتنعين بجدوى التقدم، والالتزام بمتطلبات المرحلة في التعامل التجاري والتي من شأنها أن تكسب ثقة الحريف، باعتبارها سندا أساسيا في التعاملات. وأبرز هذه المظاهر التي مازالت لم ترتق بعد إلى مستوى التعاملات التجارية العصرية تلك التي تتصل بخدمات ما بعد البيع وما ينتج عنها من خلافات يومية تصل إلى حد القضاء في عديد الحالات. فرغم تطور المشهد التجاري وظهور المساحات التجارية الكبرى، والمؤسسات الصناعية المختصة، والنيابات التي تعرض شتى أنواع التجهيزات الإلكترونية العصرية الموردة من الخارج، وسرعتها في أتمام عملية البيع، فإن مرحلة ما بعد البيع التي تتصل بإيصال السلع المشتراة، وتركيبها ووضعها قيد النشاط مازالت لا تحترم من طرف جل المؤسسات تقريبا. فإذا اقتنيت تجهيزات منزلية من مؤسسة مختصة، أو مساحة كبرى فعليك أن تترقب أياما طويلة لتصلك سلعتك، وعليك أن تعود للإتصال بالمؤسسة مصدر البيع عديد المرات. وليس هذا فقط، بل كثيرا ما تجد نفسك في حالة ترقب طويل للفنيين الذين سيتولون تركيب مقتنياتك، وعليك في هذا المجال أن تشحذ هممهم ببعض المال .وقد تقوم بهذا كله، وتفاجئ في الأخير بعطب في تجهيزاتك الجديدة، نتيجة عدم احترام شروط وضعها قيد العمل، أو أنك أمام مماطلة فني الشركة التي باعتك البضاعة تلجأ إلى طرف آخر لتوليه مهمة تركيبها أو إيصالها إلى محلك، لكن لا تنسى أن في هذه الحالة تكون المؤسسة التي باعتك البضاعة في كل عطب، حتى وأن كان ذلك قبل انتهاء مدة الضمان. ولئن لم نأت على ذكر كل مظاهر التسيب والإستخفاف وعدم احترام الحريف والضرب عرض الحائط حتى بشروط التعامل التي ينص عليها القانون في مجال خدمات ما بعد البيع وشروطها، مثل ضرورة تسليم وثائق الضمان عند البيع وختمها على وجه الخصوص، والتي كثيرا ما تتغاضى عليه الشركات التجارية عن قصد، فإن مجال خدمة ما بعد البيع مازال يتطلب مجهودات كبيرة قانونية وتشريعية للارتقاء به إلى مستوى ما بلغته السوق التجارية من تطور وسرعة في تعاملاتها اليومية. ولعلنا في هذا الجانب لا نملك نتيجة بعض المظاهر التي مازالت تحصل في كل يوم، ويعاني منها المواطن على وجه الخصوص، سوى دعوة السلط المسؤولة إلى الإسراع بوضع كراس شروط جديد ومتطور يحدد شروط خدمات ما بعد البيع لتفادي كل ما من شأنه أن يضر بهذا الطرف أو ذاك.