شهد القطاع التجاري تطورا سريعا خلال العشريتين الأخيرتين فتعزّزت مساهمته في التنمية الإقتصادية من خلال نموّ الإستثمار والتشغيل والمساهمة في الرفع من آداء قطاعات الإنتاج الفلاحي والصناعي استجابة لتطوّر أنماط الإستهلاك تبعا لتفتّح السوق التونسية وانصهارها في السوق العالمية والإقليمية وخاصة الأورومتوسطية وبالنظر للتحوّلات التي شهدتها تجارة التوزيع والتغيّرات المرتقبة نتيجة التقدم في تحرير المبادلات التجارية مع الخارج والمفاوضات الجارية مع عدد الشركاء لمزيد تحرير تجارة المواد الفلاحية والخدمات تمّ إعداد مشروع قانون جديد لتنظيم تجارة التوزيع يتضمّن أحكاما جديدة تهدف بالإضافة الى إعطاء دفع جديد لتجارة التوزيع وتحديثها تحقيق التوازن بين مختلف المتدخلين في السوق. وقد كرّس هذا المشروع من جديد مبدأ حرية ممارسة التجارة وأدخل بعض المرونة بخصوص القطاعات الخاضعة لكراس الشروط بحذف القائمة المسبقة بإعتبار إمكانية بروز أنشطة تجارية جديدة حسب تطوّر السوق. ومن جهة أخرى وبهدف تحديث التجارة وخاصة منها التجارة الصغرى وتحسين جودة الخدمات المسداة والمنتجات المعروضة والمحافظة على مصالح المستهلكين تمّ التنصيص على ضرورة توفّر الشروط الفنية لدى تاجر التوزيع بالنسبة لبعض الأنشطة التي تستدعي ذلك وتوفير خدمات ما بعد البيع وقطع الغيار وذلك حسب ما جاء في منظومة حماية المستهلك. كما نصّ مشروع القانون لأول مرة على تنظيم ممارسة تجارة التوزيع بالتجوال وعلى تنظيم التظاهرات التجارية بالبلاد التونسية وذلك في الإطار التشريعي والترتيبي في مجال احتواء ظاهرة التجارة الموازية من جهة وتحسين المشهد التجاري في المدن والقرى وتطويره من جهة أخرى. إضافة الى أنه تمّ إقرار أحكام تتعلق بإخضاع المراكز التجارية التي تفوق قاعدة بنائها عند تركيزها أو بعد توسعتها 3000 م.م أو التي تفوق مساحة قاعدتها المعدّة للبيع 1500 م.م الى ترخيص مسبق يسند طبقا لأحكام الفصل 11 من مجلة التهيئة الترابية والتعمير. وإحداث لجنة وطنية للتجهيز التجاري يعهد إليها النظر في مطالب الترخيص لإحداث المراكز التجارية والمساحات التجارية الكبرى المنصوص عليها بالفصل 11 مكرر من مجلة التهيئة الترابية والتعمير. تشجيع الآليات العصرية للتوزيع يعتبر نظام الإستغلال تحت التسمية الأصلية La franchise إطارا مشجّعا لتطوّر التجارة الصغرى العصرية سيما وأن هذا النمط يمكّن من مجابهة منافسة المساحات الكبرى ويتميز بالنجاعة في مستوى التصرف والتسيير مع التركيز على جودة المنتوجات والخدمات المسداة للمستهلك. ويوفّر نظام الإستغلال تحت التسمية الأصلية عدة إيجابيات سواء لفائدة صاحب العلامة (الإنتشار بالسوق بأقل التكاليف) أو لفائدة مستغل العلامة (ضمان ترويج المنتوج بناء على صيت العلامة والضغط على التكاليف) ولذلك تمّ إدراج عنوان لمشروع القانون يهدف الى التعريف بعقود الإستغلال تحت التسمية الأصلية وتأطيرها وهو يتضمن ضبط إلتزامات وحقوق الأطراف وضبط الشروط الواجب توفرها في العقد. كما أتاح مشروع القانون لكل شخص طبيعي أو معنوي إمكانية إحداث مركزية شراء قصد شراء منتجات لحساب تجّار التوزيع المنخرطين بها بأسعار وشروط تنافسية وتضبط إلتزامات الأطراف خاصة فيما يتعلق بنسبة العمولة الواجب دفعها للمركزية بمقتضى عقد كتابي.
العلاقة بين المزوّد وتاجر التوزيع تبعا للتطوّرات التي شهدها القطاع التجاري بصفة عامة وأساليب التوزيع العصرية بصفة خاصة برزت علاقات جديدة بين الموزعين وخاصة المساحات الكبرى والمزوّدين تعرف بعلاقات التعاون التجاري. وتشمل هذه العلاقات تقديم المزوّدين لتخفيضات في الأسعار أو تسهيلات في الدفع مقابل عمليات إشهارية وتحتسب الإمتيازات الممنوحة للموزع كأرباح ولا يقع أخذها بعين الإعتبار عند إحتساب سعر البيع النهائي للمستهلك. ولتدعيم شفافية المعاملات التجارية بين المنتجين والموزعين وضمان التوازن بين التجارة الكبرى والمنتجين تمّ التنصيص ضمن مشروع القانون على خلاص المزوّد من قبل تاجر التوزيع في أجل أقصى حسب طبيعة المنتوج وإخضاع الخدمات بعنوان علاقات التعاون التجاري الى فوترة مستقلّة عن فاتورات الشراء