تونس - الصّباح: إذا كان هناك من موسم يمكن أن يكون فيه للقنوات التلفزيونية العربية - عامة - وللتلفزة التونسية خاصة موعد مع الامتحان بحيث يكرم فيه هذا الجهات الاعلامي جماهيريا أو يهان فهو بالتأكيد شهر رمضان المعظم... ففي رمضان ترتفع نسبة الاقبال العائلي على مشاهدة التلفزيون... وفيه يتحول عموم المشاهدين إلى «نقّاد» وحكّام فتصبح لهم مما تقترحه عليهم تلفزتهم الوطنية «مواقف» وآراء قد تختلف وحتى تتناقض أحيانا فيما بينها ولكنها بالتأكيد لا تجانب الصواب - عادة - خاصة إذا ما حصل حولها الاجماع... فالحسن من البرامج التلفزيونية هو - غالبا - ما أجمع الجمهور على استحسانه والقبيح والسيء والفاشل هو ما استقبحه الجمهور... جمهور النظارة. في اليوم الأول ولأنه لا يمكن ، ولا يجوز - بأي حال من الأحوال - أن نصدر حكما نقديا قاطعا على انتاج برامجي تلفزيوني ما خاصة اذا ما كان في شكل مسلسل درامي أو سلسلة هزلية أو وثائقية أو سلسلة حصص منذ حلقاته الأولى... واعتبارا لأن غالبية الانتاج البرامجي التلفزيوني الرمضاني هو من هذا النوع فإننا سنكتفي في هذه الورقة برصد أولي ل«الصورة» التي بدت عليها عموما المادة البرامجية على الفضائية «تونس 7» في اليوم الأول من رمضان. هجمة اعلانية شرسة! أولى الملاحظات التي تتبادر إلى ذهن المتابع لما اقترحته الفضائية «تونس 7» في اليوم الأول من رمضان لا بد أن تحوم حول غزارة المادة الاعلانية التي تتخلل المادة البرامجية والتي تأتي اما لتقطع على المشاهد متابعته لأحداث مسلسل «مكتوب» في حلقته الأولى أو لتثقل عليه انتظاره لما سيلي من برامج. والواقع أن هذه الهجمة الاعلانية الشرسة التي طبعت جانبا من المشهد البرامجي الرمضاني على الفضائية «تونس 7» في يومه الاول لا بد من اعادة النظر فيها بغاية ترشيدها على الاقل مراعاة لحقوق المشاهدين فالفضائية «تونس 7» هي قناة رسمية جامعة وليست قناة مملوكة لخواص أو ذات بعد اشهاري. المشهد في مضمونه هذا عن المشهد البرامجي التلفزيوني في جانبه الشكلي، اما في جانب المضمون فالملاحظة الاولى تتعلق بما يمكن ان نسميه بالنقلة النوعية التي عرفتها الفقرة الدينية الرمضانية على الفضائية «تونس 7»... ذلك ان هذه الفقرة الدينية الهامة والمفصلية بدت منذ اليوم الأول من رمضان دسمة ومتنوعة ومطولة نسبيا فهي تمتد على مساحة زمنية تزيد عن 50 دقيقة يوميا وهذا في حد ذاته يعد تحولا مقارنة بما كان عليه الحال في السنوات القليلة الماضية حيث لم تكن هذه الفقرة تشتمل سوى على حديث ديني وتلاوة قرآنية فأذان المغرب.. أما في رمضان هذا العام فتجدها قد انطلقت في يومها الاول في الساعة السابعة و13 دقيقة وتواصلت الى غاية الساعة الثامنة و5 دقائق وقد اشتملت تباعا على الحديث الديني «قيم خالدة» فبرنامج «خلق القرآن» فالتلاوة القرآنية ثم أذان المغرب والدعاء، فبرنامج «من أسماء اللّه الحسنى» فحديث الشيخ محمد مشفر. أما في الجانب الآخر، جانب الدراما والسلسلات الهزلية وغيرها فالمشهد لم يبد مغريا في يومه الأول. فسلسلتي «اعطيني وذنك» و«قهيوة عربي» الهزليتين - مثلا - وعلى الرغم من اختلاف الشكل فهما تنتهيان معا الى سلالة» الكاميرا كاشي المستهلكة... ثم ان الحلقة الاولى من كل واحدة منهما توحي بأنه سيكون هناك الغث وسيكون هناك السمين وانهما في كل الحالات لن تكونا الحدث التلفزيوني الرمضاني لهذا العام. مكتوب... يا مكتوب! لنأت الآن لمسلسل «مكتوب» وهو العمل الدرامي التونسي الجديد المبرمج على امتداد شهر رمضان على الفضائية «تونس 7»... الحلقة الأولى من هذا المسلسل الذي يقدم له اصحابه (المؤلف الطاهر الفازع) و(المخرج سامي الفهري) بأنه «دراما تعالج علاقة الرجل بالمرأة وتتطرق بجرأة لقضية العنصرية والتمييز وتسلط الاضواء على مشاكل الانحراف والجريمة وصراع الطبقات الاجتماعية في اطار احداث مشوقة تتداخل فيها مشاكل الحب والعشق بالخيانة والكراهية وتمتزج فيه المصالح المتناقضة بالقيم النبيلة وتختلط العواطف والأحاسيس بالرغبة في الانتقام..» دللت بالفعل على انه عمل «متحمس» لأن يقول «كل شيء» الى درجة ان الحلقة الاولى منه بدت محشوة وبسذاجة بكل أشكال «البهارات» الدرامية شكلا ومضمونا!!! غير ان مشكلة هذا العمل - ودون السقوط في اصدار الاحكام المسبقة - تبدو قائمة في صلب خطابه الدرامي ذاته الذي يتوهم اصحابه - ربما - بأنه جريء بينما هو سوقي ومباشر أكثر من اللازم بما يجعل منه خطابا لا فنيا بالمعني الابداعي.